أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - عندما تتكلم العيون الغزية














المزيد.....

عندما تتكلم العيون الغزية


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7824 - 2023 / 12 / 13 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تتكلم العيون الغزية
كتبوا كثيراً عن العيون ، قصائد شعرية وأغان غزلية وأقوال إنسانية ، ورغم محاولة تغيير و تبديل الوانها بواسطة العدسات اللاصقة ، إلا أنها بقيت العيون في ميادين العشاق الذين يسهرون الليالي لكي تصير العيون الجمر الملتهب في ميزان حرارة الاشتياق والقدرة على زرع قمح الوفاء .
ما زالت العيون بالنسبة لي ليست فقط للرؤية والتحديق ومعرفة تفاصيل الحياة ، بل هي كاشفة لأعماق الانسان ، وهي التي تحمل في نظراتها كل شيء من أناشيد الفرح إلى تنهدات الانتظار إلى صراخ التعاسة إلى وجع الفراق ، أما الدموع فهي جسور الحناجر التي لم تستطع كبت شرايين القلب الذي يصر على كتابة الآهات وحمل نياشين الاعتزاز والوقوف على جبال الكبرياء .
عندما سألتني إحدى الصحفيات كيف وافقت على الزواج من زوجك ؟ قلت لها : نظرت في عينيه فعرفت أنه قدري، وكان زوجي يسخر من نظريتي ، وعندما أحاول التفسير والتأكيد أن العيون هي خارطة الطريق للفرح والحزن والثقة والاحلام وهي مكتظة بمدارس تعلمنا حدود التأهب للبكاء أو التأهب للركض في سباق التحدي ، أدرك أن ليس كل واحد يعرف قراءة الابجدية ، حيث كان يقول لي زوجي عندك " رومانسية متواطئة مع السذاجة " .
وبقيت وما زلت اؤمن بنظريتي أن العيون تتكلم أكثر من اللسان ، لكن لا أحد يسمعها ، و منذ بداية الحرب على غزة وأنا أحدق بشاشات الفضائيات ، أغادر جسدي وأخترق زجاج الجنون البركاني ،وأقتحم صفحات التاريخ الفلسطيني التي لا تتمزق ولا تركع ، وأفقد ذاكرتي أمام الدمار والأشلاء والبنايات التي كانت شاهقة ولكن بقدرة القذائف عانقت الأرض، وأكوام الحيطان والجدران المبعثرة التي تتنهد على الذكريات ، والجثامين المغطاة باللون الأبيض ، كأن الموت يتندر علينا قائلاً :
- رغم كرهكم لي سأبقى الأبيض الناصع الذي يقهر غروركم ..!!
غابات من الوجوه الصارخة ، المتألمة ، الموجوعة ، و على تخوم التحديق تطل العيون أمامي ، الدموع لا تبالغ ولا تتنكر لطقوس الوداع والدمار والشعور بفقدان كل شيء ، الصراخ لا يبالغ وهو يشعر أن العالم الصامت قد أحصى أنفاسه ويرغمه على ارتداء أثواب الندم .
ولكن العيون تركل كل شيء ، مَن يحدق فيها وهي تصعد إلى السماء ، يشعر أنها تحمل مسامير الزمن وتدقهم في شوارع وطرقات جديدة ، من يحدق في عيون الدهشة و الحيرة والذهول لا يجد الأنقاض بل يجد شيئاً يلمع يمارس لعبة الحق بين أكوام الإصرار والصبر .
من يقرأ عيون النساء والرجال والأطفال والشيوخ يجد الموت متنقلاً بين فواتير الحرب والرجاء أن تكون الفواتير بعيدة عن عبث الأرقام المتزايدة ، لكن هناك شيئاً يلمع قد يفسره فقط رجال التحليل والتمحيص والنقد ، و من قال أن " زرقاء اليمامة " كذبة واسطورة وخيال لا يعرف أن الغد يحمل الكثير ، وأن من " عيون زرقاء اليمامة " تتدلى رسائل دون حبر وكلمات .
من يقرأ العيون يعرف أن فيها شيئاً غريباً لا يغادر مساحات الدهشة والوجع ، بل شيئاً يمشي على رؤوس أصابعه بحثاً عن مسافة بين التاريخ والسنوات ، بين الأجنحة الحالمة وطوابع الاتفاقيات والتواقيع التي حاولت أن تكون العصافير البلاستيكية في زمن الأقفاص السياسية و الإعلامية .
شوقية عروق منصور -



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت
- دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة
- لا يوجد عذراء في الشرطة الاسرائيلية
- تل ابيب تبيع توابيت الحزن
- الجزيرة والكلب وبينهما رصاص
- بين عري الجسد وعري القتل والدمار
- جنين مقياس ريختر للسلطة الفلسطينية
- الحب في الزمن اليمني
- ما زلنا في مغارة 5 حزيران
- يريدون تحويل دمنا إلى غبار
- صدور الطبعة الثانية من كتاب - مذكرات معلم - للكاتب تميم منصو ...
- يتباهون بسلخ جلودنا
- مشروع شهيد
- لماذا أكتب ؟
- الفلسطيني وفأر حوارة قلع الجزرة
- بين الصبر والصبر حقولاً من الصبر
- أم كلثوم صلعاء في متحف الجماجم
- اليوم العالمي للمرأة يقع في برج النفاق


المزيد.....




- -لكلماته علاقة بأيام الأسبوع-.. زاخاروفا تعلق على تصريحات ما ...
- سيارة وجمال.. هدايا مقدمة لسعودي أنقذ مواطنيه من سيل جارف (ف ...
- -المسيرة-: 5 غارات تستهدف مطار الحديدة الدولي غرب اليمن
- وزير الخارجية الإماراتي يلتقي زعيم المعارضة الإسرائيلية
- وثيقة سرية تكشف عن أن قوات الأمن الإيرانية تحرشت جنسيا بفتاة ...
- تقارير مصرية تتحدث عن تقدم بمفاوضات الهدنة في غزة و-صفقة وشي ...
- الكرملين يعلق على الضربة المحتملة ضد جسر القرم
- مشاهد جديدة من موقع انهيار طريق سريع في الصين أدى إلى مقتل ا ...
- سموتريتش يشيد بترامب في رفض حل الدولتين
- -وفا-: إسرائيل تحتجز 500 جثمان فلسطيني بينهم 58 منذ مطلع الع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - عندما تتكلم العيون الغزية