نعيم عبد مهلهل
الحوار المتمدن-العدد: 1771 - 2006 / 12 / 21 - 12:09
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
توسعَ الحزن في العراق ..تعدد الموتُ في العراق . وبين دجلة والفرات نهر ثالث من الدمع . وأود أن أشقَ نهراً رابعاً من الأمل أن تنطفئ جمرة القلب العراقي وبدلها تضيء نجمة من حنين البلاد الواحدة . البلاد التي خلقها الله من حرف مسماري وأودعها عندنا لنديم بها بهاء الزقورات ، فلم يدام فيها سوى بهاء الحروب والسيارات الرباعية الدفع وفلسفات زحفت الينا من كهوف توروبورو ..والقائمة تطول ..فالكل له في العراق أجندة . ولا نقاء في كل هذه الأجندات سوى وطنية الرغيف التي تضيء في عيون العراقي الفقير . عراقي بطاقة التموين ، وهوية التقاعد ، وبيرية الجيش ، ومنجل حقل الشلب ، وميزان حاصل البطيخ ...
العراق ..قمر المنزل وكلمة العشق وقدح الدارسين وموكب عزاء أربعينية أبي عبد الله ، وحلقة الذكر الروحية بمقام السهروردي .
العراق ( النخلة ، سمكة الشبوط ، شهداء الربايا ، طباشير الصف ، دمعة الله ، حمامة الجواهري ، رسالة العشق ، ونايات هولير ، وعود الملا عثمان الموصلي وموسيقى الله يخلي صبري ..صندوق أمين البصرة ) ..
تطوف به محنة عجيبة ، ويمارس فيه الموت رقصات باليه بشتى السمفونيات ( الصحفيون ، الأطباء ، ضباط الجيش ، رؤساء العشائر ، أصحاب المخابز ، وبنات الجامعة ، موظفو الدوائر ، سواق الكيات وركابها ) الكل عرضت للقتل اليومي .
من يقتلهم ( الشبح طبعاً ) ..
ومن أي جنسية هذا الشبح ( لاأحد ينطق بها ، فالكل يتردد عن إشارة الأصبع ليقول : ذاك الذي يقتل ، ذاك الذي يبيع حلوى الموت ) ..
وهكذا تكبر دائرة الأسى ، ومعها تكبر دموعنا .
ويتيه الحلم العراقي كما تيه جلجامش لحظة شعوره بفقدان الخلود .
تُرى ( هل فقد العراقي خلوده مثل جلجامش) وعاد الى قناعة القدر إنه واقع تحت تأثير البيت الشعري الآتي :
مشيناها خطاً كتبت علينا ....................ومن كتبت عليه خطاً مشاها ..
وياليتها من خطوات تعيسة وحزينة تلك التي يمشي بها العراق اليوم .
مشاهد لاتحصى من مراثي نعوش الفقراء وهم يلتجئون الى الجوامع والحسينيات لتعيريهم ( الة الحدباء ) كي يمشوا معها الى آخر لحظة أرضية لمن يفقدونهم ( أباء ، أبناء ، أعمام ، أخوال ) ..
وهكذا ..هي جمرة القلب ، حمراء كدمع الحزين على حبيبه ، جمرة تحترق بنحيب الثكلى والعاصمة والمغدورين . يقاطعها دعاء الى الرب إن يُقصرَ عمر المحنة في جسد هذا الوطن ، وأن يُعيدَ له البهاء والكبرياء ، وأن يَضعَ العقل كله في رؤوس ساسته وحكمائه وأباطرته .
وإلا ..سنبقى في التيه نسبح الى مشاء الله .
وعندها ..سيتذكر العراقيون إن هناك إبتسامة ترسم على الشفاه !
#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟