مقامة الرياضيات وأرقام الحب .

صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 7989 - 2024 / 5 / 26 - 13:02
المحور: الادب والفن
    

مقامة الرياضيات وأرقام الحب :
كنت قد كتبت مقامة عن الكيمياء بين المحبين والعشاق , فعلق أحد ألأصدقاء قائلا بقي أن تكتب عن الرياضيات أيضا, فتحفزت وكتبت :
الرياضيات هي مصدر المعرفة العميقة, وهي التي تصل إلى قلب كل العلوم, وتوحّدنا عبر الثقافات والقارات والقرون, وقد كنت قد قرأت حديثا للأمام الرازي قال فيه : (لو تعلمت الحساب لكشف لي الحجاب ).

يعتقد دانييل تامت المتوحد العلمي : ((أن الرياضيات توسع دائرة التعاطف لدينا)),وهي علم متنوع جدًا, من حيث فوائده للقيم الإنسانية, يقدره اهل الثقافة, ومن أجل تقدير جمالها وعظمتها يحتاج المرء إلى نوع خاص من العقل الرياضي, ولذا علمتنا رياضيات الحب كيف ستحكم الخوارزميات حياة البشر العاطفية.
من المعروف أن ألأرقام هي اللغة التي تتكلم بها الرياضيات, وقد انتشرت مؤخرا بعض الشروحات التي توضح معنى الأرقام ,وفسروها بأنها مرتبطة بحروف اللغة الإنجليزية والتي عددها 26 حرفا, ورقم 900 يعنى أحب, وكل حرف له رقم بالترتيب بمعنى أن حرف A = 1, B = 2, C = 3, وهكذا حتى أن تصل لحرف Z = 26, فمثلا إذا كنت تحب شخصا أو معجب به و يبدأ اسمه بحرف الدال تكتب 904 بمعنى I Love Dalia.
I still love you هو معنى رقم 51921 ,
I love you forever، الأرقام 1437 هي التي تعتبر أن سأحبك إلى الأبد, إن استخدام الأرقام كلها معًا يترجم إلى “أنا أحبك إلى الأبد” وهذا وفقًا لتعريفات لأكواد بيجر, فأن 1437 يتكون من عدد الحروف في كل كلمة, هناك حرف 1 وهو “أنا” , وأربعة معناه “الحب” , وثلاثة معناه “أنت” وسبعة معناها “إلى الأبد”.
تعتبر شبكات التوافق العاطفي خوارزمياتها أسرارا خاصة بها, وهي تقوم بالضرورة بمحاولة تحسينها وبالتالي جعلها أكثر تعقيدا ودقة, ولكنّ المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه كل العمليات الرياضية المعقدة تلك, بسيط ويعتمد على مجموعة من الأسئلة ثم مقارنة الأجوبة بين عدد كبير من الأشخاص, وهكذا تتيح حاسبة الحب حساب توافق الحب والفرصة لعلاقة ناجحة, وأرقام الاسم قد تخبرك الكثير عن شخص ما, في بعض الأحيان قد يخبرك ما إذا كانت العلاقة معه يمكن أن تنجح أم لا.
وفي ألأعداد أريد أن أخترع لك رقما جديداً غير تلك ألأرقام التي تعثر الجميع بها , ورزح تحت وطأة حرارة الفكر والكبد الشائط حد الأحتراق , وهو ينتظر رقما يطفأ اللهيب, عددا نتذرع به ونقول : أما آن لك أن تفكّ الزرّ الأوّل في قميص غيابك؟ أكاد أختنق, وتذكرت انه في القسمة الضيزى : اعدت له قلبا قاسيا, ولما احست بالفراغ , التجأت اليه.
وعندما تذكرت اعوام غوث مصر زمن سيدنا يوسف جاء الرقم سبعة, والسبع سنابل خضر والأُخرى اليابسات, حيث أنتظر بشوق عاما فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ملابس الذل من على حبل التاريخ ,غير أن الحكاية لم تنته هنا, فبرامج الكومبيوتر هي تطبيقات منطقية, تعمل على الوصول إلى نتائج محددة سالبة أو موجبة, فيما الحب لدى البشر لا يتعلق بالمنطق بل بالمفاجأة, وباللاعقلانية لا بالعقل, ويتأثر بمئات العوامل التي تحبب أو تنفر شخصا بشخص آخر, فكيف تمكنت الرياضيات من حل إشكالية «الشرط البشري» للحب هذه؟
ولو جئنا الى دلالة الرقم في القران الكريم الكريم بلغته العظيمة وتراكيبه الجميلة فهو ينطوي على أسرار كثيرة, وللرقم ميزة خاصة في فهم المقصود من المعنى أو الدلالة التي يوحي بها فمثلاً الأعداد النصية التي لا تحتمل إلا الدلالة القطعية (واحد وإثنان) فإن هاذين العددين أراد بهما الدلالة على الكثرة لأنهما لم يوضعا للجمع أصلاً مثل قوله تعالى: (وقال الله لا تتخذوا إلهين إثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون) , و (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأتقون) , و: (إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة) فقد كنى بالنعجة عن المرأة لما عليها من السكون والمعجزة وضعف الجانب, و(تسع وتسعون) يريد بها إن كان جميعهن أحرارا فذلك شرعة وإن كن إماء فذلك شرعة, و: (سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم).
اما في الشعرفالرقم هو الدلالة التي يتخذها الشاعر في التعبير عن حالة أو وضع يمر به سواء كان متقصداً من استخدامه أم لم يكن متقصداً , وتكون جماليات الرقم في إن كل رمز وكل أسطورة يأتي بها الشاعر وينظمها في شعره يكون لها تأثير كبير على القصيدة فمثلاً قصيدة السياب (أنشودة المطر) نرى الشاعر قد استخدم (ألف) في قصيدته التي يقول فيها: (وفي العراق الف افعى تشرب الرحيق .....من زهرة يربّها الفرات بالندى) , وكذلك قول الشاعر أحمد مطر في قصيدته مسألة: (مائة ناقص تسعة ...عاشق إلا ثلاثة , كيف هذا الحل يا هذا؟ ....على كيفي حداثة) , هنا يشير إلى شيء من السخرية والتهكم في التزمت بالرأي وعزز هذه الدلالة استخدام كلمة (حداثة) التي أضفت على القصيدة شيئاً من الجدية والحدة, أما الجواهري فيقول في قصيدته الغربة: (يا مطاف الأحــلام في الســتين جددي الذكريات من عشرين) , فهنا يتحدث عن بلوغه الستين ومضي العمر كما لو أنه عبارة عن لحظة ويتحسر على الأيام التي قضاها وهو يصارع الشيخوخة وكبر السن, ونختم مع الشاعر رشدي العامل الذي يقول:(يقولون بأن العالم يحكمه إثنان الذهب الاصفر والسوط الأسود في قبضة سجان) .
لما تجاوزا السبعين , غازل شريكته في الحياة قائلا : (ولو اني خلقت بغير قلب لكنت احبها بالكليتين).

#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات