|
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الْحُلْمُ-
فاطمة شاوتي
الحوار المتمدن-العدد: 8100 - 2024 / 9 / 14 - 13:39
المحور:
الادب والفن
"الْحُلْمُ"
"بثيابِ صَنَمْ .. الحُلمُ الذي سقطَ على رأسهِ وتَفَتُّتْ."
(( الكتابةُ بالطّاقةِ البَديلةِ للغةِ الأم ))
حين يقول المفكر الماركسي "جورج سوريل" : "إن الأحلام الكبرى كانت دائما سببا في المآسي الكبرى" معناه أن الإنسان يتخذ من الأحلام هوية له، ويعيش انتظاراته كأنها ممكنة على مدى معين، لكن طبيعة واقع خصائصه تخلفٌ وخضوعٌ وتدجين شخصية ؛تستبطن الخوف والصبر وعدم المجازفة واتخاذ قرارات، بشأن حدث ما ذي طبيعة خاصة أو عامة، تجعل الإنسان يعيش وضعا إنتظاريا يأمل أن يتحقق دون إرادة الفعل ،وكأن الحظ والقدر ماكينة خياطة تخيط الأحلام على مقاسات الحالمين، دون بذل جهد لممارسة واقعية الحلم ونسبة تحققه... أول حلم يعيشه بكليته أي شخص هو تجربة الحب، لكن تجسيده كواقع تعتوره عقبات القيم المعقدة تتراوح بين العُرف والدين والعادات، يضاف إليها تعامل القانون المحلي مع قيمة الحب وشرعنته. إن كل خروج عن تقعيده وإخضاعه لسلطة الموروث الثقافي ،تجعله تحت وصاية السلطة الخفية والتزامه بقواعدها ،لأن لكل مجتمع ثقافته التي تُقوْلِب شخصيته فيسير وفقها معتقدا أنها الحق والصادق والصحيح، لأن القيم والقواعد هي جملة مُواضعات وتعاقدات إجتماعية،تُنَمذج شخصية كل واحد حسب جنسه، اعتمادا على مفهوم ثنائية لاتطابقية : الذكر /ليس الأنثى... ومايخص الرجل يختلف عن مايخص المرأة؛ فالمجتمعات الأبوية تقيم فوارق جنسانية في إطار تفاوتات طبقية... ولهذا نجد قيمة الحب قيمة كونية تتأرجح بين إكراهات الترسانة القانونية الدولية كحق لايقبل انتقاصا ولاتجزيئا باعتبار حقوق الإنسان الطبيعية شمولية، لاتقع تحت قاعدة خصوصية المجتمعات العربية.. من هذه الزاوية يرى المفكر العراقي المختلف في طروحاته: كيف أن الحلم /حلم الحب كتيمة توحد الإنسان ضاعت في خضم صراعات إجتماعية وجيوبوليتيكية اقتضت الحرب أن تضيع قيمتها، والحب حلم /كما الحلم حب يوحدهما شعور التوحد بين الذوات كي تحقق الانتصار على العنف والنرجسية... كم من حلم ضاع بسبب النزاعات الداخلية والخارجية..! فتحولت الخريطة إلى قطع ومجزوءات مشردمة، كأننا أمام "فرانكشتاين" ليبعث من جديد... لكن الواقع المتخلف والمتردي يعيش اختناقا حضاريا / اختناقا تاريخيا / اختناقا هُوِّياتِياً / أنتج نوعا من الصمت والتقوقع داخل دائرة اللاّمبالاة... كل الأحلام منذ عصر النهضة إلى الآن كانت صنما سقط من ذهنية آمنت به، قبل أن تعري الأحداث المتتالية سياسيا واقتصاديا هشاشة أحلامنا ،ظهرت بشكل فاضح مع توالي هزائم المجتمع وبشكل أخص مع ظاهرة العولمة التي حولت كل شيء إلى ماركوتينغ دولي يتحكم فيه الكبار انطلاقا من سلطة المال والسياسة... زادت حدته مع مافيا الصحة بكل إشكالات الفيروس الصحي في علاقة بفيروس سياسي إقتصادي... وضع أي حلم كبير أو صغير في دائرة مغلقة من المحال، فيستعصي تحقيقه وكأننا ذاك "الغودو" الذي ينتظر المجهول... تصور جميل لسقوط الأحلام خاصة أحلام مجتمع يحاول أن يدخل التاريخ فيجد نفسه خارج بوابته ،رغم مايبدو من مناكفات تتوهم أنها قد تملك سر الدخول... إنه الحلم السياسي/الحب بمعناه الجمعي بنهضة عربية تفتَّت على شاكلة انهيار اليسار العربي انهيار الثقافة المناصرة للإنسان لتظهر منظومة نيوليبرالية تقتل الجميع ، زاد من ترسيخها ظاهرة الدعششة التي تغولت فانقضت على آخر ماتبقى... والربيع العربي نتاج لسقوط الأصنام... فغدت الخريطة بقعا من دم قانٍ بسبب العنف؛ سواء عنف فردي تمثل في الجرائم والاغتصاب والمخدرات والقتل؛ لكن لها ارتباط بماهو عام: بشبكات الهجرة السرية؛ وشبكة الدعارة؛ وشبكة بيع الأطفال؛ وشبكة الإتجار بالبشر؛ الرقيق المعاصر؛ أو الإتجار بالأعضاء البشرية؛ وشبكة تهريب البشر؛ والمخدرات؛ وتهجير العقول؛ أو هجرتها القسرية لأسباب متعددة... أو كعنف منظم سوسيولوجيا كما هو حال مناطق النزاعات المسلحة؛ والحروب الأهلية، والطائفية التي لم يكن لها وجود، لأنها كانت تحت مظلة الحب والتسامح، الذي مكن الطوائف والديانات والإثنيات والعِرقيات والأقليات والمذاهب من التعايش في إطار إحترام اختلافاتها... هذه الخريطة مزقها واقع آخر تورَّم أخطبوطا بعد سقوط جدار برلين، وظهور سياسة القطب الواحد... فهل ستنقلب موازين القوى لصالح القطبيْن أو تعدد الاقطاب بعد زمن الكورونا كآلية تفعيل لسياسة العولمة بوسائل لوجيستيكية مغايرة لما كان قبل الثورة الرقمية وسلطة الإنترنت... ؟ هل سنستعيد الحلم ذات حب نحاول بناءه بإرادة الحب. .. ؟ نص موجع وتصريح بواقع اعتمد على التفتّت والتّفْتيت لقيم انتظرناها ومازالت لم تولد فالمخاض عسير والطلق محال... إنه الحب بدلالاته السياسية لا الشخصية فقط...
#فاطمة_شاوتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنطباعات فاطمة شاوتي في نص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الصّ
...
-
مقاربة تناصّية لفاطمة شاوتي مع نص الشاعرة التونسية مفيدة الص
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الصَّائِ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الرَّغِي
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -أَتْبَ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المغربية زكية المرموق -طِفْلَ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -الْكُرَة
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر العراقي أسعد الجبوري -مَازَالَ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة المصرية سمر لاشين -أُدَخِّنُ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري أحمد عبد الحميد -وَلَيْ
...
-
قراءة سجالية بين الأستاذة فاطمة شاوتي والأستاذ المختار الحمر
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية نبيلة الوزاني -فِي
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي في نص الشاعر اليمني عبد الغني المخلافي -م
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -أُرِيدُ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة التونسية فاطمة نصيبي -تَعَلّ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -كُرْسِيٌّ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر الفلسطيني فريد غانم -مُعَادَلَ
...
-
قراءة فاطمة شاوتي في نص الشاعرة المغربية تورية لغريب -حَرْفٌ
...
-
مقاربة فاطمة شاوتي لنص الشاعر المصري محمد عكاشة -قَالَ-
-
قراءة فاطمة شاوتي في مقطع من نص الشاعرة السورية فيروز مخول -
...
المزيد.....
-
رحيل شوقي أبي شقرا.. أحد الرواد المؤسسين لقصيدة النثر العربي
...
-
الرئيس بزشكيان: الصلات الثقافية عريقة جدا بين ايران وتركمنست
...
-
من بوريس جونسون إلى كيت موس .. أهلا بالتنوع الأدبي!
-
مديرة -برليناله- تريد جذب جمهور أصغر سنا لمهرجان السينما
-
من حياة البذخ إلى السجن.. مصدر يكشف لـCNN كيف يمضي الموسيقي
...
-
رأي.. سلمان الأنصاري يكتب لـCNN: لبنان أمام مفترق طرق تاريخي
...
-
الهند تحيي الذكرى الـ150 لميلاد المفكر والفنان التشكيلي الرو
...
-
جائزة نوبل في الأدب تذهب إلى الروائية هان كانغ
-
فوز الكورية الجنوبية هان كانغ بجائزة نوبل للآداب
-
رائد قصيدة النثر ومجلة -شعر-.. وفاة الشاعر اللبناني شوقي أبي
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|