أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - السماء الأولى














المزيد.....

السماء الأولى


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7972 - 2024 / 5 / 9 - 00:18
المحور: الادب والفن
    


سقفُ السماء قريبٌ جداً
صفاء خارق ممتد كاللانهاية
نجوم كمصابيح برّاقة احجامها كبيرة
شدة وميضها أنار عتمة الليل
ما هذا النور المنبسط بين الآفاق
ما عاد للقمر الفضي اللامع مكان فقد غادر فجر اليوم دون وداع
سحابة خفيفة كالضباب متناثرة كخيوط قطنية بيضاء ممتدة بين الاجرام بنسق هارموني عجيب
دواخل الأنفس المحصورة بحدود الأجساد كانت أكثر سعة من حدود الكون.
ومن بعيد كانت المركبة الأرضية الصغيرة تتهادى كفرس صهباء،
وجوه مألوفة غارقة بالطمأنينة. الجميع يتابع بشغف عَدْوَ الأشجار الكثة التي تملأ جانبي الطريق.
كان هناك حديث صامت بين الجميع، وجوم غريب يلف سحنات الوجوه دون أن ينبس أحد ببنت شفة، فالنظرات كانت كفيلة بالتعبير السريع واختراق دواخل الأنفس الهائمة، الاّ تلك الصبية الصغيرة التي تتدلى من منكبيها عباءة سوداء فقد تركت مقعدها ووقفت عند الباب تروم النزول والمغادرة. كانت تتحدث بلغة غريبة ليس لها شبيه بمعاجم اللغات في أمم الأرض فأدلها شاب ممتلئ بعضل مفتول على ضالتها وأرشدها الى الطريق الصحيح.
كانت الصور المبهرة لكل الأشكال تبعث على الحيرة والتساؤل. الألوان فاقعة حادة برّاقة تمتزج بغرابة بأريج الأرض الفتية.
أما هو فقد كان يرقب الأحداث والصور بعين ثاقبة. بحث عن جوّاله الصغير المزوّد بكاميرا متطورة دقيقة بغية تسجيل كل شيء وتوثيقه. جيوب معطفه وبنطاله كانت خالية إلاّ من قصاصات ورق صغير يدوّن فيها ملاحظاته الآنية فذاكرته لم تعد تسعفه كالسابق بعد أن هرم عنده كل شيء.
هذه الأمكنة وهذه الأحداث المتلاطمة تبدو مألوفة لديه كلما ومضت في عقله الباطن، وحتى الشخوص تتكرر عنده باستمرار كلما ذاب في حلم يقظة أو غطَّ في سبات عميق، حيث تغيب تسلسلات المنطق وتتشابك قوانين الطبيعة.
إنها الصور المتكشفة كالأقدار في واقع افتراضي يسبر فيه أغوار الماضي السحيق حيث تظهر بضبابية كحلم طواه النسيان. إنها تبرق بين الفينة والفينة بنسق غريب وتثير في أعماقه اشجان النفس وتوقظها من جديد.
الصبية التي غادرت مركبتهم مازال عطرها ينفذ في داخله عبر خيشومه. إنه يحاول أن يستجمع بقايا ذاكرته ليؤسس لمعلومة راسخة يميط عنها اللثام ويجيب عن علامات الاستفهام التي تنتصب أمامه.
سقف السماء مازال قريباً جداً
والمركبة في عدوها لا تتوقف
والقمر الفضي حملَ الصبية بعباءتها السوداء بعيداً إلى حيث تصطف النجوم في الأفق الأعلى



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع البقاء ومعركة الفناء
- الجدران الأربع
- صانع الرموز
- الأماني الضالة
- انكفاء الثعابين
- عتمة الغيب
- في (ملتقى الزمن) تلتقي الأفكار
- الوعي المطلق
- نافورة الحياة
- موظفة الاستقبال
- عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء


المزيد.....




- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...
- اليوميات الروائية والإطاحة بالواقع عند عادل المعيزي


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - السماء الأولى