أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - باقة ورد على طاولتي














المزيد.....

باقة ورد على طاولتي


علوان حسين

الحوار المتمدن-العدد: 7964 - 2024 / 5 / 1 - 09:23
المحور: الادب والفن
    


لم ألتق بتلك الشاعرة الصديقة من سوريا . كانت بثوبها الأخضر الحرير وقامتها الممشوقة تبدو كفراشة في حقل . جمعتني بها الصدفة في مهرجان شعري . خطر ببالها سؤال وجهته لي لحظتها :
-كيف تكتب قصائدك ؟
وقتها كنت أعيش في عمان , في حي ٍ من أحياء عمان ذات الكثافة السكانية والبؤس العاري يتسلق أحد جبال عمون السبعة . أجبتها على ما أذكر بأنني أكتب وعلى طاولتي باقة ورد صفراء . وقتها تحدثنا عن العلاقة ما بين الورد والشعراء وتأثيره على الجانب النفسي والجمالي ودلالاته في كتابة القصيدة . كنت أعيش في غرفة صغيرة وأنام على فرشة إسفنج على الأرض . وحين أريد الكتابة لدي حجران أصنع منهما كرسياً أجلس عليه وطاولتي صندوق طماطة خشب وجدته في سوق الخضراوات . أصحو من النوم فتندفع فجأة الأم وقططها الخمسة نشترك معاً في فطور الصباح . مع القطط أشعر وكأني مع عائلتي . أصغي إلى صديقتي السورية تحدثني عن هارمونيا الألوان وعن الخريف الذي هو الفصل المفضل لدى الشعراء . في تلك اللحظة بالضبط كنت أفكر بالقطط الصغار وأمهم . كيف أحصل على القليل من الجبن لهم وبعض الطعام أسد به رمقي . حدثتني عن القصيدة المضاءة بالازورد وعن الياسمين في بيتها لا يكف عن الضحك . سألتها بإستغراب - وهل يضحك الياسمين عندكم ؟ قالت - طبعاً يضحك ويثرثر معنا وحين ننسى إلقاء التحية يذرف وقته الأبيض . قلت لها أنا من بلد ٍ يموت فيه الياسمين ولدينا نهران وبضعة بحيرات في سعة البحر . ولدينا قرى عائمة على وجه الماء . وجبال تتساقط الينابيع من ثغورها لكن في عينيك الخضراوين رواء من الظمأ .
- هذا شعر أم غزل ؟ قلت لها بل شزل ! كم ضحكنا وقتها وكنت أشتهي بضع حبات زيتون والقليل من الجبن البلدي مع رغيف خبز طالع من الفرن . خجل من القول لها بأني أود الإنصراف خصوصاً وحديثها الشيق عن الورد في قصائد الشعراء ولأنها غاية في الرهافة صعب عليّ أن أحدثها عن الخبز ولعنة الجوع . هي تنظر إلى السماء صافيةً خضراء كعينيها . وأنا سمائي غائمة مدلهمة كصحراء غابت عنها النجوم . تطلب لي ولها كأسي نبيذ , نحن في كافتيريا فندق القدس . هي ضيفة على مهرجان الشعر وأنا أتذوق الشعر وأجالس الشعراء وربما يحين الوقت لإجراء حوار ٍ مع شاعر مرموق . أخشى مراوغة النبيذ فهو كالساحر يخلب الألباب وينفذ كالسم عميقاً في الدم والأعصاب كما أنه يضعني في ورطة أن أبدو شهماً كما ينبغي . أدفع ما نشرب وما سوف نحتسيه فيما بعد . كنت مفلساً تماماً وجل تفكيري في طعام ٍ لي وللقطط . حدثتني عن الفرق ما بين الكلام العادي والشعر . وحدثتها عن غربة الشعراء وقسوة المنفى وعن البرتقالة في حلم شاعر ثم باغتها بسؤال - هل تحبين القطط ؟
- طبعاً , أنا أموت في القطط .
- هل تعلمين بأن لي عائلة مكونة من أم وخمسة قطط صغيرة أنا أرعاهم كعائلتي ..
- واو , شيء جميل شيء رائع ..
- يمر الوقت جميلاً معك والنبيذ لكن معذرةً أفكاري كلها الآن تذهب صوب القطط ..
- سأطلق سراحك على شرط ..
- عسى أن يكون الشرط خفيفاً ..
- شرطي الوحيد أن تقبل ضيافتي في يوم ٍ آخر وهذه الليلة أنت ضيف عليّ ..
وكأن غيمة سقطت في حضني . تحسست رأسي إذا ما كنت سكراناً فألفيتني في صحو ٍ كامل ٍ . قلت لها في جذل :
- لابد أن نلتقي .



#علوان_حسين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حب
- المتشرد العجوز
- بماذا أفكر ؟
- ثلاث ورقات حمراء
- الضحك
- بماذا يحلم الموتى ؟ع
- الجميلة والتمساح
- ماذا أكلت اليوم ؟
- الوردة بعد القطاف
- هدايا لطيفة
- متشرداً في بغداد
- رجل يضاجع شجرة
- تأملات رجل حالم
- نزهة في شارع أبي نؤاس
- طاولة فارغة
- قاص يشار له بالبنان
- البائعة الجميلة
- جريمة في منتزه عام
- المواطن السعيد الحظ
- شجرة الأخبار 2


المزيد.....




- مصر.. فتح تحقيق بعد اكتشاف محاولة تنقيب عن الآثار خلال زيارة ...
- الحِكمة والحُكم أو كيف تنعكس المزايا العقلية والثقافية على ت ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة سلطان العويس في دورتها الـ 19
- مدير متحف في برلين يحذر من صراع ثقافي عالمي تقوده واشنطن
- حين ظهرت مكة والمدينة في خريطة أميركا.. قراءة في التسمية وال ...
- المستعرب الإسباني خوسيه بويرتا: غرناطة مركز التراث الأندلسي ...
- المسيح في مصر بين المصادر الدينية القبطية وخيال الرسامين الأ ...
- باستخدام الدم وقشر البيض ويرفض الأدوات الحديثة.. هذا الفنان ...
- إطلاق مشروع ترجمة خطبة -يوم عرفة- بـ34 لغة
- نجم أمريكي يثير الجدل بعد تقبيله علم فلسطين خلال حفل ضخم في ...


المزيد.....

- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علوان حسين - باقة ورد على طاولتي