وجهة نظر فاطمة شاوتي في نص الشاعر الفلسطيني فريد غانم - حَرْبٌ- من خلال رؤية الأستاذ أنور غني الموسوي

فاطمة شاوتي

الحوار المتمدن-العدد: 8103 - 2024 / 9 / 17 - 10:44
المحور: الادب والفن
    

وجهة نظر الأستاذة فاطمة شاوتي في نص الشاعر الفلسطيني فريد غانم (حَرْبٌ) من خلال رؤية الأستاذ أنورغني الموسوي...

بين مقروء وقارئ تقاطع فضاءين في تداخلهما وتخارجهما للأستاذين فريد غانم وأنور غني الموسوي من خلال رؤية فاطمة شاوتي
في مقاربة نقدية لنص (حرب) وقراءته كنموذج في تجربة القصيدة النثرية لما بعد الحداثة، إمكانية لتحليل متن إبْداعيٍّ متميز بتصورين متقاربين، أعطى النص مساحات شاسعة للقراءات ومفاتيح لاستيعاب منطوقاته المتشابكة...
عندما تطير اليمامة من عش أحلامنا، تكسونا أجنحة الحزن في هديل الوطن، لأن الحرب ترفرف في تقاسيم الأرض تعلن النهايات، تكسر شوارع الإنتظار للآتي في أزمنة الدمار...
تلك رؤية الشاعر الحداثي "فريد غانم "من خلال بوثقة شعرية تؤبن ضفائر المدن العربية في جنازة لاتليق بمروضي القنابل، يستخرجونها من جثث مملّحة بهواء الطرق الهائمة في أذناب الريح، وهي تودع ملائكة الشيطان، يرجمون حرمات السلام بحجارة من سجيل، يروون الصخر بلعاب التاريخ، لعل الحفر ترضى بدفن أمواتهم خوفا من أزيز الرصاص القادم من جزر خرافية...
هي يمامة؛ نعامة؛ تدفن كل أوصياء النهر في ريش يتطاوس ضد الحقيقة القائمة في أعين الصمت المتوحش...
الحرب... ثم الحرب... ثم الحرب...
دويٌّ يهدر يوميا ليتلف خيوط اليوميات المنكوبة، تحارب الانحراف من شواطئ الضياع...
هي قراءة وازنة من الدكتور "أنور غني الموسوي" لخطاب حداثيٍّ يتميز بتداخل التخييل والواقعي بل ينقل الراهن من مستواه المباشر إلى مستوى الحكي غير المباشر حيث تتناسل الإيحاءات؛ وتتوالد المجازات؛ وتتناسخ من النص تأويلات تنشأ عنها نصوص تتتالى تناصّاً لغوياً؛ تناصّاً معنويا؛ تناصّاًخياليا؛ تصير للنص المقروء حديقة نصوص تصب في شجرة الشعر ونصير أمام إحداثيات نصّيةٍ، تمنحك آفاقا شاسعة لقراءة شمولية يتزاوج فيها الواقع بالخيال، يتشابك فيها المَقولُ باللّامقولِ تتحول إلى تصوير سورياليٍّ يشكل لوحة جمالية، تُحدث في وعي وشعور الذات المتلقّية ضربة حدس، تُجبرها على تذوق كل معاني الإلهام شرط خلق مساحة اندهاش لاتتكرر، ولحظات فوران وجداني وامضة...
هي لحظة اختراق ذوقية تمثل إشراقا فنيا في فضاء المشهد الشعري الحداثي بصيغ مبتكرة تجدد نبض القصيدة في نثْريتها التلقائية، حيث يتداخل الرسم بالكلمة/ باللون/ بالحركة/ باللمس/ بالإصغاء/
بالصوت /بالصمت /
فنلاحظ صورة متجددة تركيبية تدعم النص الأصليَ؛ النص الخام وتمنحه أصالة متبرعمة من داخل تمفصلات المنطوق وبلاغة فصيحة بترْميزاتها من داخل اللّامنطوق بتأويلات لامتناهية...
تلك خاصية الكتابة عند الأستاذ المبدع لها أساسياتها وارتباطاتها في المتن الأول وهو الحدث المنطلق والمنتهى بحامليْن أو جناحيْن أسفلهما أعلاهما والعكس صحيح...
شكرا للأستاذين معا خلقا في وعيي خلخلة نسق ظلَّ مستمرا في ديمومة القصيدة الحداثية المتفتحة...
خلخلة صالحة لتطعيم الكتابة الراهنة في علاقتها بالواقع والخيال وفي تشابك الشعر بالنثر، يتقاطع ماهو حقيقي بماليس حقيقيا، يُنشئ حدثا إبداعيا يركب لغويا بكل إمكانيات اللغة
إشراقا ت واستشراقات.
في قصيدة (حرب) قراءة ل(حرب لغوية) مبنىً ومعنىً، شكلا ومضمونا، لكنها حرب معطاء بزخم سيؤدي مستقبلا إلى انبثاق واستزراع جذور لون أدبيٍّ جديد، له إحداثياته التحليلية_ التركيبية تفكك الحدث الإثارة وتعيد صوْغه بناءً على كشكول مجازي سيمكن الكتابة الجديدة من خلق فضاءات رحبة متنوعة إبداعية في المتون الأدبية بمختلف تصنيفاتها وأجناسها تمحو الفواصل والثنائيات...

النص :
حربٌ
فريد غانم
"يمامَةٌ مُبرقشةٌ بالأسوَدِ، يطيرُ بياضُها من رأسي كُلَّما أفاقَتِ الحَربُ؛
صوتٌ يسقطُ من نافذةٍ مُحملِقَةٍ في الفراغ المُكتظِّ بالهَشاشةِ والتَّفاهاتِ، وينكسِرُ على الشَّارع المَصدوع. صدأٌ يتعمشقُ على أشجارِ حَديقةٍ راحَت تُرخي شَعْرَها وتدلقُ أصباغَها وتبيعُ ماءَها وهواءَها على قارعةِ الطّريق. شتلَةُ نعناعٍ تسيلُ لُعابًا أخضرَ في البالوعةِ. جِمَالٌ تحمِلُ ماءً ومِلْحًا وحماسةً قبليَّةً وتنفُقُ في آخر الصّحراء، من شدَّةِ العطَشِ والجَعير. حُزَمُ أوراقٍ النّقدِ المقدّسةِ تصعدُ بلا رائحةٍ نحوَ الحَلَقةِ الديجيتاليّة، في لولَبةٍ عمرُها في عُمْرِ خنجرِ قابيل. ملائكةٌ يوزِّعونَ الرَّسائلَ في سوقِ البُورصا. وحِمَارٌ لا مُبَالٍ ينهشُ كُتُبَ التّاريخِ التي يحملُها، منذُ جفَّ الطّوفانُ، فوقَ رَسْمِ الصَّليب.
ثمَّ، فيما يواصلُ النّهْرُ الجُحُودَ ونسيانَ الظِّلالِ الّتي مرَّتْ بِهِ، ويضَعُ الصَّدَأُ لمستَهُ الأخيرةَ على خارطةِ العَودَةِ إلى العَدَمِ، يخرجُ طفلٌ من جِلدِهِ المُحروقِ ويلملمُ بسمتَهُ التي وقعَت سهْوًا تحت الأحذيةِ المستعجلةِ في آخرِ حربٍ. فتحطُّ الحمامةُ المبرقشةُ وتبِيضُ في ماسورةِ مدفَعٍ معطُوب.
ثمَّ تفيقُ الحربُ، مرَّةً أخرى."

#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل