أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين عجيب - عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة














المزيد.....

عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة


حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1774 - 2006 / 12 / 24 - 10:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


مطر متأخر في اللاذقية, إنها تمطر فوق البيوت والطرقات, تمطر على السيارات المسرعة والمتوقفة, فوق الشيخ ضاهر, إنها تمطر فوق أحلامنا وخيباتنا المزمنة.
بدأت بكسر أجمل عاداتي_الاحتفال الدائم بالمطر_ سيرى خوفي من المطر, صديقي الجديد نضال نعيسة, الكاتب المشاكس ذو الدم الحار والنبرة العالية في الكتابة, على عكس هدوئه ولطفه الشخصيين, ذلك ما لمسته في جلستين, وأنا أنتظر بقلق خلو طاولة تحت مظلة مقهى الحكيم بالشيخضاهر, فيما يبتسم بدعة...لن تمطر.
أخبرني أكثم_صديقي القديم والحالي_ رغم تقلبات الطقس والسياسة والأفكار في بلادنا المتعبة, سيأتي نضال: هل تعرفه؟ أقرأ له أجبته, هو اسم معرف في موجة الكتابة الجديدة في سوريا. سرني أن نلتقي ونتعارف بدون اتفاق, هكذا لا نحتاج للمجاملات, وإن حدث اختلاف أو تضارب في الأمزجة, فليكن بوضوح, ولن يترتب عليه سوء فهم لاحق. وجدته مثلي في القلق التوقعي, يوجد تناقض حاد بين الكتابة والشخصية, نصطدم به كثيرا وبشكل متكرر في العالمين الداخلي والخارجي, تبادلنا الكلام ووجدت في صديقي الجديد مقدرة على الإصغاء, بلا مجاملة مهارة الإصغاء. قد تكون اللقاءات الأولى, وقد تكون طباعه الشخصية, فأكسب صديقا جديدا, إن وجدني كذلك, واستطعنا الوصول إلى مشترك حقيقي.
أنا الآن أمام كمبيوتري في غرفتي الداخلية, فكرت بوضع كأس والتمتّع بمنظر البحر والغيوم المتكاثفة وقرب المطر. صرت أخاف من الشرب, أخاف من الأنا العليا القاسية التي تحكمني وأخاف أكثر خسارة الصديقات والأصدقاء, بعد عدة كؤوس, يخرج المكبوت الأخلاقي والسياسي وأرتكس إلى الجرح النرجسي وأسطرة الذات.
*
صحيح الشرب لا يبرر الحيونة لي ولا لسواي, ولا يبرر الخروج عن الحدّ الاعتيادي لاحترام الآخر_المرأة والرجل_ لكن الشرب يحدث تغيير كيميائي جسدي وعقلي, وقبل ذلك يخرج المكبوت, ويختصر المسافات في التعارف والمعرفة, وتوجد مهارة في الشرب كما في بقية الأنشطة البشرية. أفتقد للكثير من المهارات_عبارة غير مناسبة_ حقيقة الأمر أنا شخص شبه عديم المهارات ومنها الاجتماعية, وذلك ما يبرزه الشرب ويخيف الأصدقاء الجدد وينفّرهم.
بدل الخجل والحياء تبرز نزعة الاستعراض والكبت الجنسي المزمن, بدل اللطف والمجاملة يبرز هوس التنافس وسعار السيطرة, وإن كنت لا أضرب ولا أصرخ_لست عنيفا_ حتى في الطبقات الأعمق من النفس, لكني منافس بضرواة, رغم إعجابي الشديد بصديقي بوذا وطريقه السليمة بشعابها الثمانية. مع ذلك يبقى لدي ما أعيبه على معظم صداقاتي, قشرة التسامح الرقيقة وشديدة الهشاشة, ذلك ما حدث في حزيران, لأمتنع بعدها عن العرق خمسة أشهر.
تطويع المفاهيم لا, تدجين المفاهيم وتعريبها الذي يعني تحريفها إلى درجة العكس أحيانا, هذا ما يحدث في الحياة والثقافة, الديمقراطية وسيلة لاستعباد الآخر فردا أو جماعة, لن أدخل في هذا المشلق الآن, يريد الأصدقاء تحويل جلسات الشرب إلى نسخة طبق الأصل, من جلسات الشاي والمتّة, هذا لا اقبله, فوق طاقتي.
الحياة السورية في جميع مستوياتها, مزدوجة إلى درجة التناقض, ذلك ما لمسته وخبرته وعايشته وشاركت فيه وفي إعادة إنتاجه, افعل ما تريد في الخفاء, وحاذر التفّوه بكلمة أو كتابتها, إلا ضمن المتفّق عليه, حياة معقّمة, حياة ملائكة على الأرض. المفارقة والمضحك في الأمر أننا جميعا نعلم ذلك, ومنذ الطفولة المبكّرة, ندرك وجود حياتين وعالمين, تمثيل وافتعال وتدليس مع الآخر أيا يكن أم, أب, أخوة, صداقة حميمة, من فينا لم يمارس العادة السرية أكثر من مئة مرة؟ حياة لصوصية بالتعريف الأكثر مباشرة للصوصية(العيش والنشاط في الخفاء), المنطق الثنائي جوهر المشكلة.
*

النديم أكثر ما تفتقده حياتنا المعاصرة, صيغة الصديق أشمل وأعمّ, تحويل العلاقات المشتركة إلى تعاون بدل التنافس والصراع, أين تكمن المشكلة في ذلك؟ في العالم الداخلي للفرد أولا, الشخص المهزوز والذي يهدر جلّ طاقته لإخفاء المكبوت والعيوب والجروح, ماذا يتبقى لديه للشراكة والتعاطف والمساندة؟ أعتقد أن الطاقة الوجدانية كميّة ومحدودة لدى الجميع.
لماذا في اللقاءات الأولى معظمنا يبدو لطيفا ومحبا ومحببا؟ وتأتي خيبتنا المشتركة لاحقا؟
الشكوى من غياب الصديق, سمعتها عشرات المرات في اللاذقية هذا العام, أيضا أشكو نقص الأصدقاء وندرتهم, لست فلتة زماني, أحمل جميع أمراض المجتمع السوري والشخصية السورية, وغايتي الأولى من ثرثرتي المباشرة والمكتوبة, الوصول إلى الجذور المريضة, بعدئذ, يأتي طور المعالجة, وقد لا يأتي أبدا.
لا توجد خيارات كثيرة, إما نرفع درجة التسامح والقبول, أو نعود إلى شرب الشاي والمتّة, لتجنب الألغام النفسية والاجتماعية المخفية والمموهة جيدا. موسم أعياد نادرا ما تجتمع, كهذه السنة, لا اعرف إن كنت سأشرب وأشارك بالاحتفالات, أحب الثرثرة والتأمل والإصغاء الداخلي في الأوقات المرحلية, رأس سنة...عيد ميلاد, الاستعداد للسفر أو العودة منه, وأكثر ما يتعبني التكرار والعادات, لا امتلك الجرأة للخروج الكامل عليها, ولا أتمتع بالمرونة والتكيف الجيد للمشاركة الفاعلة فيها. ذات يوم سأصل إلى السلامة إلى بر الأمان وأتوقف عن الثرثرة.



#حسين_عجيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مركب في الرمل_ثرثرة
- مرام في هونغ كونغ_ثرثرة
- الغراب الأبيض_مسودة خامسة
- اسم قديم للموت_ ثرثرة
- الموضوعية في (النظر والتفكير والسلوك) _ثرثرة
- المرأة ذات الجمال الخارق_ثرثرة
- سجن الذكريات_ثرثرة
- البيت الذي اسكنه الآن_ثرثرة
- كم نتشابه يا أخي_ثرثرة
- النظر من هناك_ثرثرة
- أرصفة أخرى_ثرثرة
- درس التواضع_ثرثرة
- هل تمارس النساء العادة السرية_ثرثرة
- إدارة الغضب_ثرثرة
- طريق اللاذقية دمشق حلب_ثرثرة
- الغراب الأبيض_مسودة رابعة
- الغراب الأبيض_مسودة ثالثة
- معرفة النفس_ثرثرة
- هامش الربح الصغير_ثرثرة
- سجين سياسي_ثرثرة


المزيد.....




- نهشا المعدن بأنيابهما الحادة.. شاهد ما فعله كلبان طاردا قطة ...
- وسط موجة مقلقة من -كسر العظام-.. بورتوريكو تعلن وباء حمى الض ...
- بعد 62 عاما.. إقلاع آخر طائرة تحمل خطابات بريد محلي بألمانيا ...
- روديغر يدافع عن اتخاذه إجراء قانونيا ضد منتقدي منشوره
- للحد من الشذوذ.. معسكر أمريكي لتنمية -الرجولة- في 3 أيام! ف ...
- قرود البابون تكشف عن بلاد -بونت- المفقودة!
- مصر.. إقامة صلاة المغرب في كنيسة بالصعيد (فيديو)
- مصادر لـRT: الحكومة الفلسطينية ستؤدي اليمين الدستورية الأحد ...
- دراسة: العالم سيخسر -ثانية كبيسة- في غضون 5 سنوات بسبب دوران ...
- صورة مذهلة للثقب الأسود في قلب مجرتنا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حسين عجيب - عودوا إلى شرب الشاي ....يا اصدقائي_ثرثرة