أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - حين تاهت الظلال














المزيد.....

حين تاهت الظلال


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8115 - 2024 / 9 / 29 - 16:42
المحور: الادب والفن
    


‎
كان يمشي في ممرات الحلم،

يزنُّ الليل في أذنيه
كمعزوفةٍ بلا نهاية،

تتردد فيها ظلال لا تُرى

إلا حين يسقط الضوء
من زاوية منسية.

‎كان يمشي فوق أغصان المساء،

يرقص الضوء في عينيه،

كأنه سرابُ غيمةٍ ضائعة

تخطو على أعتاب الخريف.

كان يتبع همس الريح،

يدور في مدارٍ لا يراه،

مثل طيفٍ من بعيد

يعانق الضباب.

‎كان يجمع كلَّ ظلاله،

يزرع في خطاه

حكاياتٍ لم تُروَ بعد.

صار يغرق في المسافات،

كأنه صدى ينساب

في قاعِ بئرٍ عتيقة

لا يعرف لها مدى.
‎وحينها، ذابت الحكايا،

وانطفأت نجمة الدروب.

‎لم يعد يعرف نفسه:

أهو من ظل الطريق،
أم أن الطريق هو الذي تاه؟

صار يحلم كلما اشتد الغروب،

كأنما البعيد يناديه،

لكن الليل كان أسرع،

وامتصَّ كل ألوان الشروق.

وكان، كما كان دائماً،

ظلٌ يمشي على هامِ النسيان،

يرسم خطاه

في غيابٍ لا يكتمل.

‎كمن يتبع أثر الفجر،

لكن الفجر كان خيطاً رفيعاً

يتلاشى كلما حاول الإمساك به.

‎صار الوقت يلتفُّ حول خطاه،

كأنه يدور في حلقة مغلقة،

تبدأ من وهمٍ وتنتهي إلى سراب.

كل خطوة كانت تسحب الزمن نحو الوراء،

كأن الدقائق لم تكن دقائق،

بل بقايا وقتٍ عتيق

يتكدس في ذاكرة الحجر

وينساب بين الشقوق.
‎لكنه لم يتوقف.
‎
كيف يتوقف من سكنه السؤال؟

كيف يتوقف من كلما اقترب من الجواب،

انشقَّ الجواب إلى سؤال جديد؟

كانت خطواته تهتز كعداء

يدور بلا نهاية،

يبحث عن نقطة استقرار

في دوامة لا مركز لها.

‎أيقن حينها
أن لا طريق إلا العدم،

ولا وجهة إلا تلك التي لا يراها.

وكأن الكون قد غرق في معادلةٍ
لا حل لها،
مكتوبة بلغةٍ غامضة

يقرأها في قلبه،

لكن عقله يرفض ترجمتها.

‎كان يعلم، رغم كل شيء،

أن الظلال ليست سوى انعكاسٍ لماضٍ ضاع،

وأن الطريق التي يسلكها الآن

ليست إلا امتداداً لطريقٍ سلكها قبله

من كانوا يتوهون
في متاهات الأسئلة

ولا يعودون أبداً.

‎لكن هل التوهان إلا وجه آخر للبحث؟

وهل الضياع إلا محطة انتظار

لشيء لم يصل بعد؟
‎وهكذا استمر في المسير،

كمن يسابق الغياب،

كلما ظن أنه اقترب من الضوء،

ابتلعه ظلٌ جديد،

ومع ذلك، لم يتوقف.

‎فالظلال التي تتبعه

كانت تهدي إليه الطريق.
‎وعند نقطة النهاية،

عندما تلاشت كل الأجوبة،

لم يبقَ إلا السؤال،

وكان السؤال،
في عمقه،

جواباً لم يُكتب بعد.

‎يا للعجب،

كيف كانت السماء تلمع،

وكيف الآن لا يراها

إلا في مرآةِ حلمٍ بعيد،

يتساقط في صمت!

ورغم كل هذا،
كان الصمت يتنفس،

كأن الريح قد اكتسبت ذاكرةً جديدة،

تعيد ترتيب الفوضى في قلبه.

أيقن أن الطرق لا تمشي،

أنها تنتظر أن نخطوها بظلٍ ناقص،

مثل ساعةٍ عكسيةٍ تدور للوراء،

كلما ابتعد، عاد.

كلما اقترب، ضاع.

في حضن الغياب،

كانت الحقيقة كفكرةٍ لم تولد،

تختبئ بين جدران لا تُرى،

وتسافر دون أن تترك أثراً

سوى هذا الفراغ،

الذي كلما امتلأ، ازداد خلوًا.



#خالد_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة الصمت والعدم
- صوت التراب العالي
- معانقة الفناء
- تحليل: نهاية قريبة للصراع الإسرائيلي مع حزب ‎الله؟
- أغنية للغيم
- لحظة عناق…
- يقين آلروح
- ترامب: إسرائيل ستزول
- الى عالمك البعيد
- تفجير عبر إشارة لاسلكية مشفرة: التقنية في خدمة التدمير عن بُ ...
- خارج النطاق
- اليمن وتحوّله إلى قوة إقليمية وازنة: قراءة في الأبعاد الاستر ...
- للعصافير حصة في كرم التين
- صوت الارض وشقائق النعمان
- شقائق النعمان
- صوت الارض
- جندي بلا اسم
- إسرائيل والعدوان على غزة: استراتيجية القوة والهيمنة في سياق ...
- ثم نبكي على ما كان
- عزف الذاكرة


المزيد.....




- وزارة الثقافة السورية تصدر تعميما بمواصفات 6 تماثيل مسروقة م ...
- هنادي مهنّا وأحمد خالد صالح ينفيان شائعة طلاقهما بظهورهما مع ...
- السعودية تُطلق -أكاديمية آفاق- لتعزيز الشراكة بين التعليم وا ...
- بدورته الـ 46.. مهرجان -القاهرة السينمائي- يكرم خالد النبوي ...
- مع تحدي السياحة.. هل يحافظ دير سانت كاترين بعمر 1500 عام على ...
- -أعرف مدى دناءة دونالد ترامب-.. جيفري إبستين في رسالة عن قضي ...
- قمر كوردستان
- الشارقة... عاصمة الكتاب وروح اللغة
- الفنان المغترب سعدي يونس : مثلت مع مائدة نزهت، وقدمت مسرحية ...
- لبنان.. تقليد الفنان صلاح تيزاني -أبو سليم- وسام الاستحقاق


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد خليل - حين تاهت الظلال