فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8110 - 2024 / 9 / 24 - 10:55
المحور:
الادب والفن
أمامِي ممرٌّ طويلٌ منْ آهاتِ الْمطرِ ، تسْدلُ عيْنيْهَا علَى أهْدابِ مدينةٍ تقاومُ نظراتِي ...
أسيرُ بشكْلٍ أفقِيٍّ إلَى مصبِّ التّاريخِ ، أدْخلُ متاهاتِ أجْوبةٍ تُقْنعُنِي أنَّ التّاريخَ يسيرُ عمودياً علَى روزْنامةِ أحْداثٍ ،لمْ تُقْنعِ التّاريخَ نفْسَهُ
بِأنَّهَا حدثَتْ فعْلاً ...
مدينةٌ ثلاثيةُ الْأبْعادِ ترْسمُ مفاتنَهَا الْمسْتهْلكةَ زرْقةُ الْبحْرِ وخضْرةُ الْغابةِ ، و فخاخُ نهْرٍ يبْتلعُ وصايَا صيّادينَ هربَتْ مراكبُهُمْ صوْبَ النّسْيانِ ...
علَى رفوفِ الشّعْودةِ أرْجأَتْ فتياتٌ حنّاءَهُنَّ علَى أكفِّ صخْرةٍ ، فرشَتْ نتوءاتُهَا مناديلَ لِصبايَا ترْجُو شفاهُهُنَّ قبلاتِ اللّقاءِ ...
كانَتْ أمامِي مرْآةُ التّاريخِ تكْتبُ :
هنَا مرَّتْ فارسةُ حرْبٍ !
قاومَتِ الْبرْتغاليّينَ ليْلاً فِي صورةِ رجلٍ ، لأنَّ السّلاحَ كانَ مهمّةَ الْفرْسانِ الذّكورِ فقطْ، تحوّلَتْ خرافةً ترْمزُ لِلْكُونْتِيسَةِ "عائشةَ "
عبقُ التّاريخِ يحْملُ داخلِي كلَّ ألْوانِ الْغوايةِ الْمشْروعةِ لِمدينةٍ مهمّشةٍ ، عبرَتْ سطورَ ذاكرةٍ تمْحُو كلَّ شيْءٍ ماهوَ إلَّا أيْكُولُوجْيَا الْخصوبةِ والْيخْضورِ ، يُخضّبُ ملامحَهَا ، فتمْتطِي صهْوةً زائفةً لِلْعهْرِ والْأسْطورةِ ...
كانَتْ *عائشةُ * تُجنْدِلُ الْفرْسانَ دونَ أنْ يُكْشفَ سرُّهَا كامْرأةٍ تناضلُ ضدَّ احْتلالِ مدينةٍ...
توقّفْتُ فِي الطّريقِ أطلُّ علَى شعْرٍ لمْ يصلْ نشْوتَهُ ولمْ يحقّقْ ذرْوتَهُ ،لكنَّهُ يقْتلُ داخلِي حقيقةَ واقع ميْتمٍ فِي صورِ أطْفالِهِ ومتسوّلِيهِ وعاملاتِ الْجنْسِ الْمكْرهاتِ علَى فعْلِ حبٍّ ليْسَ حبّاً فِي مُواقعةِ النّهارِ الْمتشائمِ لِخيوطِ خيْبتِهِنَّ
علّقْنَهَا علَى جدارياتِ الْحظِّ الْمنْكوبِ فِي ضفائرِهِنَّ ،
تتدلَّى منْ أغْصانِ الشّجرِ الْمغْزولِ بِأمْشاطِهِنَّ الْمتناثرةِ علَى ضفافِ النّهْرِ ؛ يقبّلُ قدميْ قدّيسٍ فِي ضريحٍ يعيدُ لِلرّحمِ خصوبتَهُ فِي ولادةِ
الذّكورِ ...
غوايةُ مدينةٍ حملَتِ الطّريقُ كلَّ أوْراقِهَا فِي مخيّلتِي ، وسافرَتْ فِي أوْراقِ الشّجرِ والْحجرِ والطّيْرِ ، لِتمرَّ بِأنْفاسِ امْرأةٍ تقاومُ غرْبةَ الْأنْثَى منْ أصابعِهَا ، وهيَ تكْتبُ ملْحمةَ الاغْترابِ فِي جسدٍ قيلَ لهَا:
إنَّهُ جسدُ امْرأةٍ تعانِي عزْلةً عاطفيَّةً الْتحمَتْ فيهَا حبّاتُ الْمطرِ بِحبّاتِ الْقهْوةِ ...
لكنَّ الْكأْسَ ينْكسرُ علَى أفْواهِ عشْقٍ يمْشِي مخْتنقاً فِي ساحةٍ تُسوّرُهَا طقوسٌ تهالكَتْ علَى أشْلاءِ خيْمةٍ تكادُ تلْفظُ أنْفاسَهَا الْأخيرةَ ...
أخْرجُ منَ الْمدينةِ فِي صمْتٍ بغيضٍ ، أودّعُ شعْراً لمْ يكنْ أبداً يشْبهٌ الشّعْرَ...
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟