أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - بين الصبر والصبر حقولاً من الصبر














المزيد.....

بين الصبر والصبر حقولاً من الصبر


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7413 - 2022 / 10 / 26 - 15:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت جدتي تردد دائماً " الله يصبرني " ومن كثرة ترديد هذه العبارة كنت أشعر أن جدتي تقولها كنوع من العادة وثرثرة عجائز وضمان لدخولها الجنة ، لكن عندما كبرت عرفت أنها كانت تقوم بتبريد نيران قلبها المشتعلة بهذه الكلمات .
فجأة لا بيت لا أرض ولا أبن ... في ليلة جمعت بين زوايا ظلامها، أزيز الرصاص ووحشية الغرباء، الذين أخذوا ينهشون بخطواتهم الطرقات والأزقة ويتراكضون بين البيوت كوابيساً وأشباحاً وموتاً خاطفاً يقوم فجأة باحتضان كل شاب وشيخ وطفل.
فكان لا مفر من الهروب، فتحت جدتي شوال الخيش وبدأت تضع فيه ملابس أولادها بسرعة مصحوبة بذهول أشبه بالجنون ، وخرجت وقد قامت بإغلاق باب البيت بالمفتاح، وأخذت تركض هاربة لتلحق بزوجها الذي كان بين الأشجار مع مجموعة من الرجال يقف عاجزاً أمام بندقية قديمة لا تطلق الرصاص إلا بصعوبة .
كانت تردد أمامي راح البيت وراحت البلد بس لو ظل الأبن .. حيث مات عمي شهيداً أمام باب بيته ، فعندما وجد أن الجوع قد وصل إلى حد لا يطاق وهم يعيشون في العراء ، تذكر أن والدته قد قامت بزرع أرضهم في القرية كم شتلة بندورة وكم شتلة باذنجان ، ذهب عمي إلى القرية متسللاً على الحمار، يمشي بين البيوت بهدوء فهذه حارته ويعرفها جيداً ، سيجمع كم حبة بندورة ولعل البذنجان قد أصبح ناضجاً سيأخذ كم باذنجانة ويرجع بسرعة إلى والدته .
وفي لحظة وما أن دخل الى حاكورة بيتهم حتى أطلق عليه وابلاً من الرصاص، جعل من جسم عمي غربالاً ، وثقوباً تنزف حرارة الدماء ، ثم قام من أطلق على عمي الرصاص بوضع جثته على ظهر الحمارة التي أخذت تمشي لوحدها، والدم ينزف على تراب الطريق، حتى وصلت الحمارة إلى المغارة التي كانت تأوي العائلة. وزرع الصبر في صدور أبناء العائلة وقد يبس مع الأيام ، لكن بقي مزهراً بالآهات والدموع في صدر جدتي ، وعندما كانت تحتضر كانت تنادي عليه .
أما صبر أمهات الشهداء في فلسطين فيترجم إلى شموخ وكبرياء ، من أين يأتين بهذه العظمة عندما تتكلم الأم الفلسطينية عن صمود وقوة أبنها الشهيد ؟
من أين لهن هذه القلوب المليئة بالفخر وهن يمدحن أولادهن الشهداء؟
من أين يأتين بهذه الجرأة حين يقلن ان دم أبني فداءً للوطن ؟ مع العلم أننا لم نسمع شيئاً عن أبناء الذين يقودون الوطن ؟
من أين يأتين بهذه الصلابة وقسوة الصخر وعدم الانحناء أمام المشهد الجنائزي ؟ من أين لهن هذه العيون التي تنبض بالعز والكرامة ؟ من أين لهن هذه الزغاريد التي توزع في فضاء الجنازات .. من أين لهن هذا الصبر المكلل بالعطاء ؟
أمهات الشهداء يتكلمن أمام وسائل الاعلام كأنهن ناطحات سحاب، جبالاً من الوفاء، من أين لهن هذه المقدرة على التكلم وهن يمشين على جمر الأمومة ؟ من أين لهن هذه العظمة التي يفتقدها الساسة السياسيين ؟
أعرف أن وراء كل هذه العظمة نبضات قلب ووجع وذكريات..!! ستبقى الأم لوحدها تكتب بدمها حروف اسم أبنها الذي استشهد وقميصه الذي اختلطت خيوطه مع دمه سيبقى خارطة وجع لا يحملها الا قلبها الذي يئن يومياً من الفراق .
أما ذلك اليهودي المستوطن الذي وجد أن التجارة في نبات الصبر قد يتخم حسابه في البنك، فقام بزراعة نبات الصبر - بدون شوك - وأخذ يعدد مزايا أكواز الصبر على شاشة التلفزيون والكاميرا تستعرض المساحات، لم يتكلم هذا المستوطن أن الأرض قد سرقت وأن نبات الصبر ما هو إلا دموع الأرض التي سُرقت من أصحابها، وإذا كان يفتخر أن الصبر بدون " شوك " فليفتش جيداً الشوك مزروعاً في قلوب الفلسطينيين .
شوقية عروق منصور - فلسطين



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أم كلثوم صلعاء في متحف الجماجم
- اليوم العالمي للمرأة يقع في برج النفاق
- أم الشهيد كعامود النار وليست امرأة شاذة يا محافظ نابلس
- العربي باطما كاتب الالم
- الطالبة نيرة واعترافات الضابط الاسرائيلي
- القوي عايب برقية إلى روح شيرين أبو عاقلة
- كانت الجزائر تنام على كتف الاستقلال
- تتحدث فتاة النابالم فترد عليها المرأة الفلسطينية
- سلوى الفلسطينية في مهب الريح في الخليل
- في ذكرى النكبة
- يوم استقلالهم يوم نكبتنا
- عندما تكون - عهدية - المرأة البحرانية عمياء صماء
- وجه امرأة على طابع بريد
- مراسيم الزواج الفلسطيني حسب المزاج السياسي الاسرائيلي
- ماذا بقي للمرأة الفلسطينية في 8 آذار
- الشيخ جراحوالمرأة التي لم تجد أمام الجنود إلا إشهار الحذاء
- امرأة داخل علية من الزجاج
- عودة باجس أبو عطوان
- الاديبة والانتحار من فرجينيا الامريكية إلى عنايات المصرية
- البومة فوق السطح وأنابيب الغاز لم تستطع حماية البيت


المزيد.....




- ميغان ماركل تنشر فيديو -نادرا- لطفليها بمناسبة عيد الأب
- مصدر لـCNN: إيران تبلغ الوسطاء أنها لن تتفاوض مع أمريكا لحين ...
- منصة مصرية لإدارة الأمراض المزمنة والسمنة
- لماذا يستخدم الكثير من الأطفال السجائر الإلكترونية، وما مدى ...
- إسرائيل تستشيط غضبًا بعد إغلاق أربعة أجنحة تابعة لها في معرض ...
- إيران تهدد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية وسط التصعيد م ...
- مفوض أممي يحث على إنهاء الأزمة الإنسانية في غزة
- اكتشاف دور للسكر في حماية الدماغ من الشيخوخة
- طبيب يفند خرافات شائعة عن ورم البروستاتا الحميد
- ما الذي يسبب العدوانية غير المنضبطة؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - بين الصبر والصبر حقولاً من الصبر