احمد عبيدة القتال شعرا

بهاء الدين الصالحي

الحوار المتمدن-العدد: 7958 - 2024 / 4 / 25 - 04:50
المحور: الادب والفن
    

من هم سؤال متعلق بالهوية ، اما أن تتحد الهويات لتصبح الذات جنينا لهويه النحن وذلك هو الانتماء حقا وبالتالي تصبح المجايلة نوعا من التسلسل التاريخي القائم على حتميه التطور والبقاء وهو امر يبلور سؤال مهم لماذا ننتمي؟ يأتي السؤال في طياته اجابه عن صحه العلاقة بالقدر فبدلا من ندم اديب على قتل ابيه يصبح القتل نوعا من المواقف الرمزية تجاه الماضي بدلا من استخراج اسوء جوانب الفعل الانساني كما جاء عند فرويد ذلك الرجل الذي ترجم انحدار الحضارة الأوروبية هنا يصبح الوطن نوعا من بلوره الذات/ الاب /القوه /الحماية /الحميمية /الجنينية. وتلك اي كلها مترادفات لمعنى واحد هوالوطن.
بناء على ما سبق فاننا نبحث عن الوطن داخل كلمات وصياغات الشاعر احمد عبيده وكذلك نبحث عن الوطن كصوره مجسده في احمد عبيده نفسه ، وما بين التجرد في الحالة الاولى والتجسد في الحالة الثانيه يبقى الوطن صوتا وصوره شكلا وموضوعا هو شعر احمد عبيده ذلك هو ما وقر في قلبي عندما قرات احمد عبيده في ديوانيه: ربما يستيقظ النهر / وتريات النار .
ولكن هل اعتبار شعر احمد عبيده مصبوغا بفكره وموقفه الاجتماعية مقدسا للحرية طارحا كل الموائمات جانبا مبررا لاستبعاد من قائمه شعراء الستينيات والسبعينيات وذلك لكونه بحث عن اسباب الهزيمة الوجودية التي عانى منها العقل الجمعي المصري خلف نفق الحرية المطمور والفائر ثوره بحثا عن نور.
والسؤال الاهم بالنسبة لجيل الشعراء الذين نسعى لتقديم احمد عبيده لهم، ما هو الباقي فنيا من احمد عبيده كشكل فني؟ لم يتم التسليط عليه كما يجب لأنه ركز على فكره المثقف العضوي الذي لم يكتفي بالكلمة تقال في وسط متحفز، وبالتالي رهن حركته بدفوع المجموع المبهم وانه فارس قال كلمته ورحل وكفى الله المؤمنين القتال بل صارت لحمه الشعور مع السلوك مع المحتوى فجاء احمد عبيده مدرسه شعريه مستقله.
ولكن لماذا برز شعراء اليسار مثل فؤاد حداد وبقي له تلاميذ يمجدونه واختفى احمد عبيده واقرانه وذلك وليس تقليلا من فؤاد حداد وتمجيدا لأحمد عبيده ولكن السياق التاريخي لكلاهما ادى لهذه النتيجة في حداد ابن الحركة الشيوعية التي تألقت مع التوجه السياسي في ستينيات القرن الماضي على الرغم من كل المعاناة التي لاقاها ابناء اليسار المصري من 1959 حتى 1964 ولكن الحرية كداب لكلاهما اخذت منحى مجازيا عند حداد ومباشرا بلغه فنيه تخدم علي السياق المعرفي التي القضية السياسية التي يدافع عنها ويقابله في حركه اليسار المصري شهدي عطيه الذي اختلط شعره بدمه فخلق له الخلود.
اللعب في الرمل !!
هي قصيده في ديوانه ربما يستيقظ النهر هنا لغة الشاعر نابعه من الشارع فجاءت الافعال (اعجن) وهي كلمه ذات دلاله تعكس ادانه للفعل ليبقى السؤال المحوري : هنداري القشرة فين سؤال تكرر 10 مرات كسؤال ختامي يصبح استنكار من خلال الاستفهام البريء ظاهرا المعلوم سلفا على سبيل صياغه أانت، والسؤال المتكرر هنا نوع من التكرار المؤدي لفكره الحصار والتنوير الاعلام المتكرر كنوع من نوبات الايقاظ المؤكدة على بقاء موجه الوعي والدلالة المعرفية هنا هي التركيز على بزوغ الوعي لدى المبعد الثالث المجهول والمعلوم ضمنا من خلال ممارسه تقنيه تعبير لقد كشفنا عنك غطاءك كنوع من الدرجات العلا في الادراك.
تركيبه الجملة المفتاح لفهم القصيدة( اللاعب في الرمل) وهي بنائيه مستقله تخلق فكره الثبات والحركة فالرمل الثابت والقديم ، واللاعب هو الطارئ وهنا لماذا لم يقل اللعب بالرمل ؟ هنا نوع من الرؤية التنويرية والثبات المبدئي كصانع محتوى شعري له بعد نوعي فالشعر عنده مكمل معرفي ودال على كيان قائم وليس كيانا نهائيا كنتيجة تموت كأي مغامرة لغويه، العلاقة التركيبية لمفهوم النور كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجه..... وهكذا اذا النور بناء تراتبي وبالتالي يصبح الشعر داله ومدلول في نفس التوقيت وذلك طبقا للوعي المنهجي لدى الشاعر وبذلك يكتمل مع الأسئلة التي اوردها الشاعر في صفحه 81: ودا رمل مين ياواد ؟/ رمل الخواجة خريستو .
وهو سؤال متكرر ولكن الإجابة مختلفة في الحالتين ليصبح الرمل مناط ملكيه في الحالتين ففي حاله الملكية للخواجة خريستو سيصبح البناء مظلة لكلبه وعندما يصبح ملكا لابو عليوه سيتسع المشمول بفوائده وظله .
تقنيه الأغنية الشعبية حيث يبقى السؤال الدوار عبر المعنى كنوع من ايقاع الشارع القائم على السرعة والبعيدة عن الرتابة، ذلك الايقاع السداسي الذي يعبر عن الامتداد البصري والنداء عبر مجرى النيل. الشعر عند احمد عبيده نوعا من الرسالة وبالتالي تصبح للضمائر وظيفه محدده خاصه مع البعد المنهجي والنمو المعرفي فقد تكررت تاء المخاطب ونون الجماعة عبر القصيدة كنوع من عموم القضية وعدم خصوصيتها: هتداري القشرة فين ؟ تكررت عبر القصيدة اربع مرات،هنداري القشرة فين ؟ تكررت اربع مرات، وقد تكرر انا: هداري . مره واحده وهذا يعني دلاله رقميه حيث اربع من المخاطب بشخص والجميع بشخصه وما بينهما الانا واحده وهو امر يؤكد على تلك الفرضية التي توصلنا اليها في بدايه القراءة وهي ان احمد عبيده صار وطنا متحركا على الارض له مفردات وبناءه لغوي ولكن مستوى النداء لدى احمد عبيده تجاوز جذب الانتباه وايقاظ الروح السائرة داخل عقله، حيث جاء فعل الامر غوط في سياقين : الاول غوط جوه قلبك. المفرد هنا جاء بقصد الجمع في مجال تعميق الرؤية عبر دهاليز الروح بمعنى الوعي اما الثاني: مرهون بفكره فحت الارض وهي كلمه مركبه اي فاح ما تحت الارض اي اكتمل تحقيق الاكتشاف، والاكتشاف هنا بمعنى الكشف، والكشف هو قراءه روح الاشياء المتحققة ماديا وبالتالي يصب السياقان في وظيفه الوعي وتنميه روح الثروة لدى المتلقي.
الأغنية الشعبية كتقنيه شعريه اجادها العقل الجمع المصري وانشاها احمد عبيده في قصيده اللاعب في الرمل، وعلينا ان نبحث عن تلك التقنية في الموال الشعبي: يا طالع الشجرة هات لي معاك بقره صعيديه حلابة الميه...... الشجرة هنا ليست رمزا عبثيا بل هي رمز المعرفة وهي شجره ادم كنقطه جنينيه في العقل الجمعي والبقرة هي حتحور المعبود المصري القديم ، حلابة الميه اي المياه حيث ان النيل هو رمز العطاء المنساب من دموع المصريين عبر مأسيهم التاريخية.
يقدم احمد عبيده اغنيه للفقراء: وطلعنا النخلة العوجه /وشخبنا شمروخين/ وسرقنا بلحة حمرا / هنخبي نواها فين؟ هنداري نواها فين؟ المقابلة ما بين الخباء بمعنى مكان الاختباء وهو سلوك فردي وهي بدايه فعل عدم شرعيه الامتلاك الى فكره الانكشاف يقرر حقيقه ان كل فعل غير شرعي مصيره الانكشاف، لان القلب مضاء بحب الوطن. على اي مستوى تقرا تلك الأغنية هي صالحه لطرح فكره بيع الوطن حتى ان ابنائه لم يعودوا يحصلوا على ثمره بشكل طبيعي وكلمه شخبنا تحمل ايقاعا حركيا يوحي بعدم الامان.
القراءة المجردة في القصيدة يحمل عده ثنائيات جديرة باكتشاف العالم الشعري والمعرفي لأحمد عبيده : الرمل/ الوطن الارض/ افحت /غوط.
ويبقى الايقاع الغنائي كمدخل سحري لصلاحيه قراءه القصيدة في كل المجتمعات اللغوية خاصه مع استخدام حرف الهاء كحرف واداه استفهام صالح للتوافق مع ذائقه الصحراء وذائقه النيل في صنع الايقاع اللفظي للأصوات وبالتالي الحرف المشترك يخلق مدخل ذائقي لتلقي القصيدة في اكثر من بيئة لغويه خاصه مع اختلاط اللفظ بالطين وفكره الفعل القائم، هنا تصبح اللغة وسيطا شفافا يحمل مفردات ماديه قابله للتأويل وبذلك تعيش القصيدة عبر الزمن.
روزنامة الفقر والفقراء
في ديوان وتريات النار وهو عنوان دال على عده معاني قابلة للتأويل حيث تقنيه التخييل اللازم لفكره الملحمة الشعرية حيث فكره الغرابة مع الإحالة في الهامش حيث استعاره طائر ابو الحن وهو طائر منتشر في بلاد الشام وكذلك نبات البرنوفا المنتشر في مصر وهل التوزيع الجغرافي له دلاله.
البعد الرئيسي بتلك القصيدة هو مناخ الشغيلة وكميه الامتهان التي يقتاتونها كل يوم ولكن في اطار قصه شعريه تعكس سرديه مغايره بطلها ذلك الانسان البسيط الذي لم تدركه تعقيدات ذلك العالم ولكن ميلاده جاء مع نوار الفول وموسم تقصيب الارض،أكان احمد عبيده يصرخ بالعودة لتماهي ذلك الفلاح مع طائر ابو الحن ولعل الاغراق في مفردات الزراعة ليكون الفلاح بطل قصيدتنا وروح السهم المارق، عباره شعر احمد عبيده عن مفهوم التركة وهي الارض وهي الام، هنا مساحه المسكوت عنه حتى يخلق من مفهوم الارض نوعا من الأسطورة،
يتبع

#بهاء_الدين_الصالحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات