نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1781 - 2006 / 12 / 31 - 10:38
المحور:
الادب والفن
مات كزار حنتوش ، قبل ان يبدأ عام جديد لثمالة أخرى . مات أسعد رجل في العالم . مات من كنت أسميه ( جاك بريفر العراق ) ..النحيف ، المرتعش ، الطيب ، صاحب القصيدة المدهشة بمحليتها وبرائتها وومضتها الساطعة .
مات كزار حنتوش . الديواني الذي تصاهر مع الشطرة من خلال رغبة الشعر ولذة السماع ، حين قال لي مرة ونحن نهم بالذهاب لخطبة ( رسمية ) زوجة له من إهلها في الشطرة : لقد دخل شعرها قلبي قبل أن يدخل وجهها ذاكرة العشق التي جعلت من الناصرية بيتا ثانيا لي .
يومها كنا نفطر سوية في بيتنا بعد سهرة أصر فيها أن ينام في فضاء صيف حديقة اتحاد الادباء في الناصرية ، حين سألته عن المال الذي يملكه مهرا لها .
قال : فقط قولوا لها أن في خزائنه لاجلها كوشراً من القصائد النبيلة وستقبل بي مباشرة .
وفعلا قبلت به رسمية وتحملته ، وحياته التي اقترنت بسعادة الكأس وطيبة القلب وهاجس الدهشة الذي ظل يلازم نمط الشعر الذي كان يكتبه كزار بفرادة وتميز وفيه تأثير كبير من روح القصيدة الشعبية .
مات صاحب ديوان أسعد رجل في العالم .
كزار حنتوش . فتى جاء من كوكب زحل ولم يأت من سلالات عفك والشنافية والحمزة والشامية .
جاء ليطبع على المشهد الثقافي العراقي روحا من رؤى الومضة والابداع والمثاقفة والأيجابية ، وكان بعض نكهة المرابد والملتقيات . وكانت لصعلكته الجميلة ميزتها لينظر اليها بمحبة واحترام وحنان ايضا ...
كان حنتوش قصيدة بذائقة المكان الجنوبي ، تشعر معها بمناخات الروح المتمسكة بميثولوجية ما انتمت اليه ، حقول الشلب ، واسواق الكرفس ، ومشية اهل الريف ، وبساطة الحب .
قصيدته تراكيب صعبة لعالم بسيط وسهل ، وهو حتما عالم الفقراء والبسطاء والاشتراكيون .
موته . افقدنا صورة الفناها وعشقناها ، ومازحناها بالمودة والسُكر والموسيقى .
انه شكل متفرد لكتابة الشعر وللسيرة الذاتية .
يذهب ولايأتي مثيل له .
ولهذا نفقد كزار حنتوش بمرارة . ونبكي من اجله بدموع تملئ سلة عنب .
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟