أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء المياح - كنا وأصبحنا














المزيد.....

كنا وأصبحنا


ضياء المياح
كاتب وباحث، أكاديمي

(Dhiaa Al Mayah)


الحوار المتمدن-العدد: 7932 - 2024 / 3 / 30 - 21:34
المحور: المجتمع المدني
    


كنا نعرف الناس من أشكالهم وأقوالهم وتصرفاتهم وسياراتهم وبيوتهم ومناطق سكناهم. فنقول هذا غني وهذا فقير، هذا وزير وهذا مدير وذاك موظف محترم، هذا مثقف وذاك انسان بسيط في معلوماته، هذا أستاذ وذاك طالب، هذا أبن عز أو أبن عائلة، أو أبن السادة أو أبن الشيوخ وذاك لا. كانت التصرفات والمظاهر تعبر عن حقائق هذا وذاك.
أصبحنا اليوم لا نفرق بين هذا وذاك ولم تعد الأشكال والأقوال والتصرفات والسيارات والبيوت ومناطق السكن تميز هذا عن ذاك. حتى الشهادات أصبحت متاحة بشكل مفرط وسهلة المنال. صار بمقدور ذاك أن يملك أو يبدو أو يصبح مثل هذا مظهرا حتى ضيعنا من هو هذا ومن هو ذاك. أصبح جني المال يسيرا والحصول على الشهادة الأولية والعليا سهل المنال، والوصول إلى المنصب بدعم الآخرين ممكنا وتكوين علاقات أساسها وهدفها مصالح أفراد أو مجموعات.
كان الكذب عيبا والفساد حراما، ومخادعة الآخرين صفة مذمومة. واصبح اليوم الكذب مباحا والفساد حلالا وخداع الآخرين منقبة. أصبح اليوم الغش شطارة والغشاش فردا مهما في المجتمع وأن خالف هذا الأمر حديثا نبويا شريفا. يتفاخر اليوم الكاذبون بكذبهم والفاسدون بفسادهم والغشاشون بغشهم. ووصل التفاخر إلى زوجات وأبناء وأشقاء وأقرباء وأصدقاء الفاسدين والكاذبين والغشاشين في جلساتهم وتنقلاتهم. كانت اللقمة الحلال وستر الله هي مطالب الناس ورضاهم وفخرهم بين الآخرين. واليوم أصبح المال مجهول المصدر والمناصب المشتراة والعلاقات القائمة على المصالح الآنية والمستقبلية أهم ما في حياة أفراد كثيرون من العراقيين.
كان عدد الحرامية والفاسدين قليلا وعدد الشرفاء كبيرا. أما اليوم فأعداد الحرامية والفاسدين أزدادت كثيرا وتفرقوا بين الشرفاء الذين تناقصت اعدادهم وأصبحنا لا نفرق بين الفاسد والعفيف وبين والحرامي والنزيه. اصبح الفاسدون والحرامية اليوم لا يخجلون من هذا الوصف وإن حاولوا إبعاده عنهم. كانت الناس تزدري الفساد والسرقة الغش وتبتعد عن مخالطة من ينعت بهذا الوصف. واليوم أصبح كثير من افراد المجتمع العراقي يتوجه لهؤلاء ويتفاخرون بعلاقاتهم معهم ويقتدون بهم في حياتهم.
حينما نشير إلى "كنا" في هذا المقال، فإننا نعني هنا ما مر به المجتمع العراقي خلال أكثر من مئة سنة ثم نقارنه بما أصبحنا عليه أو ما وصلنا إليه في الوقت الحاضر، ولا نقصد ربط التغييرات التي حصلت في هذا المجتمع بفترة زمنية محددة. وحتى المقارنة هنا لا تعدو إلا ان تكون من زاوية واحدة من زوايا الحياة المتعددة والمتنوعة. وهذه المقارنة في جميع الأحوال لا تكفي أساسا للحكم على سيرة مجتمع، ولكنها ستكون مفيدة لمن يتفق او يختلف معنا في نظرتنا لأنها ستشير إلى حالات قد نراها كل يوم ونحتاج إلى توصيفها وتحليلها.
كانت الأخلاق في مجتمعنا العراقي قبل القانون تردع أفراده من أن يقوموا بفعل يخالف الأخلاق والقانون. أما اليوم فلا الأخلاق ولا القانون يمنع البعض من إتيان الغلط والباطل والحرام والفساد. تغيرت منظومة الأخلاق لدى البعض في مجتمعنا العراقي وأصبح الممنوع شرعا وقانونا وأخلاقا ممكنا أو مباحا. وحل محل ازدراء الأخلاق السيئة سكوتا عنها ثم قبولا لها واستحسانا لتتحول إلى ثقافة مجتمعية لدى البعض (الكثير أو القليل) من المجتمع.



#ضياء_المياح (هاشتاغ)       Dhiaa_Al_Mayah#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشاكل العراق القادمة الشهادات (2-5): الجامعة -الأهلية- ليست ...
- مشاكل العراق القادمة السيارات والشهادات (1-2): الشوارع قليلة ...
- استهتار أفراد ام ثقافة مجتمع!!
- متى يمكننا أن نقف بوجه أمريكا وغيرها؟
- المشكلة ليست في أمريكا .. المشكلة فينا!!
- حدث من وزارة التعليم العالي الهندية
- لا تعترض .. لن يتغير من الأمر شيء
- مشاكل العراق القادمة: الشهادات (2-3) هل وزارة التعليم العالي ...
- مشاكل العراق القادمة: الشهادات (2-4) هل وزارة التعليم العالي ...
- عامل سيارة القمامة
- مشاكل العراق القادمة: الشهادات (2-3) قيمة الشهادات الجامعية ...
- كيف تحصل على الرئاسة بالمال؟!
- مشاكل العراق القادمة: الشهادات (2-2) زيادة أعداد الطلاب والإ ...
- حكومة جنوب افريقيا أشرف منكم يا حكام العرب والمسلمين
- أقطع أنفك لتعيش في المملكة
- لا تنتظرين أخوتك يا غزة
- مسؤولون لا يستحقون أن يكونوا مسؤولين في الجامعات
- كيف تعرف أن علاقتك بالآخر صحيحة؟
- مشاكل العراق القادمة؛ (1) السيارات و(2) الشهادات
- أما مِنْ مُغيثٍ يُغيثُ أهل غزة؟


المزيد.....




- المغرب يهاجم منظمة العفو الدولية
- هل تستطيع الجنائية الدولية اعتقال نتانياهو؟
- السلطات الإيطالية تحظر رحلات تنفذها منظمات غير حكومية لإنقاذ ...
- الأونروا تصف احتجاجا إسرائيليا أمام مقرها في القدس بـ-ترهيب ...
- الإعلان عن تأسيس الائتلاف ضد التعذيب في تونس
- الأونروا: نحو 200 فلسطيني يغادرون مدينة رفح الفلسطينية كل سا ...
- تونس.. استنكار وتساؤلات ترافق اعتقال مدافعين عن المهاجرين
- الأردن يدين اعتداء المستوطنين على مقر الأونروا في القدس: تحد ...
- محدث::الاحتلال يغلق معبر كرم أبو سالم بعد إدخال شاحنة وقود ل ...
- الأمم المتحدة تدعو جوبا لسحب قواتها من -أبيي- المتنازع عليه ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ضياء المياح - كنا وأصبحنا