أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - انكفاء الثعابين














المزيد.....

انكفاء الثعابين


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7918 - 2024 / 3 / 16 - 00:44
المحور: الادب والفن
    


الأفكارُ مزدحمة متضاربة تتعثَّر عند الخروج فتنكفئ مرتدة إلى حيث تتوالد الثعابين.
أغاظَ صديقاً قديماً عبر صفحة التواصل الاجتماعي، تلك التي حلّت علينا مع أخواتها في زمنِ العولمة البائس حتى أمست العوالم الافتراضية بديلاً سهلاً عن الوقائع الدامغة.
كانت الكلمات الموزونة المعبّرة رغم ثقلها على أسماعِه ووقعها المؤثّر وصداها في نفسه الطيّبة الساذجة تحمل الكثير من الصدق والشفافية. كان يروم بحسنِ نيّة أن يوقف انزلاقه المستمر بتوافه الأمور في زمن بات كل شيء يضُجُّ بالسفاسِف.
لقد أمست الأحاديث اليومية والجسور الممتدة بين النقيض والمتطابق من بني البشر تتحقق بغياب الأجساد صوراً وأصواتاً، إذ لا حاجة بعد للحضور الحيّ فكلُّ شيء يومض برمشة عين، ويتجلّى ساطعاً كالأفلاك الهائمة.
هو لم يره حقيقة كمادة تشغل حيِّزاً في الفراغ كما تقول الفيزياء منذ زمن؛ أربعة عقود خَلَت جاء إلى الدنيا المرئية الملايين من الأحياء وغاب عنها الملايين وتلاشوا كالهَباء.
ما يربطهما سوية ليس سوى ذكرى قديمة موغلة في الماضي المنظور بقياس السنين.
مخلفات الطفولة والأماني المسحوقة تبقى متأصلة في دواخل الأنا لا يمكن الهروب منها بسهولة. إنها تظهر على السطح طافية حاضرة في كل هزّة حدث.
كان اليوم في عجلة من أمره. أراد أن ينجز شيئاً مميزاً ضمن المساحة الضئيلة التي تحرك بها والتي لم تتعدى عشرات الأقدام، فأحسَّ أنه مخنوق تجثم على صدره الجبال وهو الطائر البري المتعطش للحرية.
كم هو بحاجة إلى جسد جديد صافٍ رائقٍ خال من العلل والشوائب.
نفسٌ تحمل فكراً واسعاً كالبحر، وتمتلك حسّاً عميقاً، ورؤية صافية، وروحاً شفافة خفية.
إنه يريد أن يستطعم الجمال ويتذوق دفقات الحب، وينهل من خزين المعرفة بأشكالها المكنونة والمنبلجة كحزم الضوء الساقط على أسطح المنابر.
هذه الذات الشامخة الثرّة العميقة الصادحة في خضم الوجود، والروح الخافقة كجناحي نِسر محلِّق فوق القمم مازالت تبحث عن الممالك السبعة في موروث الأساطير القديمة.
الجسد كان فيضاً من كلمات إلهية عليا برسم وجودي متناغم مع دفقات الطبيعة بعنفوانها المترامي. وعندما مضى في شِعاب النفس يتلمس وجدان الحقيقة نهل منها الشيء اليسير لكن قواه لا تمتلك الأبد السرمدي، فالمتغيرات ولسعات الدبابير تنقض على الخواصر الرخوة كلما نامت الشمس وغفا القمر.
ها هو الآن يعتَدِلُ في جلستهِ ويشيح بوجهه نحو زجاج النافذة ليرقب سيل الماء المنسكب كاللجج الهادرة، فقد فتحت السماء أبوابها وألقت خزينها إلى الأرض، وكلما ارتطمت لجة كثيفة من الزبد الكثيف أعقبه شهاب صاعق ما يلبث أن يضرب صداه الأرض، فتعقبه زمجرة هائلة لرعدٍ مدوٍ يصمُّ الآذان ويغطّي آفاق في الكون.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عتمة الغيب
- في (ملتقى الزمن) تلتقي الأفكار
- الوعي المطلق
- نافورة الحياة
- موظفة الاستقبال
- عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء
- أفق الحدث
- الأصابع البيضاء
- العاملة الصغيرة
- مخروط الزمن
- لا يفقهون تسبيحاً


المزيد.....




- الضحكة كلها على قناة واحدة.. استقبل الان قناة سبيس تون الجدي ...
- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - انكفاء الثعابين