محمد الصادق
الحوار المتمدن-العدد: 7969 - 2024 / 5 / 6 - 00:12
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
■□ قلنا إن الخرطوم كانت مأوي الضعاف والجوعي والخائفين،
لكن شيئا فشيئا صارت معاناة هؤلاء تزداد،
حتي اصبحت المعاناة في كل شئ:
●●● قطوعات الكهرباء زادت من ٤ ساعات الي ٦ الي ٨ الي ١٢ ساعة في اليوم، وصار مشهدا معتادا ان تجد كل الأسرة منتصف النهار جلوسا في الشارع تحت الشجر علي كراسي او فرشات والنسوان "يهبهبن" بأطراف ثيابهن !!!
طبعا المقتدرون لديهم المولدات الكهربية كل حسب مقدرته،
فهناك من يستطيع اتخاذ مولدات كبيرة يبلغ ثمنها مليارات الجنيهات، هذه قادرة علي تشغيل جميع الاجهزة، بل هي حتي اقوي من كهرباء الحكومة !!!
●●● والمياه صارت تقطع ٣ او ٤ أيام متواصلة لذلك لجأت بعض الأسر المستطيعة الي التخزين في خزانات اكبر، كالذي سعته ٥ الف لتر،
هذه السعة لم تكن تستخدم في البداية الا في المؤسسات كالمستشفيات الكبيرة مثلا.
قد لا يصدق البعض ان مناطق بالعاصمة القديمة تبعد اقل من نصف ساعة عن مركز المدينة يتعاطون الماء عن طريق عربات الكارو، من يشتري جوز واحد او جوزين او حتي برميل "قافل"
والسعر حسب نوع المياه، فهناك مياه "حلوة" للشرب والطبخ واخري "مُرّة" (يقصدون مالحة)
●●● اهم من ذلك هو ان مياه الشرب صارت ملوثة بمياه السيفونات التي تحفر لابعاد بعيدة حتي تتصل بالمياه الجوفية ومياه النيل، ولهذا منعت بعض السفارات رعاياها من شرب مياه الحنفية، وهذا الأمر ظاهر بوضوح لسكان بحري وغرب شارع الاربعين بأمدرمان، فإما ان تشتري مياه صحة معبأة، او تأخذ معك في جيبك او حقيبتك بعض المضادات الحيوية مثل الفلاجيل أو الدوكسي سايكلين او السبروفلوكساسين !!!
●●● ذات مرة..
اثناء اختناق مروري
مررنا بالقرب من مصنع
وكان وقت انتهاء الدوام وخروج العمال
حوالي مائة بنت
خرجن من المصنع
ثم "تدافسن" و "انكبسن"
في بص واحد
واذكر ان طفلا صغيرا
كان يقف بين رجلي والده
شاهد المنظر فسأل أباه:
- ده شنو يا بابا؟!
= ده مصنع.
- مصنع بنات؟!
فانفجر كل من حولنا ضاحكين.
في المصانع كانوا يرحلون البنات لأن الأجر الذي يعطي للعامل
لا يكفي حتي تكلفة المواصلات ذهابا وايابا
اما الأولاد فكانوا يغدون ويروحون رجالا،
ولو استغرق المشوار ساعة او ساعتين !!
فحتي قبيل الحرب كانوا يعطون العامل خمسة الف او ستة في الاسبوع
بينما خمسة الف لا تكفي حتي للذهاب والأياب بالمواصلات العامة!!!
●●● والغريب ان صندوق البسكويت مثلا
يخرج من المصنع ب ٤٠ جنيه فقط
بينما يصل للمستهلك علي بعد بضع كيلومترات ب ٢٠٠ جنيه !!!
هكذا بَطَرَ اهل الخرطوم معيشتهم!!!
□■ اكثر من عام مضي علي الحرب
ولا يزال التدمير مستمرا
ليس فقط الطرق والجسور والمرافق العامة
وانما حتي اثاثات البيوت
التي أُتي بها علي مدار سنين طويلة
والبعض دفع ثمنها سهرا وتغربا
وبعضها استغرقت اقساطها عشرات الشهور
وربما كان ذلك علي حساب المأكل أو المشرب او التعليم
الآن اخبرونا
انه في بعض المناطق
صاروا ينزعون حتي الأبواب والنوافذ !!
هذه صعوبات عديدة تواجه عودة السكان الي مساكنهم، فهل هذا لأن الأهلاك بسبب بطر المعيشة؟؟!!:
{وَكَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَرۡیَةِۭ بَطِرَت مَعِیشَتَهَاۖ
فَتِلۡكَ مَسَـاكِنُهُمۡ لَمۡ تُسۡكَن مِّنۢ بَعۡدِهِمۡ إِلَّا قَلِیلࣰاۖ }
<<<نواصل>>>
#محمد_الصادق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟