أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - صانع الرموز














المزيد.....

صانع الرموز


يحيى نوح مجذاب

الحوار المتمدن-العدد: 7930 - 2024 / 3 / 28 - 16:23
المحور: الادب والفن
    


لا أحد يأبه، ولا أحد يكترث، ولا أحد يُبالي.
الجميعُ مغمورون في مستنقع الحياة، وأنوفهم غاطسة في مُنزلقات الطِّين.
كبيرهم وصغيرهم في عَدْو دؤوب وهم يرتجُون مَلء كلّ فراغ، مستحوذين على كل شيء، فالبطون الخاوية الجائعة أنَّى لها أن تشبع!
صراع الحمقى لا يُجدي نفعاً. إنه استنزاف للطاقة وخيانة لِقيم الذات العليا، ولا شيء يمضي بسلاسة الوَدودين، فالعثرات تقف دوماً أطواداً عالية كأسنّة الرماح المدبّبة في مسار الصابرين.
بحثَ عن نشاطاته الجديدة في الأيام الأخيرة، واستخدم كأقرانه من البشر المُحدثين الذين أسَرَتهم شاشات العقول الذكية، فتوغَّل في مُحرِّك البحث، وذكائه الاصطناعي المألوف، لكن ما ظهر على شاشة الجوال فيضٌ من حزمٍ متراصّة من معلومات غزيرة مليئة بالأنشطة المفعمة بالحياة. مشاريع وانجازات جدية هادفة.
لقد كان رجلاً عصامياً فريداً أدرك أين تكمن طاقاته القصوى، وما مدى قدراته الإبداعية، فوضع قدميه في بوابة الطريق على العتبة الأولى الصائبة في نقلته المفصلية فانقذته من عالم بائس مظلم خانع عبداً للأساطير والدجل والخرافة إلى العالم الحر حيث يتشكل تكوين الإنسان الجديد بقيمٍ جديدة ومُثلٍ جديدة دحضت كل الموروثات البالية. وكان اختياره صائبا لا يقبل الشك. كان الحظ صِنوه في اللحظة التي ودَّع فيها سنِيِّ الشباب الأول فمضى واثق الخطو لا يلوي على شيء.
وعندما ترسَّخت قدميه على الأرض الصلبة انطلق دون هوادة.
كانت محاضراته لجموع المُريدين، أفكاره لقاءاته نشاطاته تطور مساراته المتواصلة وقفزاته المدروسة الواثقة، كلها تعكس بصماته العميقة على صفحة الزمن الذي عاشه قرابة أربعين عاماً وها هو الآن يحبو نحو السبعين غير آبه بعوادي الزمن التي لم يضعها في حساباته ما دامت طموحاته قد استوطنت دواخله في أرض الغربة فأمست أيامه بكل دقائقها تفيض بالإبداع والمتعة الصوفية الداخلية. لقد استطاع أن ينشئ له اسماً لامعاً اشتهر به في القارة العجوز كواحد من أفضل المبدعين المغتربين. عشق عمله وتفانى من اجله فهنا في هذا الوطن البديل أدرك بثقة مطلقة أن لا أحد سيخذله كما حصل لأقرانه المُتنوِّرين في بلده حيث سحقتهم آلة الحروب العبثية. هنا أدرك فداحة البون الشاسع بين من غَربت عنهم أنوار الشمس منذ قرون وبين من تفتّحت مداركهم وعقولهم وتَنَسّموا طعم الحرية، فالمفاهيم والدوغمائيات التي طحنتهم قرونا عديدة وسلبتهم كينوناتهم تخلصوا منها بثورات داخل الانفس قبل أن تُشهر بوجه الطغاة الحاكمين. لقد نجحوا أخيراً لأنهم استعاضوا عن شرف الافخاذ بشرف العقول.
كان يهتم بتفاصيل حياته اليومية الدقيقة التي تقدمه للآخرين عَلَماً يعشق فنه وعلمه وعمله. اهتم بمظهره وملبسه وربطة عنقه واختيار ألوان ملابسه وتنسيق الأشكال التي تعكس رونقه، فهو مبدع في الرموز وصناعتها، فقد تعامل مع البصريات بمهنية واحساس عالٍ، وأدرك لعبة الحواس تحفيزاً واستقبالاُ، فالأشكال والألوان ومواضعها وظروفها المكانية والزمانية تخلق المدركات فطبقها بجدارة على عمله وحياته الخاصة حتى استطاع أن يوصل ما يريد للآخرين دون أن يَنبسَّ ببنتِ شفة. لقد كان متماسكاً أمام مغريات الحرية الصاخبة فلم يتحول إلى أسير شهواته، فكينونته المنبثقة كسهم الزمن هي التي صنعت من وحي خياله الواسع هوية متميزة ما كان لينالها لو آثر الصبر في موطنه حتى انتظار الفرج الذي لم يأتِ أبداً.



#يحيى_نوح_مجذاب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأماني الضالة
- انكفاء الثعابين
- عتمة الغيب
- في (ملتقى الزمن) تلتقي الأفكار
- الوعي المطلق
- نافورة الحياة
- موظفة الاستقبال
- عاصف1 كيركو3 (فانتازيا الأحلام)
- فانتازيا الزمن
- انحدار المنحنيات
- محرك الكون ووحدة الوجود
- لذة الاحتراق
- سراب الشفق
- نقرات في جسد العدم
- انبعاث اللارجعة
- أبناء السماء
- أبناءُ السماء
- أفق الحدث
- الأصابع البيضاء
- العاملة الصغيرة


المزيد.....




- طفل يُتلف لوحة فنية تُقدر قيمتها بخمسين مليون يورو في متحف ه ...
- بوتين يمنح عازف كمان وقائد أوركسترا روسيا مشهورا لقب -بطل ال ...
- كيلوغ: توقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف تأخر بسبب ترجم ...
- عرض موسيقي مفاجئ من مانو شاو وسط انقطاع الكهرباء في برشلونة ...
- مسقط.. أكثر من 70 ألف زائر بيوم واحد للمعرض الدولي للكتاب
- محاربون وعلماء وسلاطين في معرض المماليك بمتحف اللوفر
- إخترنا لك نص(كبِدُ الحقيقة )بقلم د:سهير إدريس.مصر.
- شاركت في -باب الحارة- و-هولاكو-.. الموت يغيب فنانة سورية شهي ...
- هل تنجو الجامعات الأميركية من تجميد التمويل الحكومي الضخم؟
- كوكب الشرق والمغرب.. حكاية عشق لا تنتهي


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى نوح مجذاب - صانع الرموز