فوز حمزة
الحوار المتمدن-العدد: 8020 - 2024 / 6 / 26 - 13:17
المحور:
الادب والفن
إحدى الروايات القديمة تقول: أحب رجل امرأة حسناء، ولم يدرك ذلك إلاّ في نهاية الرواية، بعد توالي الفصول وسقوط الأوراق في وحل النسيان.
عزاؤه أن ورقة واحدة بقيتْ عالقة في ذاكرة الأشتياق، تركها بيضاء ليدوّن عليها بحبره الأسود هزائمه المستمرة، وحربه التي خاضها مع نفسه ولا يدري من منهما الخاسر!.
عندما تبيّنَ له حمقه، حاول الرجوع إلى منتصف الرواية ليقرأ ما كتبته تلك الحسناء في دفتر مذكراتها:
"إن شيئًا ما سيحدث هذا المساء"!.
كنت أنتظره قرب بحيرة صغيرة، أطعم البجع الأبيض وأتساءل عن سرّ ارتعاشة نور القمر المنعكس على صفحة البحيرة كقلبي الآن!.
انقضتْ ساعات الليل المرتجف ولم يحضر، لم يخطر على بالي أنه كان مستلقيًا على الأرّيكة قرب الموقد يتصفح صور نساء مررّن بحياته دون أن يتركنَ أثرًا على أحداث الرواية، ثم غفى بسلام غير عابئ بضجيج السّطور، وصّخب الورق المنبعث من بين طياته!.
حينما استيقظ بعد حلم بائس، كانت الرواية توشك على الانتهاء، ومعها انتهت العاصفة، حاول أن يعيد ترتيب الأشياء إلى ما كانت عليه قبل تبعثرها بهذا الشكل المفزع. أن العواصف تهبُّ ليس فقط لنتعلم كيف ننجو منها، بل العواصف حينما تهدأ تقسم الزمن إلى ما قبل وما بعد.
حاول مد يده نحو الفصول الأولى، نحو زمن رحلتْ به العصافير وألقتْ به في عنق زجاجة، محاولًا انتشال آهات الوجع من ذاكرة الورق، وجد المسافات مليئة بالحصى والزحفُ عليها سيدمي رُكب الأيام.
عطرها الآسر هو كل ما تبقى له، يزوره بين سطر وسطر، يفتك به ولا يتركه إلاّ وهو فُتات قلب.
لم يقرأ الورقة الأخيرة من الرواية، مضى وحيدًا تاركًا الأمل يعاقر السّراب.
#فوز_حمزة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟