أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - الدمى مربوطة خلف الدبابات














المزيد.....

الدمى مربوطة خلف الدبابات


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7936 - 2024 / 4 / 3 - 17:47
المحور: الادب والفن
    


الدمى مربوطة خلف الدبابة
أذكر عندما وقعت حرب 48 وكانت أخبار وحشية عشرات المجازر الإسرائيلية قد وصلت إلى كل مكان، وهناك اختلاف تاريخي حول عدد المجازر - بحسب مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات ومقره بيروت فإن عدد المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بين 1937 - 1948 زادت عن 75 مجزرة وكانت ذروة تلك المجازر خلال الفترة الممتدة بين عامي 1947- 1948 وهي الفترة المعروفة بالنكبة، وبما أننا في شهر نيسان، اشهر المجازر في هذا الشهر ( مجزرة دير ياسين 9 نيسان ومجزرة " قرية قالونيا 12 نيسان " و " مجزرة ناصر الدين 14 نيسان " ومجزرة " قرية الحسينية 21 نيسان شمال صفد " و"مجزرة حيفا 22 نيسان ) .
وليس بعيداً عن تلك التواريخ، قريباً من جدي الذي وجد نفسه عام 1948 مع 14 من اطفاله الصغار مع اخبار المجازر ،القتل والاغتصاب ، دون وسيلة نقل تحمل أولاده إلى لبنان، مثلما هرب البعض من اقاربه خوفاً من وحشية الاحتلال ، وكان الجواب للحماية إما اللجوء إلى المستشفى الإنكليزي الواقع على جبل من جبال مدينة الناصرة ، وإما إحدى الكنائس أو أحد الأديرة.
في البداية هرب جدي مع أطفاله إلى المستشفى الإنكليزي حيث ناموا في الممرات لمدة يومين ثم انتقلوا إلى " دير أبو اليتامى " الذي احتضن عشرات العائلات العربية الهاربة من جحيم الحرب .
تذكرت جدي الذي شعر أن أكثر الأماكن الإنسانية التي يحترمها أي جيش في العالم ، هي الأماكن الدينية والمستشفيات، عندما رأيت صور مستشفى الشفاء في غزة - وباقي المستشفيات - ، مر في خيالي صور الذعر والخوف وهروب المرضى وقتل الذين عجزوا عن الهرب، وتخريب كامل المعدات والأجهزة والأدوية، أي لا معنى بعد الآن للشفاء ، نعرف عجز المرضى ، ونعلم ما معنى طبيب درس لكي يحمي الانسان ، ولم يتعلم كيف يقتل الانسان ..! مر في خيالي ذلك التدافع والركض خوفاً أمام فوهات البنادق وصراخ التهديد واقتراب الموت على الطريقة الإسرائيلية .
لا أستطيع نزع صراخ الموت من رأسي ولا استطيع إيقاف ودورتي الدموية التي تضخ الدم وهي في حالة هذيان من الرسائل التي تركتها الصور ووجوه الهاربين الذين وجدوا انفسهم أنهم ما زالوا على قيد الحياة ، ولم يقيدهم الموت غدراً في صفحاته البشعة.
لكل حرب مؤرخيها ورجال تحليلها ودراساتها ووجوهها السرية والعلنية ، ومرايا النفاق وطاولات الكلام وثرثرة الرؤساء وملامح التشفي وابتسامات الرضى ، ولكن هذه الحرب بكل ما فيها من بشاعة وانحطاط انساني ، لن يستطيع أي واحد أن ينسى صور الأطفال، ليس فقط الجثث داخل الأكفان أو الذين صاروا هياكل عظمية نتيجة الجوع ، بل هناك ابتسامات أطفال كانت تشق الفضاء وتلمع في فضاء الألم مؤكدة أنها ستبقى ، ما أجمل ذلك الطفل الذي يحمل طنجرته الصغيرة وينتظر في الدور وينظر إلى بقايا الطنجرة الكبيرة بأسف لأنه لم يبق له وجبة، فملامح الرجل الذي يقوم بتعبئة الطناجر الصغير أعلن الاستلام وأزاح وجهه حتى لا يرى وجه الصغير المصاب بخيبات الأمل والخذلان حتى من تفاهة الطنجرة الصماء .
وما أجمل ذلك الطفل الذي يجلس على بقايا حطام منزله بعد مقتل عائلته ، يتأمل الفراغ بروحه التي لا تستوعب هذا الدمار ، ولكن يخزن الصور في عقله الباطني ، وأتساءل كيف سيكون تفكيره ومشاعره في المستقبل ؟؟
أما تلك الطفلة التي تبحث عن عائلتها ، وتلجأ إلى عائلة لا تعرفها ولكن الأم التي تجلس مع أطفاله تحضنها وتردد أنت بنتي ..!!
وما أجمل الصبي أبن العاشرة الذي اصبح مسؤولاً عن جدته الكفيفة وجده المريض بعد قتل جميع افراد عائلته، تتحول الرجولة في أصابعه إلى فولاذ عندما يمسك يد جدته تتحول إلى جسور من صلابة الثقة، كأنه يقول لجدته ، أنا هنا ..!!
وهناك الصور البشعة التي لم يتحملها العقل ، ومن بينها تلك الدبابة التي قام الجنود بربط دمى الأطفال التي تناثرت بين حطام أحد البيوت في جنزير الدبابة ، بينما كانت تسير الدبابة كانت الدمى تتطاير بين الأرضية المليئة بالحجارة والرمال وتتمزق وتقطع رؤوسها واطرافها ، منظر يجعل الانسان يقف أمام ذئاب التاريخ ويتساءل عن العلاقة الثأر بين الدبابة والدمى .. ؟؟



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيران في سماء غزة
- الغزيات الماجدات
- في بيتنا راديو
- لكوابيس الغزاوية
- غزة من زمن آخر
- تنهدات على تراب غزة
- خواطر من الزمن الغزي
- أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت
- دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة
- لا يوجد عذراء في الشرطة الاسرائيلية
- تل ابيب تبيع توابيت الحزن
- الجزيرة والكلب وبينهما رصاص
- بين عري الجسد وعري القتل والدمار
- جنين مقياس ريختر للسلطة الفلسطينية
- الحب في الزمن اليمني
- ما زلنا في مغارة 5 حزيران


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - الدمى مربوطة خلف الدبابات