أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)














المزيد.....

عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7361 - 2022 / 9 / 4 - 21:57
المحور: الادب والفن
    


(عاصف1كيركو3)، هذا ما علَق في خيوط الذهن من كلمات بعد الهزّة العنيفة التي زلزلت كينونتي، وقد ألقتني الأقدار وسط جَلاوزة غِلاظ وصلت ذروة الحسّ الأمني لديهم ضمن تركيبتهم الجسدية والنفسية والبنيوية أَوْجَها.
قد تكون هذه هي التسمية السرية للعملية الأمنية التي يقوم بها فصيل قوات الصد السريع في جزيرة كيركو 3 خارج الحدود المكانية لقارة أطلنطس.
كنت أنا وصاحبي نشاهد ما يحصل ولا نعرف من الذي ألقانا هناك وكيف! وقد تقطّعت بنا السُبل حيث لا واسطة نقل برية أو بحرية أو جوَّية في تضاريس أرضية غريبة لا تشبه الصخور ولا الرمال.
تعرجات ووديان وحفر وكهوف، ووحوش فاقعة داكنة ملونة شرسة، بأجساد متناسقة تحفر بمخالبها مواقع هجوم، ومواضع دفاعات محصَّنة بتنظيمات وأنساق عسكرية عالية الدقة والحرفية.
مياه كثيفة تحيط بالمكان من كل جانب، وسماء أرجوانية غاب عنها قرص الشمس.
كنّا نمشي إلى الوراء، وأكعبنا تضرب الأرض من الخلف، وأعيننا لا تفارق حركاتهم المُريبة وضوضاءهم. كانوا يتفاهمون بلغات شتى وإيماءات وزعيق مُزلزِل، وأحياناً همس خافت.
الصراخ كان يشقُّ السماء، والأقدام الجبّارة انتعلت بساطيل سميكة قاسية تَدُك الأرض بحركاتٍ رتيبة قوية.
كنا خائفَين ولم نستطع أن نفسّر معنى وجودنا هنا، وكيف رمتنا الأقدار في هذه البقعة من كونٍ مهجور.
بدأت الأرض تتسع وأديمها تبرق جنباته في هارمونية غريبة لكن المفاجآت النازلة كالأقدار الهائمة على وجوهنا الكالحة هي التي قلبت مخاوف الشك إلى يقين قاطع من رُعب أسود.
السماءُ اقتربت كثيرا من بساط الأرض كلّما أوغلنا في الابتعاد نحو الأفق. طائرات غامقة الخضرة تحلق فوق رؤوسنا بأزيز الدبابير.
كنا نراقب المشهد أنا وصاحبي المسكين ونحن في أتونه نصطلي وعندما انبلجت أعيننا على شساعة الهوَّة كانت أرتال الهياكل العسكرية المتطورة في التقانة، الداكنة المُبقَّعة تنتشر في مواضع هجومية في انتظار ساعة الصفر بانبثاق الوميض الأحمر لتنقض على أعداء افتراضيين غير مرئيين حيث ستمطرهم بوابل من قذائف عجيبة، وموجات نيوترونية، وحزم ممتدة من فقاعات الهلاك تفوق في سرعتها انطلاق الضوء لتُفني المادة الأولية وتُعيدها إلى ما قبل التكوين.
عندما استشعر الجنود باقتراب الأغراب وقد كشفتنا متحسساتهم انطلق إلينا عنصران عملاقان وهما يهرولان بزيّهما الأخضر الغامق المرقّط يسابقان موجات الكاشفات الليزرية الموجهة نحو صدورنا. كانت أعينهما تقدح شرراً على هذا الاختراق المباغت لمهمتهم العسكرية.
من أنتما وماذا تفعلان هنا؟ في هذه المنطقة النائية؟
كانت قَسَمات وجوهنا لا تنمُّ عن العداء نحوهما ونحن عُزَّل، والخوف والرهبة قد أكلانا من قمة الرأس حتى الأقدام المختفية بأحذيتنا المتهرئة التي أكلتها قساوة الأرض وخشونتها بصهبائها الملتهبة وحجارتها المدببة كأسنة الرماح.
أراد أن يمارس أحدهما واجبه ودوره العدائي فرفع يده نحوي، لكن نظرات الأعين أوقدت في داخله شيئاً من المشاعر البشرية، بقايا من رحمة، وشيئاً من احسان، وربما عن قصد أو غير قصد فقد قرّب كفُّهُ الضخمة العملاقة المكتنزة من صفحة وجهي وحرّكها في الهواء بقوة هائلة حتى سمعت هديرها وهي تخترق كتلة الهواء في حركة تمثيلية كما لو أنه يصفعني بالفعل دون أن يلمسني، فالكاميرات المنتشرة في المكان وفي السماء تُسجل وتراقب وتوثق كل شيء حتى لا يُتهم رجل الأمن بالتخاذل وخيانة الواجب.
تنفيذ الأوامر لا شأن لها بحقوق الأحياء ومواثيق الأمم المستوطنة لتخوم البلدان في الكوكب أو توابعه الطبيعية والمصنوعة بيد الكائنات المتطورة.
مرّت الدقائق كأنها دهور، ولأن طبيعة المهمة المضطلعين بتنفيذها ذات توقيتات محددة لا يمكن تأجيلها، ولأننا لا نمثل خطراً حقيقياً لاستكمال كل شيء فقد تركانا وانضمَّا لمجاميعهم المتجحفلة.
تسلّلنا بهدوء مبتعدَين قدر الإمكان عن مركز الحدث وحشود الرجال، وما هي إلا سويعات قليلة حتى وجدنا نفسينا في قارب صغير، وفي اللحظة التي انطلقت فيها العملية المرتقبة انعزلت المنطقة بجدار كروي هلامي هائل شفاف اختفت فيه الملامح البصرية للأشياء ولم تعد للحواس البشرية من قدرة على التفسير أو التحليل لما يجري، فانطلقنا بالقارب مسرعين إلى حيث يومض من بعيد ضوء أبيض برّاق كانت تتسع دائرته كلما ازدادت سرعتنا نحوه حتى وصلنا إلى الجانب الآخر من العالم حيث كل شيء يبدو مألوفاً لعقولنا بما نحمله من معارف إنسانية وعلوم متراكمة متوائمة مع ما نمتلكه من جينات وشفرات وراثية.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء
- أفق الحدث
- الأصابع البيضاء
- العاملة الصغيرة
- مخروط الزمن
- لا يفقهون تسبيحاً
- ومضة الحياة
- توأما السماء
- العقل الأعزل
- الفَيلسوفة الرّاقِصة
- متاهة الوجود
- أنثيات البحر


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)