أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - غطسة العدم














المزيد.....

غطسة العدم


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7979 - 2024 / 5 / 16 - 22:32
المحور: الادب والفن
    


الطريق ينحدر بانسيابية خفيفة ويلتف باستدارات رائقة إلى حيث تقبع بهدوء بيوتات منتظمة على الطراز الحديث مشيدة بالقرميد الأحمر ومحاطة بأفاريز مُتَّسقة ذات نوافذ واسعة بدرفات متحركة مُزَيَّتة منزلقة على بعضها لسهولة الخروج إلى الشرفات والتمتع بمنظر الطبيعة، وشمّ دفقات الهواء المنحدر من الجبال.
تضاريس الأرض المحيطة بالمباني تبدو متعرجة صخرية بطبقات مائلة من صخور الرمل المتصلبة والحجر الجيري الأبيض الصَّلِد.
المركبات المنطلقة في الطريق العام المحاذي للمنطقة تجري بسرعات عالية جداً؛ شاحنات حمل طويلة، باصات نقل متفاوتة الأحجام، مركبات صغيرة خاصة، وأخرى للنقل البسيط، فالطريق يتجه إلى الحدود الشمالية حيث يمتد البلد الجار ويبسط نفوذه على الجبال الشاهقة بكل قممها المكسوة دوماً بالثلوج البيضاء القطنية.
ما أشبه الليلة بالبارحة لكن الذي مضى وغاب في المجهول لم يكن (البارحة) بل هو شيء آخر، إنه حدث أو على الأصح سلسلة من الأحداث البسيطة اليومية وهي في عُرف الزمن وتسجيلاته الممحية تقارب النصف قرن، فكل شيء بات في طور النسيان، أو أنه ذاب في هباء العدم.
إنهم محدودو القدرة غارقون بالسفاسف شغلتهم أحداث العالم الجسام. حروب مصطنعة للتخفيف من أعباء الأرض. اختراعات غريبة، صناعات هائلة، استكشافات مرعبة، ورغائب لا تنطفئ لمتع مبتورة لا تعرف الشبع.
كيف يستنطق الحقائق وقد احاطته شراك ملبكة من اضداد وكيانات متعاقبة تبحث عن ذراتها الغاطسة في دياجير الظلمة.
هي محطات يومية لا تنتهي ان كانت مُجَدْوَلة في قائمة أعماله المثبتة في قُصاصات الورق التي يدسّها غالباً في جيبه، او أنها محفوظة عن ظهر قلب في مخزوناته المليئة بالنقائض، وأخرى تصنعها الأحداث فتنبثق هكذا دون سابق إنذار حتى لو كان محاطاً ببركة أفكاره يستلهم منها رشقات الطريق الممتد من نقطة الشروع الصفرية حتى أبعاد اللانهاية.
أخرج هندامه القديم من خزانة ملابسه وارتداه على عجل دون أن يستخدم المكواة، فهو لم يعد يهتم بمظهره بعد، وهل سَيتسنى له أن يفتح مصاريع قلبه لتكتكات العشق بعد أن ذبلت عناقيد العنب.
كانت الشمس ساطعة والنجيل اليانع الأخضر قد اصفرت بعض وريقاته فبرد الأيام الماضية الذي لم يألفه منذ عقود نال منها بعض الشيء. نباتات السنبق المحيطة بالأفاريز المنتظمة المرصوصة في أصص متقابلة تُضفي في انعكاساتها الجلنارية بعض العذوبة الخفية.
أصوات الباعة المتجولين يصدع الرؤوس، انهم يبحثون عن رزق ضائع في أرض ضائعة لم يَحمها العالم المتمدن من الوقوع في شِراك المتصيدين.
المفاهيم الهاربة من العقول لن تجد لها صدى في الأدمغة التي ورثت انطباعات الرعاع وقبولها بالمألوفات التي توقظها التساؤلات الذكية التي ألفها المتشككون.
حرارة الشمس اشتدت واخذت تلسع أرجله من مفاصل الركب حتى كعوب الأقدام. البنطال الصوفي الثخين لم يكن حائلاً دون المساس بالجلد الناعم الذي تساقط شعره منذ أن تقدم به العمر، مولياً ظهره لشباب لم يُبقِ منه الاّ الفكر الديكارتي والمشاعر الغاطسة في العدم.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السماء الأولى
- صراع البقاء ومعركة الفناء
- الجدران الأربع
- صانع الرموز
- الأماني الضالة
- انكفاء الثعابين
- عتمة الغيب
- في (ملتقى الزمن) تلتقي الأفكار
- الوعي المطلق
- نافورة الحياة
- موظفة الاستقبال
- عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء


المزيد.....




- كيت بلانشيت ضيفة شرف الدورة الـ8 من مهرجان الجونة السينمائي ...
- رائحة الزينكو.. شهادة إنسانية عن حياة المخيمات الفلسطينية
- لحظة انتصار على السردية الصهيونية في السينما: فيلم صوت هند ر ...
- -أتذوق، اسمع، أرى- كتاب جديد لعبد الصمد الكباص حول فلسفة الح ...
- “انثى فرس النبي- للسورية مناهل السهوي تفوز بجائزة “خالد خليف ...
- وفاة الممثل والمخرج الأمريكي روبرت ريدفورد عن عمر ناهز 89 عا ...
- الشلوخ في مجتمعات جنوب السودان.. طقوس جمالية تواجه الاندثار ...
- سوريا.. فوز -أنثى فرس النبي- بجائزة خالد خليفة للرواية في دو ...
- المغرب: الحفاظ على التراث الحرفي وتعزيز الهوية الثقافية المغ ...
- ناوروكي وماكرون يبحثان الأمن والتجارة في باريس ويؤكدان معارض ...


المزيد.....

- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - غطسة العدم