أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - فانتازيا الزمن














المزيد.....

فانتازيا الزمن


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7354 - 2022 / 8 / 28 - 01:57
المحور: الادب والفن
    


خزين الذكريات المطمورة في الأعماق قد تقدح بشرارة فجائية غير محسوبة وهي تستنهض حدثاً قديماً لا يمكن حصره بزمن بيّن واضح إلاّ بمقدار ما ينبلج عليه شعاع الضوء.
صور متراكبة قد تكون مشوّشة أربكتها الفوضى والغوص في الأعماق، وقد تكون ناصعة برّاقة كشمس تبث خيوطها الذهبية اللّاصفة في كل اتجاه.
الزمن بالتعريف الأرضي المغمور، نصف قرن، والجسد الإِنسِيّ المعتلج يحمل الكثير من المزايا الاحيائية، والمشاعر والأحاسيس، واختلاجات الأفكار.
كلها يصعب الإمساك بها أو الإحاطة بخباياها بالأدوات المخلوقة مع الذات إلاّ كَنُتف فالتة أو ريشٍ متطاير في يومٍ عاصف أغبر.
هذا هو زمن الأحداث؛ سلسلة طويلة وخط متواصل لا يرى منه الفرد إلاّ بمقدار سني عمره، أما ما قبله فتواتر منقول يكمن بعيداً في مخزون اللاوعي الدفين أو ما حوته بطون الكتب.
الحياة ليست لغزاً عسيراً على الفهم، لكنها تبدو هكذا دائماً، فنحن مأخوذون بمشاغل حياتية وروتين مستفحل اختزل الأعمار وقصّر الآجال وأفسد اللذائذ. فلو امتد بنا الغوص في سلسلة الأحداث إلى ما قبل الولادة سنرى أجدادنا وجداتنا، وأحداثاً كانت تصدح بها الحياة في وقتها، ولم يخطر على بال أحد أنها ستنطفئ في قابل الأيام، وتتلاشى كضباب مُبَدَّد، ثم يأتي القادمون إلى الدنيا ليكررّوا بنفس الوتيرة ذات المشهد المريب.
الكبار العظام أولئك من تعلمنا أسماؤهم وحفظناها عن ظهر قلب، أولئك الذين اكتشفوا طعم الأشياء ووجّهوا بوصلة التاريخ وحركة البشر، أولئك الذين حركوا الأمم وصنعوا الحضارات وأزاحوا المناوئين من بني آدم عن دروبهم، المختلِفين، أو المقاومين لسلطة الطغيان. أولئك الذين شيّدوا المدن وسادوا الأحقاب وروَّضوا مَن يتبعهم من الرعاع والقطعان الذين لم تُخَط على جباههم الكنى والأسماء. هذه هي الدنيا، لا شيء يمضي بمثالية مطلقة أو خارطة طريق وضعها العقل المحض.
فانتازيا الزمن .... كل شيء قابل للحصول إن لم يكن واقعاً تلتقطه حدقات الأعين وتسجله رقائق الموجات الحسّية السبعة، فهو مخزون في العوالم الافتراضية اللانهائية. فلا ضير عنده ولا غرابة إن تحدث مع هتلر، أو جلس مع نابوليون، ولا عجب إن حضر مجلس المأمون، وشاهد غزوة أحد، ومعركة الجمل.
ولم ينسى عندما شيّد الأقدمون هياكل الأهرامات ذات الأشكال الهندسية المتقنة العجيبة لمراقبة السماء وحلَّت عليهم اللعنة الأبدية فأُبيدوا، وانقرضوا، وتلاشوا تماماً كالهباء، وكيف ظهر الفراعنة ليتخذوا من الاهرامات قبورا لأسيادهم بدلا من استخدامها في حسابات السماء.
وما زال يذكر عندما كان يسترق السمع من بعيد في بلاد الاغريق وشعر بهمهمات شيوخ الحكم في روما وهم يُجهزون على الإمبراطور، وحين أخذ القيصر يلفظ أنفاسه ورأى صديقه بروتوس معهم قال له بأسى قولته الشهيرة (حتى أنت يا بروتس).
لكن ما أثاره وأرعبه هو ذلك الرجل الكهفي الذي ترك خليلته في كهف بعيد وهو خارج إلى البر ليصطاد وعلاً سميناً، لكنه عندما عاد والصيد الذي على ظهره ينوء بحمله وجد صاحبته بين فكَّي الأسد وهو ينهشها.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء
- أفق الحدث
- الأصابع البيضاء
- العاملة الصغيرة
- مخروط الزمن
- لا يفقهون تسبيحاً
- ومضة الحياة
- توأما السماء
- العقل الأعزل
- الفَيلسوفة الرّاقِصة
- متاهة الوجود
- أنثيات البحر
- بائع الكروت


المزيد.....




- عدي رشيد يدخل هوليوود بفيلم يروي حكاية طبيب عراقي
- مهرجان مراكش الدولي للفيلم يكرم أربع شخصيات بارزة في عالم ال ...
- -العملاق- يفتتح الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينم ...
- منصور أبو شقرا... مسيرة شعرية وثقافية تتجسد في إصدار مجموعته ...
- نردين أبو نبعة: الكتابة المقاومة جبهة للوعي في مواجهة السردي ...
- مصر: نقيب الممثلين ينفي فتح تحقيق مع عباس أبو الحسن بعد تصري ...
- جدل بعد بث أغنية أم كلثوم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم المصر ...
- أشبه بالأفلام.. سيدة تُقل شرطيًا بسيارتها لملاحقة سارقة متجر ...
- -البيت الفارغ- والملاحم العائلية يمنحان الفرنسي لوران موفيني ...
- المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرّم جودي فوستر وحسين فهمي


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - فانتازيا الزمن