أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة كيمياء الحب .














المزيد.....

مقامة كيمياء الحب .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8001 - 2024 / 6 / 7 - 20:42
المحور: الادب والفن
    


عندما احب امرؤ القيس لم يقل احبها ولكن قال:
((رجل وما استسلمْتُ قَبلُ لفارسٍ مالي أمام عيونها مستسلِمُ ؟
أأعودُ منتصِرا بكل معاركي وأمام عَيْنيها البريئة أُهْزَمُ ؟
أنا شاعرٌ ما أسعفتْه حروفه الحبُّ من لغة المشاعر أعظمُ
لي ألف بيتٍ بالفصيح أجدْتُها لكنني في حبها أتلعثمُ )) .

أعجزعن فهم كيمياء استقبال الشعر الذي تكتبه ؟ وما هذا الصفاء الذي يعتريني مع حضورها ؟ وأين تذهب كبرياء الفرسان , وعزة النفس أثناءها ؟ وأنا المنتمي إلى الريح والاضطراب والنفس العزيزة , لماذا تكون الندى الذي يتسربني وقت مداهمة الخطوب لروحي؟ وكيف أطيق انتظارها حد آخر أمارات الملل, ومن أسكنها في ممرات الروح, سَكينَة كالصلاة, لا أتوضأ الا بنورها؟
يُعد السكوت في العادة مزعجاً الا معها فيكون مصدرا للراحة , تلك الابتسامة التي لم تقل شيئا , وما أجبتها بشيء, والتي عبرت كما تعبر في الذاكرة رائحة عشب بري لا تعرف له اسما محددا ولا شكلا, مثل كل روائح الأعشاب البرية التي تقتحم انف السائر في البرية بعد يوم مطير .

هناك عبارة جميلة في كتاب "كيمياء المحبة" تقول: (الأئمة زبائنهم كثيرون, والذي لا زبائن له هو رب العالمين , زبائنه قليلون , والزبائن يدعون أنهم زبائن, يسيرون قليلاً ثم ما بين فترة وأخرى يرتدون, ما أكثر السالكين, وأقل الواصلين) , فالقضية تبدأ تكلفاً, وبعد ذلك تنفتح الحجب , فالذكر اللفظي بلا حضور قلب لابد وأن يؤثر, ولو تدريجياً كقطرات المياه المتساقطة على الحجر, كالكاتب الذي يأس من طلب العلم , لما نظر إلى حجرٍ مثقوبٍ, ورأى فوقه قطرات مائية قال: إن قطرات الماء ثقبت هذا الحجر, هل أنا قلبي لا يُفتح على المعرفة ؟ معرفتها ؟
أظهرت الدراسات أنّ بعض النصوص الكيميائية لا يمكن أن تكون إلا شروحاً صوفية بامتياز, وفيها تظهر النتائج المخبرية نتيجة للرؤى والإلهامات والمجاهدات العنيفة والقاسية في الخلوة, وفي تلك النصوص تتداخل التحولات المعدنية مع التحولات الروحية إلى درجة يصعب معها الفصل بين النوعين من التحولات, بل يكاد يكون الصفاء المعدني مجازاً تعبيرياً للصفاء الروحي, ويعزز هذا الأمر أنّ من بين الأهداف التي سعت الكيمياء إلى إنجازها في كثير من مراحلها التاريخية تحقيق السعادة المطلقة في رحاب الألوهية والتطابق مع العالم نفسه.

لماذا تعذبك تلك اللحظة المنزلقة من الزمان, والتي لم تأبه حينها لضياعها , بهذا الحضور اليومي المستفز الجميل ؟ يحدث ان تتخذ قصيدة ما شكل ساقية او وجود, أثناء قراءتها تتقمصك رغبة مستبدة تدعوك الى التعري والتبرد في ماء اشبه بماء الخليقة , وإن كان ماء تصنعه لغة ارومتها كلمات فحسب ,والتوضأ بالنقاء قبل دخول محراب قصيدتها واجب فعند كل بداية تنتابني الرهبة الممزوجة بالشوق لمداعبة ظفائر كلماتها, ولكن حين أهم بلمس أول كلمة أجد اني بحاجة لمزيد من الوضوء فأعود مجدداً لأتوضأ لعلي استطيع ان أصل لطهر كلماتها وسموها , وفي نوبة ألأغماء الصوفي , وحدها الأضواء من خلفي وأنا أنظر لأنوارها في السماء فأصاب بلوثة العقل , فيتقدس جنوني بالوجود وأصير مثل لحن تائه في كبد السماء, علها تصدقنى عندما أقول أنها دافعى الوحيد للحياة , فكل الدوافع أصبحت بلا معنى وبلا جدوى الا أن أصحو من النوم لكى تهاتفنى أو أسمع رسائلها.

تعتمد المشاعر الرومانسية على توليفة معقدة من المواد الكيميائية وعلم النفس , والسؤال هو: هل يمكن لهذه المشاعر أن تتلاشى سريعا ؟ الحب كيمياء بلا معادلة بل تتخطى كيمياء الحب حتى قانون وجود الحبيب في المكان فيشم الحبيب عطر محبوبته رغم بُعد المسافات مثلما يرى طيف وجهها دون حضورها, وهذا ما وصفه المتنبي بقوله:
((وفَتّانَةَ العينيْن قَتّالَة الهوى .. إذا نفَحَتْ شَيخاً روائحها شبّا)). بل تتخطى كيمياء الحب حتى قانون وجود الحبيب في المكان فيشم الحبيب عطر محبوبته رغم بُعد المسافات مثلما يرى طيف وجهها دون حضورها, وهذا ما وصفه نفس هذا الشاعر بقوله: ((يجنّ شوقاً فلولا أنّ رائحةً ** تزوره من رياح الشّرق ما عقلا)), وهكذا وجد سيدنا يعقوب "ريح" ولده وحبيبه سيدنا يوسف ليبشره بقدومه بعد شوق وغياب دام سنين , إنها أنف المحب المشتاق التي تلتقط "ريح" الحبيب عبر الفيافي والقفار.
اختصر أمير الشعراء أحمد شوقي إحدى معادلات كيمياء الحب والانجذاب : (نظرة.. فابتسامة.. فسلام.. فكلام.. فموعد.. فلقاء) , وقالت أمرأة ذواقة : لا يفهم العشق إلا الكبار يا سادة فالرجل بعد الستين بحر رجولة عميق , ويجب الحذر من أمواجه إن لم تجيدوا السباحة وهو أيضاً كالقصيدة العصماء لا يفهمها إلا الذواقة.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة الكيمياء .
- مقامة المنتصر .
- مقامة الوقت .
- مقامة ترمب .
- مقامة كلمة لا بد منها .
- مقامة المرض .
- مقامة الباندورا .
- مقامة العشق الصوفي .
- مقامة عبد الرحمن منيف .
- مقامة زمن بنات آوى .
- مقامة الرياضيات وأرقام الحب .
- مقامة البصاق .
- مقامة آخر الدنيا .
- مقامة التحريف .
- مقامة ياسارية الجبل .
- مقامة حب تالي العمر: ( الحب المستحيل )
- مقامة العمر .
- مقامة الملفات .
- مقامة نخلتي حلوان .
- مقامة التثويل .


المزيد.....




- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة كيمياء الحب .