أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - مرور ست سنوات على موت سواق الأتوبيس















المزيد.....

مرور ست سنوات على موت سواق الأتوبيس


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6987 - 2021 / 8 / 13 - 13:16
المحور: الادب والفن
    


هناك خلاف بين النقاد، هل الفيلم السينمائي يعتبر وثيقة تاريخية ، أم الخيال ينعكس على القصة والتمثيل والانتاج والاخراج ، و السينما العربية خاصة السينما المصرية استطاعت أن تنقل الكثير من القضايا الاجتماعية والسياسية وتعرضها على الشاشة ، وكان لها التأثير على مجريات الحياة وتغير الكثير من القوانين والعادات .
لكن الفيلم السياسي العربي بقي حبيس الرؤية الضيقة ، حبيس الخوف من الرقابة على المصنفات الفنية والحذف وتغير سيناريو الفيلم ، نعترف هناك بعض الممثلين اخترقوا الممنوع وقدموا الفيلم السياسي برؤية عصرية ، وجريئة ، وواضحة ، لكن القلائل من هؤلاء الفنانين كانوا يملكون الثقافة السياسية ويلاحقون الأخبار وقضايا الساعة ، وهذه الثقافة انعكست على سلوكهم وخطابهم الى جمهورهم العريض ، بل سافروا الى دول عربية ليس تحت شعارات التمثيل ،بل شعارات التضامن مع تلك الدول ، من هؤلاء الفنان الراحل نور الشريف الذي عاش حصار بيروت عام 82 مع الفلسطينيين وكان من المهتمين بالقضية الفلسطينية وربطته علاقة شخصية مع القائد عرفات والشاعر محمود درويش وغيرهم من الفلسطينيين ، وقد زار العراق عدة مرات أثناء الحصار وكان يرأس الوفود المتضامنة مع الشعب العراقي.
الزمان عام 1983 ... المكان مسرح البالون – القاهرة، وراء الكواليس ، بعد انتهاء عرض مسرحية ( الكلاب وصلت المطار ) التي كان يمثل فيها، كان لقائي الأول مع الفنان نور الشريف .. أنا الصحفية العربية الفلسطينية التي تحمل جواز السفر الاسرائيلي .. كان التناقض يبحر في حيرة الفنان الذي وجد نفسه أمام معضلة، عربية وتحمل الجنسية الاسرائيلية .. ومن خلال رسم خرائط الوطن المسلوب ولوعة الكلام ورمي الحروف في موقد النكبة والنكسة .
أخذ يسأل عن المدن العربية، عن حيفا ، يافا ، عكا، وعن أحوالنا وحياتنا ، وكلما أجبت وتكلمت واستفضت بالحديث يفتح الدفتر الصغير الذي يحمله في جيبه ويسجل عليه ، وعندما أخبرته أن والدي من قرية مهجرة تدعى " المجيدل " وتسمى اليوم " ميجدال هعيمق " وهو يعمل في مصنع اقيم على أرض آبائه .. طلب مني التروي واخذ يسجل .. وفي نهاية اللقاء قال أنني أوحيت له بقصة فيلم .. وبعد سنوات .. في عام 1990 أرسل لي رسالة أكد فيها أنه سيقوم بفيلم عن حياة رسام الكاركاتير الفلسطيني ناجي العلي وقد استعان بالمعلومات التي كنت أرسلها له عبر البريد، وأن قصة والدي اللاجيء ما زالت في ذهنه ولن ينساها.
مات نور الشريف .. هل نقول وداعاً " ابن رشد " أم وداعاً " ناجي العلي " أم وداعا " سواق الاوتوبيس " الذي لخص المجتمع المصري بقيمه التي غابت والفساد والسرقة والانانية وفوضى الحكم وسياسة الانفتاح التي قام بها السادات ، الاتوبيس كشف عن أمراض المجتمع المصري والبشر الذين تغيروا وتمزيق نسيج الحياة الاجتماعية .. أنه الفنان نور الشريف أو السواق المصري الذي وصل الى قناعة أن سوس الفساد قد نخر كل شيء .. حتى العائلة وعلاقات الأخوة، أيضاً لم يبق للشرفاء مكاناً في هذا الوطن الذي عبث فيه أصحاب رؤوس الأموال وتجار النظام والمفسدين.
وفي فيلم " المصير " جسد حياة الفيلسوف ابن رشد بقدرة فائقة من خلال الحوار، وحين أكد أن للأفكار أجنحة تحلق مهما كانت القضبان وكان الحصار، صفق له الجمهور الفرنسي في مهرجان " كان " ونال الفيلم جائزة المهرجان، وفي فلم " ناجي العلي " استطاع عبر تجسيد شخصية رسام الكاركاتير الفلسطيني " ناجي العلي " تمرير رسالة القضية الفلسطينية التي واجهت الصعوبات والعقبات ليس فقط من قبل الصهاينة بل أيضاً من الأخوة .
ومع أن فيلم" ناجي العلي " يُعد من أفضل الافلام التي عالجت حياة شخصية فلسطينية وعربية وقد كلف انتاجه اموالاً طائلة ، لكن تم منعه في عدة دول عربية – خليجية - بحجة التطاول على هذه الدول ، مما أدى الى الخسارة الفادحة ، وبقي مخرج الفيلم عاطف الطيب في حالة اكتئاب حتى توفي بالسكتة القلبية ، وقد أتقن نور الشريف دوره واتقن اللهجة الفلسطينية ولم يشعر المشاهد بتأثير اللهجة المصرية .
حين سألته كيف قبلت المشاركة بفلم " الكرنك" الذي فتح الباب على شتم ومهاجمة وادانة الزعيم عبد الناصر والفترة الناصرية وأنت الناصري حتى النخاع ، وصاحب المواقف السياسية المشرفة والثوري الذي يدافع عن حق الشعب الفلسطيني وباقي الشعوب العربية ؟؟
تردد .. ثم قال : الفنان مثله مثل باقي البشر يرتكب الأخطاء .. وأنا أعترف لو سمح لي بحذف بعض من أفلامي لحذفت هذا الفلم ..!! اعتراف نور الشريف أذهل الحضور .
كان ذلك خلال ندوة عن الفلم السياسي في إحدى قاعات معرض الكتاب الدولي عام 2008 ، اعترافه بأن الفنان الملتزم يجب أن لا يخطىء ويجب أن يبقى على موقف ثابت لأنه يجب أن يكون القدوة ، وهو شاهد على التاريخ ، وعلى المرحلة .
وآخر لقاء كان بيننا .. ضحك عندما رحبت فيه قائلة ( أهلاً يا حاج متولي ) وسألته الم تقل لي سابقاً أن العمل الفني يجب أن يلتزم بالقضايا الحياتية والاجتماعية ، أنت في مسلسل ( عائلة الحاج متولي ) فتحت النوافذ والأبواب على قضية تعدد الزوجات بطريقة تدفع الرجل للزواج دون الاكتراث بزوجته واولاده ، وأعرف أن عشرات الجمعيات النسائية قامت بمهاجمتك ووضعك على لائحة الاتهام أيها الرجل المغرور .
أجاب .. أنا ضد تعدد الزوجات .. وحياتي الشخصية تثبت حتى بعد طلاقي من الفنانة بوسي لم أتزوج غيرها ، لكن الفنان يجب أن يقدم الشخصية التي تعيش بيننا في المجتمع ، ومتولي موجود ، يتزوج ويطلق وهذه لم تعد ظاهرة عابرة بقدر ما هي ظاهرة مقلقة .
رحل نور الشريف بعد أن منح الفن 170 فلماً وعشرات المسلسلات التلفزيونية والاذاعية، وحين وضعوا أفلامه ( العار ) و ( سواق الأوتوبيس ) و ( كتيبة اعدام ) و ( حدوثة مصرية ) في أفضل مئة فلم مصري شعر أن رسالته وصلت .
مات ( آخر الرجال المحترمين ) حيث قام الراحل نور الشريف في هذا الفلم بتجسيد شخصية المدرس الذي ذهب في رحلة مع التلاميذ الى القاهرة ، وتضيع أحدى التلميذات ليكتشف خلال البحث عنها مدى تغلغل البيروقراطية والفساد في أجهزة الدولة وأولها الشرطة .
ذهب الجسد .. رحل الحضور والتألق ..وما زال على الشاشة البيضاء هناك نبض صور ووجوه متعددة وحكايات كثيرة .. هناك على وقع خطوات الغياب يتمدد في الفضاء اسم " نور الشريف " فناناً متميزاً في زمن يتراخى ويتهدل ويودع الزمن الجميل .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين تم طرد النساء اليهوديات
- وداع بالحبر السري
- ويعود حزيران
- المذاق الذي أصبح رخيصاً
- اغتصاب الرحم ومخالب المستوطنين
- العشماوي وجارتنا أم اسحاق
- امرأة شهر آذار
- ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود
- في شهر المرأة .. شهر آذار أنحني تقديساً لأم أحمد جرار
- في شهر آذار من يتذكر يارا وأطوار
- البن والجرح العميق -
- عزت العلايلي في الطريق ايلات
- نبض المكان وحرير الذكريات
- لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك
- البحر لنا والشاطىء لنا
- الأنوثة تباع بالكيلو في الأسواق العربية
- ام كلثوم غني لشوارع التطبيع
- الجماجم ليست للغفران
- زمن فهد الكورونا
- في زمن حسن شاكوش


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - مرور ست سنوات على موت سواق الأتوبيس