أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً














المزيد.....

أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 7838 - 2023 / 12 / 27 - 18:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أين قبري..؟؟ وبابا نويل عارياً
قد يكون السؤال " أين قبري" ؟ صادماً يفتح صناديق الرعب والخوف ويجد أمامه صحراء من الهذيان والهواجس ، قد يكون السؤال فيه الغرابة وصرخة بدائية في عصر يركض فيه القبر إلى مساحات من الرخام والأزهار وشواهد تتناسل فوقها عشرات العبارات التي تمجد شخصية المتوفي.
لا أقفز فوق اللامعقول ولا أطارد الجنون ، ولكن الذي نراه على شاشات الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي من صور وأفلام ولقطات الجثث المتناثرة في قطاع غزة ، تجعل البعض منا يتحسس حياته والأدهى حين يمر على نهاية حياته ويرتدي ثوبه الزمني ويرحل .
ليس خوفاً من الموت ولكن من يشاهد ويتابع اللقطات الإخبارية التي تُظهر الجثث الملفوفة بالنايلون البائس أو الجثث المغطاة بشراشف وحرامات وملقاة هنا وهناك على الأرض وفي الزوايا وفوق التراب وفي الممرات وفي كل مكان ، مصفوفة كأنها عرض مسرحي فيه إدانة لإنسانية الانسان.
نعرف أن خلف كل جثة كان هناك انساناً له المشاعر والأحاسيس والطموح والأحلام ، وأيضاً خلف - هذا الميت المهمل - الذي كان يأخذه الخيال إلى الموت مؤكد أنه كان يتخيل قبره وبكاء عائلته وزيارتهم في الأعياد والمناسبات ، ولكن في قطاع غزة أضيفت إلى مأساة الانسان وجع الموت الذليل غياب دفء الاحترام لسنوات وعمر وجهد هذا الانسان ، إهانة الجثث الملقاة في الطرقات بصمت التسول ، خاصة حين يراها العالم الذي يعدد انتصار حضارته ولكن في ذات الوقت يثبت مدى وحشية هذه الحضارة المزيفة .
أسنان الجرافات ترتكب جريمة بشعة حين تتوهم أن حمل عشرات الجثث والقاءها في حفرة واسعة هو طي صفحات حزن عابر، أليس من الغريب أن لا يكون هناك أسماء تشق عتمة الوجع وتقول أنا موجودة ، وكل جثة تريد أن يبقى اسمها و بصماتها تتنفس الضوء ، أن يكون لها المكان الخاص ، قبرها الخاص والشاهد الخاص .
أعرف أن في الحروب لا قيمة تُذكر للإنسان ، ولكن هناك قيمة للذي وعدته الحياة بأيام جميلة ولكن الحرب قصفت أغصان حياته ، وصارت تلك الأغصان حطباً يتكسر تحت الأقدام .
قد يردد لي احدهم ما قالته السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما عندما خاطبت أبنها عبد الله بن الزبير ( إن الشاة لا يضرها سلخها بعد ذبحها ) .
ولكن من حق كل ميت أن يسأل عن قبره الخاص به ؟ أن يسأل عن محطته الأخيرة ؟ أن يكون له القبر والشاهد والاسم ، من حقه أن لا يُلقى به في حُفر جماعية ، فالحفر الجماعية التي تضم الجثث عبارة عن وصمة عار على جبين الإنسانية ، ومؤامرة محكمة لإذلال الانسان ميتاً .
بعد الحرب على غزة سيكون هناك تحليلات سياسية وعسكرية - غير حلل يا دويري حلل - ودراسات جديدة ، لكن أكبر النتائج ستكون سقوط الأقنعة عن وجوه بعض الشعوب والدول ، وسقوط المبادئ والقيم والاخلاقيات المزخرفة بالخداع ، سيكون السقوط الإنساني والأخلاقي لدول تكيل بعدة مكاييل .
من المهازل أن في وسط قطاع غزة في شارع صلاح الدين هناك مقبرة فخمة جداً لقتلى الجيش البريطاني الذين سقطوا في معارك غزة ، وتضم المقبرة 3217 ، وعندما تضررت المقبرة بالقصف الإسرائيلي في الأعوام 2006 و 2008 اضطرت إسرائيل إلى دفع تعويضات لترميم المقابر وشواهد القبور التي تحطمت . وهناك مقبرة ثانية لقتلى الجيش البريطاني بالقرب من دير البلح تضم رفات 724 قتيلاً من الجيش البريطاني في معارك غزة . لا تعليق ...

بابا نويل عاريا
رأيته يخرج في ثيابه الحمراء وينضم الى المتظاهرين ، يقف على الحواجز ويواجه الجنود ، والجنود لا يتحملون رؤية المتظاهرين الذين يقودهم بابا نويل .. لذلك يطلقون الرصاص وقنابل الدخان ، يحاولون ابعاده عن الحاجز وهو يقترب .. وكلما اقترب قاموا بإبعاده .. ثم صوبوا البنادق عليه ..فهرب .. خلف الجدار سألته :
لماذا هربت يا بابا نويل ... أنت تستطيع التحرك والتواجد في كل مكان قال :
- أنني خائف .. أرتعش من الرعب .. لقد قتل أبي برصاصة من جندي اسرائيلي قبل ولادتي .. وعشت في يتم ، تزوجت أمي .. وتركتني في رعاية جدي الذي يصر أن أعمل لأنه لا يملك قوته .. أنا أعمل في دكان للألعاب وقد طلب مني صاحب الدكان أن أرتدي ثياب بابا نويل واقف أمام الدكان حاملاً الجرس .. حتى يأتي الزبائن الى المحل .. وقد وجدت مظاهرة أمام الحاجز ، اعتقدت أن وجدوي مع المتظاهرين سيجعل وسائل الاعلام تنتبه للحواجز العسكرية ، وتبث صورتي على جميع الفضائيات .. مما يدفع زملائي في عالم بابا نويل الاحتجاج والرفض .
لكن الظاهر أن ثيابي الحمراء وقبعتي الشهيرة ولحيتي البيضاء وجرسي لم تعد جميعها تشكل الدهشة والفرح .
أثناء حديثه .. سمعنا أصوات اطلاق الرصاص من قبل الجنود ..
اختبأ بابا نويل خلف احد الجدران .. انتظر حتى هرب كل من في الساحة ، فخرج .. ناده أحد الجنود وصل بابا نويل اليه .. شده الجندي من لحيته ، ثم طلب منه خلع بدلته الحمراء ... لم يتردد فقد قام بخلعها دون مقاومة .. أخذوا ينظرون الى ملابسه الداخلية الممزقة .. ضحك الجنود عليه !!... لفوا البدلة الحمراء والقوا بها في الموقد المشتعل الذي وضعوه أمامهم للتدفئة في ليالي البرد .
وقف بابا نويل عارياً .. طلبوا منه الركض .. ركض .. لكنهم أخذوا يطلقون الرصاص في الهواء .. وبقي يركض .. وصل الى أول بيت يقع على الطريق الرئيسي ، دق الباب لم يستجيبوا .. دق ودق وهو يرتعش .. ردوا عليه من فوق ، من الطابق العلوي ، طلب من سكان البيت خرقة يستر جسمه ، أو أي شيء يرتديه ، وعندما سألوه من يكون ، قال لهم : إنه بابا نويل .. !!
لم يصدقه أحد في الطابق العلوي ، بل اعتقدوا أنه رجل منحرف وعليهم ضربه ، فتحوا الباب وأخذوا يضربونه ... !! حتى سالت الدماء الحمراء .. على وجهه وصدره ... ومن بعيد ظهر كأنه يرتدي البدلة الحمراء ، لكن لم يسمعوا صوت الجرس وهو قادم .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما تتكلم العيون الغزية
- ثرثرة سياسية في عيادة طبيب
- قصيدة غربة
- استقالة ورقة التوت
- دير أبو اليتامى في الناصرة المكان الذي لم يفقد الذاكرة
- لا يوجد عذراء في الشرطة الاسرائيلية
- تل ابيب تبيع توابيت الحزن
- الجزيرة والكلب وبينهما رصاص
- بين عري الجسد وعري القتل والدمار
- جنين مقياس ريختر للسلطة الفلسطينية
- الحب في الزمن اليمني
- ما زلنا في مغارة 5 حزيران
- يريدون تحويل دمنا إلى غبار
- صدور الطبعة الثانية من كتاب - مذكرات معلم - للكاتب تميم منصو ...
- يتباهون بسلخ جلودنا
- مشروع شهيد
- لماذا أكتب ؟
- الفلسطيني وفأر حوارة قلع الجزرة
- بين الصبر والصبر حقولاً من الصبر
- أم كلثوم صلعاء في متحف الجماجم


المزيد.....




- ماذا قالت -حماس- عن إعلان كولومبيا قطع علاقاتها الدبلوماسية ...
- أنقرة: سننضم إلى دعوى جنوب إفريقيا
- مقتل عنصر بكتيبة طولكرم برصاص الشرطة الفلسطينية والناطق الرس ...
- نيبينزيا يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة
- مؤيدون لإسرائيل يهاجمون طلابا متضامنين مع غزة وسط موجة مظاهر ...
- شاهد.. القسام تقصف حشودا إسرائيلية في محاور غزة
- شاهد.. القسام تقصف قوات إسرائيلية في محيط غلاف غزة
- إسرائيل.. مراقب الدولة يدعو نتانياهو وهاليفي للتعاون في تحقي ...
- سيناتور أميركي يطالب بضمانات صارمة على السعودية في أي اتفاقي ...
- أوكرانيا.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شوقية عروق منصور - أين قبري ؟؟ وبابا نويل عارياً