|
ماذا بقي للمرأة الفلسطينية في 8 آذار
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 7183 - 2022 / 3 / 7 - 21:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا نملك أمام أشهر السنة إلا التفتيش في ثناياها ، في أيامها ، حيث تصبح الأيام جزءاً من ذاكرة وتاريخ ومشاعر ووفاء ونكران وتعاسة والم وفرح وانتصار وانكسار ..الخ لكن في شهر آذار تتكوم الأقفال الكثيرة امامنا تنتظر المفاتيح ،الأقفال السياسية والاجتماعية ، أول المفاتيح المعلقة على مسمار الذاكرة ، معركة الكرامة - قرية الكرامة في غور الأردن – وقد وقعت المعركة في 21/3/ 68 بين الجيش الإسرائيلي والمقاتلين الفلسطينيين ومشاركة الجيش الأردني ، واسفرت المعركة عن صد الهجوم الإسرائيلي وايقاع خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي . في 8 آذار يوم المرأة العالمي، تتحرك الصور النسائية ، تحصي ابتلاع سكاكين المجتمع وسيوف الرجال ، وتغرق الصفحات والشاشات بدموع المظلومات ، ويبتل تراب التمرد ، حيث تكون الانتفاضة ضد القهر والظلم والعنف . بعض وسائل الاعلام تقوم سراً بزيارة الجروح والتشوهات الانثوية ، ثم تبدأ بتصديرها الى الفضاء ، حيث تُكشف الاسرار ، وتنهار اساطير الجمال والدلال امام الوجع الناري وازدحام القوائم التي تحمل النسب المئوية للعنف والقتل النسوي. في 8 آذار تتسلل من بين ابجدية الوجوه النسوية ، وجه المرأة العربية الذي أصيب بالتشويه الجنوني لدرجة عجزت المرايا عن حمل انعكاساته . ماذا بقي للمرأة العربية في وطنها غير الهموم والهرب واللجوء والتحرش والاغتصاب والنفي خارج المجتمع والحياة تحت إيقاع الفتاوى والهجوم الشرس على حياتها وانجازاتها وعملها ، انهم يضربونها يومياً مستغلين عجزها وضعفها وانهيار الأوطان ، مستغلين حالات الجوع والقهر والدمار ، فعليها تقع المسؤوليات كأم وزوجة مسؤولة في الزمن الوحشي ، عليها أن تحضن الأبناء وتوفر الأمن الذي يكاد أن يكون مفقوداً ، عدا عن الركض وراء الرغيف . الذي يحاول تزوير صورة المرأة العربية في الثامن من آذار ، كمن يطلب من النملة أن تطير وتنافس العصفور . ورغم الصورة القاتمة للمرأة العربية تبقى المرأة الفلسطينية لها الصورة الخاصة جداً في الثامن من آذار وفي 21 آذار عيد الأم ، حيث تنفرد الفلسطينية بوجعها الخاص ، المميز عن باقي نساء الأرض ، ليس فقط لأنها تعيش في ظروف صعبة وقاسية نتيجة البطالة والفقر والاحتلال وقسوة الانقسام والحصار والحواجز وأنياب الاستيطان ومصادرة الأرض ووقاحة المستوطنين ، ولكن كأم وزوجة وأخت وابنة وقريبة شهيد ينتظرن دفنه ، ينتظرن بلهفة كي يفرجوا عن جثمانه ، فالمرأة الفلسطينية تنفرد بوجع انتظار الانتظار ، حين تقلق وتسهر الليالي وتقضم أظافرها في عتمة الدموع ، وهي تعرف أن أبنها أو زوجها أو شقيقها في الثلاجة ، ينتظر الأفراج حسب مزاج المسؤول الإسرائيلي وعقد الصفقات السياسية كي يضمه تراب أرضه وتنتهي رحلته – عدا عن مقابر الأرقام التي تحتفظ برفات مئات من الفلسطينيين واللبنانيين - . المرأة الفلسطينية تنفرد وحدها بزيارة السجون التي تحوي الأسرى ، حتى أصبحت الزيارات طقساً من طقوس وجودها الحي – هذا اذا لم تُحرم لأسباب واهية - السجون لا تعرف كيف تعد سنواتها ، حيث تكون حياة الكثير من الأسرى سلسلة سنوات متواصلة الى أجل غير مسمى ، يعدون يومياً القضبان ويحفظون عن ظهر قلب ملامح التجاهل واستعراضات الشعارات والكلمات الرنانة . المرأة الفلسطينية لا تعرف الثامن من آذار و اذا اجبروها على الاحتفال لتبدو الصورة جميلة في زمن القبح ، تحاول الفرح ، لكن فرحها يوقظ الانتحاب في داخلها . المرأة الفلسطينية كرست نفسها لملحمة طويلة ، لبطولات صامتة ، لا تحلم بالبريق الإعلامي ، ولا تريد خدش صور القادة والمسؤولين الذين يتجاهلونها ، فهم يتنفسون اوكسجين الرجولة في قراراتهم واجتماعاتهم كأن الوطن يملك الشوارب والعضلات ، المرأة الفلسطينية تتستر على حزنها ووجعها برسم الابتسامات رغم انها تعيش على صفيح ساخن . كل عام وانتن بخير .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيخ جراحوالمرأة التي لم تجد أمام الجنود إلا إشهار الحذاء
-
امرأة داخل علية من الزجاج
-
عودة باجس أبو عطوان
-
الاديبة والانتحار من فرجينيا الامريكية إلى عنايات المصرية
-
البومة فوق السطح وأنابيب الغاز لم تستطع حماية البيت
-
عربي 2020
-
بابا نويل الفلسطيني
-
أنا عالقة في المرآة
-
القرد في أعماقنا يلعب في نشارة خشب
-
ماذا يعني أن يموت زوج الكاتبة
-
بين شلهفيت اليهودية وعائشة الفلسطينية
-
حكايتي مع الدموع السياسية
-
نصري حجاج الفلسطيني الذي لم يعرف مقبرته
-
مرور ست سنوات على موت سواق الأتوبيس
-
حين تم طرد النساء اليهوديات
-
وداع بالحبر السري
-
ويعود حزيران
-
المذاق الذي أصبح رخيصاً
-
اغتصاب الرحم ومخالب المستوطنين
-
العشماوي وجارتنا أم اسحاق
المزيد.....
-
بحشود -ضخمة-.. احتجاجات إسرائيلية تدعو نتانياهو للموافقة على
...
-
-كارثة مناخية-.. 70 ألف شخص تركوا منازلهم بسبب الفيضانات في
...
-
على متنها وزير.. أميركا تختبر مقاتلة تعمل بالذكاء الاصطناعي
...
-
حملة ترامب تجمع تبرعات بأكثر من 76 مليون دولار في أبريل
-
فضيحة مدوية تحرج برلين.. خرق أمني أتاح الوصول إلى معلومات سر
...
-
هل تحظى السعودية بصفقتها الدفاعية دون تطبيع إسرائيلي؟ مسؤول
...
-
قد يحضره 1.5 مليون شخص.. حفل مجاني لماداونا يحظى باهتمام واس
...
-
القضاء المغربي يصدر أحكاما في قضية الخليجيين المتورطين في وف
...
-
خبير بريطاني: زيلينسكي استدعى هيئة الأركان الأوكرانية بشكل ع
...
-
نائب مصري يوضح تصريحاته بخصوص علاقة -اتحاد قبائل سيناء- بالق
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|