مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الْكُرَةُ-

فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8093 - 2024 / 9 / 7 - 12:29
المحور: الادب والفن
    

النص :
"يُسميّنِي كُرَةً لِمجْملِ
الْأهْدافِ.
ويضْغطُ يضْغطُ ..
لِأعطيَهُ جسدِي نبيذاً بِكأْسِ الْمونْديالْ."

الكتابةُ بالطّاقةِ البَديلةِ
للغةِ الأم

1__ الإستعارات:
الإستعارات مجال لغوي يخلق فضاءات مدهشة وغريبة، تجعل المفارقات مقاربة شعرية لقراءة الأيروتيك كرقصة تانغو في ساحة كبيرة تظللها الحروف والمجازات ،
وتجعل لعبة شعبية عالمية في مرمى إنساني له عمقه ومشاعره يتحول ساحة أهداف،
هذه الإستعارة الرياضية تجعل الجسد مرمى وشباكا لتلقي الأهداف وضربات الجزاء، وصفارات حكم الشط والمباراة...
إبدال لغوي للإبدال الجسدي بين الجسد واللعبة، تقابل استيهامي خطير،
أهم شيء هو استحضار مونديال كروي في ظل ظروف طارئة لانعرف مداها ولاحدودها ولانهاياتها
كما بداياتها ،
لانعرف هل ستكون ضيفة تشريف أم تقريفا لأن واقع المونديال بعد سنتين مجهول إلى حد ما...
لكن الشاعر المتمكن يرسم لعبة بحدود جسد يطرح سؤالا :
هل هدف الشاعر وهو يوظف كرة شعبية تخيلتها كرة القدم الأمريكولاتينو الأوروبي؛ وربما البيزبول والريكبي الأمريكي؛ وربما الكريكيت الانجليزي الهندي؛ وربما التنس ككرة يد يلعبها النخبة فقط؛
مهما كانت نوعية اللعبة واللعب والجغرافيا الحاضنة والوالدة لأية لعبة، فهي كرة مستديرة مستطيلة صغيرة كبيرة لايهم الحجم ولاالشكل لكنها كرة...
أنا الجسد الأنثى أعادل هذه اللعبة المعشوقة، لكنها مجرد "لعبة" ذكرتني بأغنية نجاة الصغيرة ونزار قباني :
"أيظن"... ؟
فهل الجسد هنا في منظور الأسعد مرمى وأنا الهوية الإنسانة كرة، يقذفها لاعب أي لاعب ليس له هوية الشرق أو الغرب، إنه اللاعب...
الجسد الأنثوي = كرة
الآخر الرجل = اللاعب
والمصوب الأهداف
المرأة /الجسد شباك ومرمى تتلقى الأهداف القاتلة بمعانيها وتجلياتها المعقدة ،يتحول بمذاق العرق مذاق اللعب نبيذا..
أي نبيذ يتحول فيه الإنسان/ المرأة عبر جسدها ملعبا ،فيكون تحقيق الهدف /النشوة /الأورغازم /اللذة القصوى
الهدف الذي يحقق سبقا موندياليا..
تشبيه النبيذ الجنسي بالمنتصر في لعبة عالمية...
كأس المونديال /جسد مضغوط قابل لكل الأهداف، قد تكون أهدافا سادية لتحقيق اللذة /الهدف من اللعبة الجنسية، اللعبة الكروية تحقيق النصر والفوز بالكأس
كأس العالم /كأس النبيذ
هل هو نوع من السخرية السوداء.... ؟
هل هو هدف الشاعر بتعرية واقع العلاقة مع الجسد النسائي كجسد مستهدف لعنف يبدو للآخر الرجل فضاء ممكنا لكل الأهداف... ؟
يشرع النص أبوابه ليجعل تفسيري لأهداف اللاعب تفسيرا، يحوله جسدا مشاعا وملكا لتحقيق هذا الانتصار...
أي إنتصار وأي انتشاء
وأي نبيذ أو سكر يتحقق في جسد، هو ساحة لا قوة ولاكرامة له في تصور قاذف الكرة... ؟
لعبة الكرة /لعبة الجسد
منتهى القرف الذي يبدو للقارئ إنه حين يشبه الشاعر جسدا بمشاعر وعواطف وحمولة ثقافية كرة قابلة للقذف والتسخير لأهداف الرجل دون اعتبار لحاملة الجسد ،وكأنه بهذا التقابل ينبّهنا إلى أن المجتمع الذكوري لايقيم وزنا للمرأة، كإنسان وكمالكة لخصوصيتها التي تسِمُ هويتها ،إنها المفعولة بها لاالفاعلة
ولا المتفاعلة في أقل تقدير...

2__ الملفوظات:

1_ يسميني :
إشارة إلى متكلمة غائبة بنوع من الألم...
2_ يضغط:
فعل تكرر يحمل معنى الإلغاء وإقصاء الآخر... لأن الضغط أحادي الجانب، يفهم منه عدم ترك فرصة للحركة ولحرية الذات المفعول بها المضغوطة وتحيلنا إلى عدم التفاعل قسريا نظرا لقوة الجسد الفاعل، وهو تعبير عن عنف غير مرئي، لكنه عنف حقيقي يتم فيه عدم وجود تساوٍأوتكافؤ في تقاسم المتعة وشرب عُصارة اللحظة، لأن القوي وحده من استطاع نيل إعجاب نفسه بوصفه البطل الفروسي..
3_ أعطيه:
فعل يحتمل معنى الإرغام على العطاء، وليس فيه أية إحالة على تبادل ذاك النبيذ وتقاسمه، إنه قانون الأقوى والجسد الذكوري يفخر بالفحولة حد المكر وجنون العظمة...
لحظة مريرة قاسية لا تعكس الجنس كإرادة حرة بل كإرادة الأقوى...
أفعال مضارعة تؤكد سريان الفعل
إلى الآن...
واستعمال أسماء:

1_كرة :
مفرد مؤنث غير عاقل يصف العاقل؛ الياء المتكلمة تنوب عن أنا المرأة، هي عملية نزع صفة العقل من الأنا المتكلمة الغائبة، التي عوضتها الياء كضمير متصل تعود عليها .

2_أهداف:
جمع تكسير تشمل أي هدف ولاهدف بالمعنى الإنساني، تفتح المعنى على قابلية أي سلوك بما فيها السلوكات المسيئة والمهينة للمرأة، عكسها فعل يضغط كفعل قوي، يعلن عن لغة العنف من معنِّفٍ في أجمل لحظات الحميمية على معنَّفَةٍ وتكرار فعل الضغط مسألة بلاغية تنبه إلى قسوة الفعل...
الفاعل وحده يفعل
والمفعول بها تتلقى أثر الضغط...

3_الجسد :
لفظ يحيل لملفوظ إسمه الياء المتكلمة كناية عن أية واحدة تكون هدفا للضغط..

4_ الكأس :
هنا علامة دالة على الفوز لا كونها مجرد كأس نستعملها لتناول السوائل، وهي ذات محمول يكونه تعالقه مع لفظ وملفوظ النبيذ...
لأن لكل لفظ ملفوظا خاصا في الشبكة اللغوية، وملفوظا يستمد من سياق اشتغال الشاعر به، وهنا اشتغل الكأس على مفهوم المتعة والسكر والفوز..
دلالات فرعية عميقة في ذاكرة الفعل الكروي العالمي،لايهتم للذين لم يحققوا الفوز وانعكاسات الهزيمة على نفسياتهم، وتأثيرها على المسار الرياضي لأبعد مدى، لكنها اللعبة المنتصر سكران والمنهزم سهران...

5_النبيذ:
ملفوظه يعني عصارة دم في أول تجربة جنسية، وكأننا سنتحول إلى ملعب إسباني، حيث كانت تُجرى مسابقة الثيران ( الكُورِيدَا) والكوريدا مصارعة الثيران نوع من التعذيب الذي يطال هذا الحيوان
ماأبشعها من رياضة قاسية!
فأية متعة يستحقها المتفرج ودم الكائن ذاك تُهدَر أمام الجميع.... ؟!
وأية عقوبة استحقها الحيوان كي يموت ميتة دراماتيكية مضرجا في دمه.... ؟!
مع الإشارة أن هذه الرياضة العنيفة قد منعتها إسبانيا تحت ضغط جمعيات الرفق بالحيوان...
النبيذ بألوانه المتعددة من يتمتع به الفاعل أم المفعول بها... ؟
إذا كان الفعل يتم تحت قسرية تعكسها لفظة "يضغط" مرتين..
.
3_التقابلات :
ثلاثة أفعال يقابلها خمسة أسماء كمتواليات عنف مزدوج، عنف من لاوعي مشترك يتقاسمه الجسدان :رجل /امرأة /
عنف يفرضه الأقوى بيولوجيا كمنطق يبرر مشروعية الطاعة والخضوع والسيطرة، وتوهيم للأضعف في هذه المبارة، لأنها تتحول إلى مباراة والفائز بطل أولمبياد...
بأنه قد حظي بالمشاركة وإرضاء الطرف الآخر دون مساءلة عن كيف تمت العملية..؟ ومن شارك فيها..؟ ومن ساد أثناء الضغط.... ؟
إنها ماكينة صنع علاقة السيد بالعبد في أجمل رابط إنساني يفقد أنسانيته، ويجعل البطل المزهو ببطولته خاسرا عمقه الإنساني،
فيغدو حيوانا آكلا للحم بقوة الضغط لا منتشيا بنبيذ الحب...
صورة شعرية لها بعدها الاستطيقي وبعدها التحريري الذي يعالج إشكالية معقدة في درجات الرقي الإنساني، حين يلغي كل منهما أنَويته في أنَوية الآخر ليصير ملاكا لحظة شرب النبيذ...

#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات