أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - كيف نتعلم الحوار!














المزيد.....

كيف نتعلم الحوار!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7981 - 2024 / 5 / 18 - 14:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سُقْرَاطٌ اعْتَقَدَ أَنَّ الْحَقِيقَةَ تَكْمُنُ فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ، أَيْ تَقَعُ فِي دَاخِلِ الإِنْسَانِ وَلَيْسَ فِي الْعَالَمِ الْخَارِجِيِّ أَوِ الْوَاقِعِ الْمَوْضُوعِيِّ، فَمَا الَّذِي حَمَلَ سُقْرَاطَ عَلَى الِاعْتِقَادِ بِهَذَا؟ الْجَوَابُ هُوَ الْحِوَارُ وَنَتَائِجُهُ. الْجِدَالُ أَوِ الْحِوَارُ السُّقْرَاطِيُّ كَانَ يَقُومُ عَلَى سَائِلٍ ذَكِيٍّ يَسْأَلُ سُقْرَاطَ وَعَلَى مُجِيبٍ مِنْ تَلَامِذَتِهِ أَوْ مِنَ الْعَامَّةِ مِنَ النَّاسِ، فَالسُّؤَالُ السُّقْرَاطِيُّ وَالَّذِي يَقُودُ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْحَقِيقَةِ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ كَانَ هُوَ الْآلَةُ الَّتِي يَسْتَخْرِجُ بِهَا سُقْرَاطُ الْحَقِيقَةَ مِنْ بَاطِنِ النَّفْسِ.

أَنَا لَا أُعْتَقِدُ بِهَذَا وَلَكِنَّنِي أَرَى فِيهِ مَا يَظْهَرُ وَيُؤَكِّدُ أَهَمِيَّةَ الْحِوَارِ الْمُوَصِّلِ لِلْحَقِيقَةِ وَالَّتِي لَا مَنْبَعَ وَلَا مَصْبَ لَهَا سِوَى الْوَاقِعِ الْمَوْضُوعِيِّ. الْحِوَارُ وَالنِّقَاشُ هُوَ أُمُّ الْحَقِيقَةِ، لَكِنْ لَا بُدَّ لِهَذَا الْحِوَارِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ شُرُوطَهُ لِلْوُصُولِ لِلْحَقِيقَةِ أَوْ أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقَ إِلَيْهَا. فِي الْفِكْرِ لَا وُجُودَ لِلتَّفَاوُضِ الْفِكْرِيِّ بِمَعْنَى السِّيَاسَةِ، فَمَا يَجُوزُ بِعَالَمِ السِّيَاسَةِ لَا يَجُوزُ فِي عَالَمِ الْأَفْكَارِ. الْفِكْرُ يَعِيشُ فِي الصِّرَاعِ وَبِالصِّرَاعِ وَبَعْضًا مِنْهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْحِوَارِ طَرِيقًا لِتَطْوِيرِهِ وَإِزْدِهَارِهِ، قَدْ نَرَى خَصْمًا فِكْرِيًّا يُصِرُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ تَدُورُ حَوْلَ الْقَمَرِ، هَذَا الْخَصْمُ الْفِكْرِيُّ لَا يَصْلُحُ فِي الْأَفْهَامِ لِأَنَّهُ يُرِيدُ مَزِيدًا مِنَ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُودِ النَّهَارِ، فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تُعَرَّفُ الْحَقِيقَةُ عَلَى أَنَّهَا كُلُّ فِكْرٍ يُوَافِقُ مَصْلَحَتِي حَتَّى لَوْ نَاقَضَ الْوَاقِعَ الْمَوْضُوعِيَّ، هُنَا لَا مَكَانَ لِلْحِوَارِ وَإِنَّمَا لِلصِّرَاعِ وَيُمْكِنُنَا تَمْيِيزُ الصِّرَاعِ الْفِكْرِيِّ مِنَ الْحِوَارِ الْفِكْرِيِّ، فَكُلُّ حِوَارٍ هُوَ صِرَاعٌ لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ صِرَاعٍ هُوَ حِوَارٌ، وَبِالتَّالِي هَذَا الصِّرَاعُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ طَرِيقًا لِلْحَقِيقَةِ. الْحِوَارُ هُوَ الِاخْتِلَافُ الْفِكْرِيُّ مَعَ الْآخَرِ الْمَبْنِيُّ عَلَى وَحْدَةِ الْمَصَالِحِ وَالْأَهْدَافِ مِمَّا يَنْبَغِي لَهُ (الْحِوَارُ) أَنْ يُشَجِّعَنِي وَيُشَجِّعَ خَصْمِي الْفِكْرِيَّ عَلَى تَحْوِيلِ مَزِيدٍ مِنَ الْخِلَافِ الْفِكْرِيِّ إِلَى اِتِّفَاقٍ فِكْرِيٍّ شَرْطَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الْحَقِيقَةَ الْمَوْضُوعِيَّةَ، وَلَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ نَتَجَنَّبَ شَيْئَيْنِ اِثْنَيْنِ أَثْنَاءَ الْحِوَارِ، هُمَا الْمُجَامَلَةُ الْفِكْرِيَّةُ وَالْكَرَامَةُ الشَّخْصِيَّةُ.

هُناكَ مِنَ المُثَقَّفِينَ مَمَّنْ لَيْسَ لِلْفِكْرِ فِي قُلُوبِهِمْ أَيَّةُ جُذُورٍ يَتَّخِذُ مِنَ الْحِوَارِ مَزِيدًا مِنَ المُجَامَلَةِ الْفِكْرِيَّةِ، يُحَاوِرُكَ لِيُثْبِتَ لَكَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَكُمَا فِي وُجُهَاتِ النَّظَرِ وَكَأَنَّهُ النَّعَامَةُ فِي مُوَاجَهَةِ كُلِّ خِلَافٍ فِكْرِيٍّ، هَذَا النَّوْعُ مِنَ المُثَقَّفِينَ لَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ مِنْ فِكْرٍ إِلَّا مَا يُشْبِهُ المَاءَ الصَّالِحَ لِلشُّرْبِ، فَلَا تُضِيعْ وَقْتَكَ مَعَهُ، فَهُوَ لَا يُحَدِّثُكَ إِلَّا لِتَقُولَ لَهُ صَدَقْتَ أَوْ لِيَقُولَ لَكَ صَدَقْتَ.

وَهُناكَ نَوْعٌ آخَرُ مِنَ المُثَقَّفِينَ يَنْظُرُ إِلَى كُلِّ اخْتِلافٍ مَعَهُ عَلَى أَنَّهُ تَعَدٍّ عَلَى كَرامَتِهِ الشَّخْصِيَّةِ أَوْ حَتَّى عِرْضِهِ فَلَيْسَ مِنْ بَرْزَخٍ بَيْنَ كَرامَتِهِ وَرَأْيِهِ، فَلا تُضِيِّعُ وَقْتَكَ مَعَهُ أَيْضًا. إِنَّنِي مَعَ كُلِّ حِوارٍ مَعَ مُثَقَّفٍ تَجْتَمِعُ فِيهِ بُرودَةُ العَقْلِ وَحَرارَةُ القَلْبِ وَحُبُّ الحَقِيقَةِ وَالتِزامُ المَوْضُوعِيَّةِ فِي التَّفْكِيرِ وَالنَّظَرِ إِلَى الأَشْياءِ، تَوْصُلاً لِلْحَقِيقَةِ وَالحَرْصِ عَلَى إِظْهارِ وَإِبْرازِ كُلِّ الخِلافَاتِ الفِكْرِيَّةِ مِنْ أَجْلِ التَّوْصُلِ إِلَى مَزِيدٍ مِنَ التَّوافُقِ الفِكْرِيِّ أَساسُهُ الحَقِيقَةُ المَوْضُوعِيَّةُ، وَما مِنْ شَكٍّ أَنَّ الحِوارَ المُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ أَعْلاهُ لا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُلِدَ فِكْرًا جَدِيدًا، إِنَّهُ يُشْبِهُ المُرَكَّبَ الكِيمِيائِيَّ وَالَّذِي لا يَنْتَمِي لِي وَلا لِخَصْمِي الفِكْرِيِّ إِلا فِي عَناصِرِهِ الأَوْلِيَّةِ، فَعَناصِرُهُ بَعْضُها مِنِّي وَبَعْضُها مِنْهُ، أَمَّا المُرَكَّبُ نَفْسُهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَلَيْسَ مِنْهُ وَإِنَّما مِنْ تَفاعُلِ كُلِّ العَناصِرِ الأَوْلِيَّةِ وَكَانَ الحَقِيقَةَ حَتَّى تَظْهَرَ تَشْتَرِطُ أَنْ يَتَخَلَّى كُلانا عَنْ ذاتِهِ.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأخلاق تتغير وفق نمط العيش!
- ما المنطق ومن أين جاء؟
- الفكرُ الماركسي في المنهجيةِ لا في الدغمائية!
- في جدل هيجل!
- الماركسية والالحاد!
- دَحْضَاً لحُجَج مُنكري ماركس!
- نظرية ُدارون من وجهة نظر الفلسفة!
- الاحتجاجات في الجامعات الامريكية!
- العقل المثخن بجراح التعصب !
- في يوم العمال العالمي ...تحديات وأزمات!
- في يوم المراة العالمي!
- في يوم العمَّال العالمي!
- بلنكن وحل الدولتين!
- الليل لي!
- اتذكر!
- لا أستحق هذا!
- هل من الممكن نفي الراسمالية!
- الى التي لا اعرفها!
- التخلق باخلاق العبيد!
- في الديموقراطية العربية وهل نستحقها!


المزيد.....




- واشنطن تعرب عن استنكارها -أعمال العنف والخطاب التحريضي- ضد ا ...
- مجموعة من الدروز تهاجم جنديا إسرائيليا حاول فتح طريق أغلقوه ...
- واشنطن تبحث عن -حل وسط- بين مقترحات روسيا وأوكرانيا لتسوية ا ...
- القوات الجوية البوليفية وفرق الإنقاذ تبحث عن طائرة مفقودة في ...
- إدارة ترامب تطالب المحكمة العليا بالسماح بإنهاء الحماية القا ...
- مصر.. سقوط عصابة من الأوكرانيات اللواتي حولن فيلّتهن إلى مصن ...
- مشاهد جديدة من شقة بوتين في الكرملين (فيديو)
- قاض برازيلي يضع الرئيس الأسبق فرناندو كولور تحت الإقامة الجب ...
- الكاميرون تعلن انضمامها رسميا إلى التحالف الإسلامي لمحاربة ا ...
- اليمن.. طاقة نظيفة زمن الحرب تغير حياة اليمنيين


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ادم عربي - كيف نتعلم الحوار!