أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ياسارية الجبل .















المزيد.....

مقامة ياسارية الجبل .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7985 - 2024 / 5 / 22 - 19:41
المحور: الادب والفن
    


مقامة ياسارية الجبل :
في فترة من فترات العمل , وفي مكان ما على هذه الكرة الأرضية , دخلت دورة اختيارية تعطي دروسا مسائية في علم الباراسايكولوجي , الذي يبحث في علم الخوارق, و يشمل دراسة القدرات غير المألوفة التي تسيطر على بعض الأشخاص, كما يهتم بتفسير الإدراك بدون استعمال الحواس الخمس, ويستخدم وسائل علمية كثيرة وعلوما شتى ومنها علم النفس وعلم الفيزياء والبيولوجي بالإضافة للعلوم الإنسانية مثل علم الاجتماع , ما يهمنا هنا هو موضوع التخاطر,أو مايعرف بالتليباثي Telepathy وهو نوع من قراءة الأفكار، ويتم عن طريق الاتصال بين عقول الأفراد , وذلك بعيدا عن طريق الحواس الخمس أي بدون الحاجة إلى الكلام أو الكتابة أو الإشارة, كما يتم هذا التخاطب من مسافات بعيدة , كان المحاضرين في الدورة خبراء من ألأتحاد السوفياتي , القوا علينا دروسا فتحت أذهاننا على هذا العلم الواسع , والخوارق التي ينتجها من قدرات اللاشعور الأنساني , وأستطعت أن افسر من خلاله كثيرا من المرويات التأريخية التي كانت تشغل الفكر ويصعب تصديقها وتعتبر من الأساطير والخرافات , بحكم ان الأنسان كائن مسكون بغريزة تفسير الظواهر الكونية من حوله , وكان من الطبيعي ان لايستسلم الأنسان ويعترف بجهله , فسعى لأيجاد أسباب علائقية بين الأشياء والظاهرة التي حدثت , وعندما لم يهتد لأسباب منطقية اختلقها , هذه الأسباب المختلقة هي التي انتجت لنا الأساطير التي نعتقدها, ألا اننا أذا أستشرفنا قدرات الباراسايكولوجي او خوارق اللاشعور لكان لنا رأي آخر.

لنأخذ مثلا حادثة (يا سارية الجبل) وهي حادثة تاريخية ضمن التراث الإسلامي التي يروي المؤرخون المسلمون أن الحادثة وقعت حوالي عام 645 ميلادية 23 هـ أثناء خلافة عمر بن الخطاب حيث يعتبر الذين يعتقدون بصحة هذه الحادثة في يومنا هذا أنها تشكل مثالاً تاريخياً على القدرة على التخاطر, وقد حدثت للصحابي سارية بن زنيم الدؤلي الكناني أحد قادة جيوش المسلمين في فتوحات بلاد فارس , وبينما كان يقاتل المشركين على أبواب نهاوند في بلاد الفرس تكاثر عليه الأعداء, وفي نفس اليوم كان الخليفة عمر بن الخطاب يخطب يوم الجمعة على منبر رسول الله في المدينة, فإذا بعمر ينادي بأعلى صوته أثناء خطبته: (( يا سارية الجبل, الجبل, من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم)) , وبعد انتهاء الخطبة تقدم الناس نحو عمر بن الخطاب وسألوه عن هذا الكلام فقال: والله ماألقيت له بالاً, شيءٌ أتى على لساني , ثم قالوا لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب وكان حاضراً: ما هذا الذي يقوله أمير المؤمنين؟ وأين سارية منّا الآن؟ فقال : «ويحكم دعوا عمر فإنه ما دخل في أمر إلا خرج منه, ثم ما لبث أن تبينت القصة فيما بعد, فقد قدم سارية على عمر في المدينة فقال: ((يا أمير المؤمنين, تكاثر العدو على جنود المسلمين وأصبحنا في خطر عظيم , فسمعت صوتاً ينادي: يا سارية الجبل, الجبل, من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم, عندئذ التجأت بأصحابي إلى سفح جبل واتخذت ذروته درءاً لنا يحمي مؤخرة الجيش, وواجهنا الفرس من جهة واحدة, فما كانت إلا ساعة حتى فتح الله علينا وانتصرنا عليهم)) , وعندما ناقشت ألأستاذ الروسي بها تقبلها واوضح امكانية حدوثها خصوصا لدى ذوي النوايا السليمة الصافية التي تستولد خوارق ومعجزات.
وهكذا وعلى شاكلته يحذرون من دعوة الأمّ على ولدها حيث تعتبر من الدعوات المستجابة طالما تصدر من قلب صاف سليم النية, لكن استجابة دعاء الأم على ولدها تكون عند ظلم ولدها لها أو عقوقه لها, قال ابن علان: ودعوة الوالد على ولده أي إذا ظلمه ولو بعقوقه, وقد ثبت في الحديث عن ابن عباس أن النبي بعث معاذاً إلى اليمن وقال له : اتق دعوة المظلوم , فإنها ليس بينها وبين الله حجاب ) رواه البخاري ومسلم) , وروى الطبراني في الحديث: اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام , يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.
وقد قبل ألأستاذ تفسيرنا الباراسايكولوجي لهذه ألأحداث , ومثلها صلاة ألأستسقاء بالمطر ودعوات المؤمنين الصادقة , وكذلك ظواهر الحسد التي حذر النبي منها عندما قال أياكم والحسد فأنه يحرق الحسنات كما تأكل النار الحطب ( رواه ابن داود ), وهكذا ساعدتني هذه الدورة على قبول التفسيرات الخاصة بأقتراب العلم من خوارق المرويات , وتقبل دعاء ألأمهات التي تشق أعنان السماء, وألأحتساب بقول ( حسبي الله ونعم الوكيل ), ومنها جاء فهم قول أبن العربي : (( ان لله عبادا اذا ارادوا اراد)).
سبب كتابتي هذا النص حوارا جرى مع أحد ألأصدقاء الذي يستبشر برؤية الغراب وهو عكس ألأعتقاد السائد , وعندما بحثت فيه قرأت أن النبي سليمان قال: (( إن البشر يتشاءمون من الغربان , ولكنه قال إن الغربان تنعق للبشر لأنها تحبهم وهي تريد تنبيههم من الأخطار)) , وقد ذكر ابن حجر في الفتح أن التشاؤم بالغراب والاستدلال بنعابه على الشر والخير من أعمال الجاهلية فأبطل الإسلام ذلك , قال: وكان أهل الجاهلية يتشاءمون به فكانوا إذا نعب مرتين قالوا آذن بشر وإذا نعب ثلاثا قالوا آذن بخير فأبطل الإسلام ذلك وكان ابن عباس إذا سمع الغراب قال: اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا إله غيرك, وقرأت قول المسرحي الإيرلندي شين (( الغراب هو شخص فتى مرح على الرغم من معطفه الداكن كالحبر)), علما ان الغراب لعب أدوارًا كثيرة مقدّسة ومدنّسة في الثقافة الإنسانية, فقد كان يعتبر خالق الكون عند الهنود الحمر, ورسولًا للآلهة الوثنية والتوحيدية, ولقد تم ذكره في القرآن الكريم معلّمًا لقابيل كيف يدفن أخاه, وقد وردت أيضًا أخبار عن الغراب في التوراة والإنجيل, وهو متواجدًا كطائر من طيور الجنّة في الحكايات الأنسانية, وهو الدّال على بئر زمزم, وزارع النخلة الأولى في أساطير بلاد ما بين النهرين , لذلك تقول العرب : وجد تمرة الغراب, دلالة على أنّ الغراب أعرف بأجود التمر، أليس هو زارعه؟ فقد كانت العرب تترك للغراب ناقة محمّلة بالتمر, ويذكر ساكس بأنّه في إنكلترا هناك منصب لسيد الغربان, حيث يحفظ الغراب عرش ملكة بريطانيا, فالأسطورة تقول: إنّ الملك آرثر أصبح غرابًا أعصم, وفق ما ذكر سرفانتس صاحب دون كيشوت, وقد ارتبط الغراب بالموت, وخاصة في معارك الجيوش, حيث تقتات الغربان على جثث الجنود, ولكن من ناحية أخرى كان الغراب وغيره من الطيور الآكلة للجيف وسيلة للانتقال إلى الحياة الأخرى, وهذا ما نجده في التيبت حيث كانت أجساد الموتى تقطّع وترمى للنسور والغربان, إنّ الموت أحد أكبر معضلات الحياة البشرية وكلّ ما يرتبط به يتحوّل تارة إلى مقدس, وتارة أخرى إلى مدنّس, ولم ينجُ الغراب من التأويلات البشرية, فأصبح الغراب أستاذًا للأحياء ومرشدًا للموتى.



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة حب تالي العمر: ( الحب المستحيل )
- مقامة العمر .
- مقامة الملفات .
- مقامة نخلتي حلوان .
- مقامة التثويل .
- مقامة العراق , ألأختيار قبر ام كفن .
- مقامة الرفقة .
- مقامة العراق , مشيناها خطا :
- مقامة المشي .
- مقامة أسبقيات قوة العراق.
- مقامة الشجاعة .
- مقامة النخلة .
- مقامة ابن الملوح ( المقامة المطولة ) .
- مقامة الهلوسات (العقد الثامن - الشيخوخة).
- مقامة التملك .
- مقامة المستملحات : ( تواصل صوفي ).
- مقامة السالكين .
- مقامة الطأطأة .
- مقامة السدى .
- مقامة الصواع .


المزيد.....




- أهم عشرة أفلام تناولت الانتخابات الرئاسية الأمريكية
- مسلسل العبقري الحلقة 4 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- -المخبأ 42-.. متحف ستالين حيث يمكنك تجربة الهجوم النووي على ...
- البعض رأى فيه رسالة مبطنة.. نجم إماراتي يثير جدلا بفيديو من ...
- البحث عن الهوية في روايات القائمة القصيرة لجائزة الكتاب الأل ...
- -لا تلمسيني-.. تفاعل كبير مع فيديو نيكول كيدمان وهي تدفع سلم ...
- بالمجان.. موسكو تفتح متاحفها ومعارضها أمام الزائرين لمدة أسب ...
- إسرائيل تخالف الرواية الأممية بشأن اقتحام قاعدة لليونيفيل
- فنان مصري مشهور يستغيث بالأزهر
- -حكي القرايا- لرمضان الرواشدة.. تاريخ الأردنيين والروايات ال ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة ياسارية الجبل .