درس التواضع_ثرثرة

حسين عجيب

الحوار المتمدن-العدد: 1751 - 2006 / 12 / 1 - 07:14
المحور: سيرة ذاتية
    

كيف يتواضع من لا يمتلك السلطة ولا النقود ولا النفوذ؟ كيف يتواضع من لا يكترث أحد لغيابهم أو لحضورهم؟
ماذا عن التسامح؟ كيف يتسامح ضعيف ومقهور ومن ليس بيده حيلة؟
الثورة والعنف وحيازة مظاهر القوة؟ لا... أبدا لا .
_هل تظن نفسك ذكيا؟
كيفما اتجهت وفعلت, سيستخدمك أصحاب المشاريع, إنهم يسيطرون على الهواء.
_هل تستطيع أن تتخلّى ؟
أليست الثرثرة وحتى الأفكار والتصورات الذهنية, صيغ ما من المطالبة بحصّة؟
ما هو التواضع؟
تقدير ذاتي مناسب وإدراك حدود الآخرين وقدراتهم, ملئ صفحات العمر بالعمل واللهو, جنبا إلى جنب مع الضيق والقلق, وتسرّب الأيام بعدها بنعومة ويسر.
أثناء العودة مع ياسر وغياث من المشغل الثقافي_ثلاثة رجال تزيد أعمارهم عن قرن وربع_ ومع شراء نصّية عرق, كان لا بد من تساؤل حول المال, مرّ في ذهني وأظن رفاقي كذلك, لكن الرغبة في عدم تعكير السهرة, أزحنا الأفكار السلبية وتبادلنا الكؤوس والمرح.
*
اليوم في اللاذقية, الشارع المنصّف للحديقة الشرقية, إحدى الصبيتين بشعر أشقر طويل, وبمرور ثلاثة شباب مع تلطيشة غزل, نادت الأبعد بينهم وغير المنتبه, فراس
_نسرين!
هل معك محرمة...
كنت قد تجاوزت المتحادثين, وأصدقاء الشاب ابتعدوا بسرعة.
ما علاقة حادثة عابرة كهذه تتكرر ملايين المرات يوميا بالتواضع؟
قانون التغيّر والتغيير, حركات النفس بين الانطواء والتمدد العدواني, ما حولنا يغيّرنا ويعيد تشكيلنا بلا توقف.
ليست الاتكّالية أسوأ عيوبي, لكنها المشترك الأساسي. نقص في احترام الزمن, مع الألم أعتقده ثابتا وصلبا لا يتحرك, والعكس مع الفرح.
الاعتدال العاطفي هو ما لمحته لدى الشاب, ما حرمت منه لأسباب كثيرة, إما طغيان عاطفي يخيف من أغرقهم به, أو برود جامد لا يستقيم معه كلام ولا علاقة.
أفكّر بالعزلة كثيرا هذه الأيام.
أنتظر من الصديقة والصديق أكثر من طاقتهم على العطاء, نفس الشيء يحدث لهم معي. خيبة أمل دائرية تتسع وتحصر خارجها الحياة والفرح.
غضب_ انسحاب_عزلة_ فقدان الواقع.
تلك سيرورة الاكتئاب, مع خسارة الواقع تستبدل عناصر الحياة بالأخيلة والأوهام, تخسر اللغة جوهرها التواصلي, لتنتشر الصيغ المكرورة والجوفاء فوق الشعور والإحساس والحدس, في مستنقع الطين والغبار_عتبة زلقة لا يستقيم فوقها بنيان, وسقف سديمي يعمي ويضلل لاغير.
*
قبول النفس, والتعرّف بصبر ومرونة على الجوانب الخسيسة في العقل والوجدان.
كيف نعرف ما ننكر وجوده بالأصل؟!
في الطريق إلى معرفة النفس قلاع وأسوار يتعذّر تجاوزها بسلام.
أسهل من ذلك بكثير, طريق سهل وممتلئ بالحوافز وضروب التعزيز المختلفة, محاربة العدو.
أليس الوله والهيام عشقا أحد مظاهر هستيريا العدو؟
الحياة الطبيعية البسيطة, دون بطولات وأفعال كبرى_التسمية الأولى للقتل, ....
ليتني أعرف ما هو التواضع عدا التحقير الذاتي وتعطيل الطموح والخيال....

وحده الموت, القريب والصادم, يخرجني من جمود العادات, أنتبه لنفسي ولغيري لفترات محدودة, وليعود بعدها التكرار والامتثال, كما يفعل الجميع..بانتظار مالا يأتي.

#حسين_عجيب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات