أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - مع كل هذا الضجيج الرقمي، الفجوة تتسع!















المزيد.....

مع كل هذا الضجيج الرقمي، الفجوة تتسع!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 7923 - 2024 / 3 / 21 - 18:02
المحور: الادب والفن
    


إذا قارنا كلام الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات دورين بوغدان مارتن، عن رعب الفجوة الرقمية التي يعيشها سكان الأرض، مع عدد ثلاث مليارات مستخدم لفيسبوك، وكم تشكل هذه النسبة من نفوس العالم، فأنها لا تحول دون توسع تلك الفجوة.
سنصل بمنتهى الواقعية إلى أن معادلة الفقر والغنى في هذا العالم غير العادل، مستمرة وتعمل على تغذيتها الشركات الكبرى بجد وحرص، أكثر من الكلام العاطفي والوعود السياسية الفارغة التي تطلقها المنظمات الاقتصادية والمصارف العالمية.
دعونا نتأمل كلام دورين بوغدان مارتن وهي أول امرأة تدير هذه الهيئة التابعة للأمم المتحدة، ولماذا ركزت وسائل الاعلام الدولية على محاذيرها من انحرافات استخدام الذكاء الاصطناعي، وتجاهلت عن عمد تحذيرها من أن الفجوة الرقمية تعد أحد أكبر تحديات هذا الجيل، إذ لا يزال مليارات البشر محرومين من التكنولوجيا الرقمية.
وقدّر الاتحاد الدولي للاتصالات الذي تولت مارتن رئاسته قبل قرابة عام ونصف عام بنحو 2.6 مليار عدد الأفراد المحرومين من النفاذ إلى التكنولوجيا الرقمية.
هؤلاء “لم يتصلوا يوماً بالإنترنت” وفق هذه السيدة التي اعترفت بلغة لفرط أدبيتها جعلتها تعترف بأن ذلك العدد الضخم يمنعها من النوم ليلا! متسائلة “إذا لم يكن المرء جزءًا من العالم الرقمي، لا يكون جزءًا من عالم الذكاء الاصطناعي”.
حسنًا، من يسد تلك الفجوة التي تتسع باستمرار؟
ليس لدينا إجابات واقعية، أكثر من طموحات أقرب إلى الوعود، عندما تقول الأمم المتحدة إنها تسعى إلى جمع 100 مليار دولار بحلول سنة 2026 لتقليص الفجوة بين من يملكون التكنولوجيا الرقمية وأولئك المحرومين منها.
لكنّ بوغدان نبهت إلى أن ردم هذه الفجوة يستلزم فعليًا أكثر من أربعة أضعاف هذا المبلغ!
كان الكاتبان نبيل علي ونادية حجازي قد وضعا إجابة مبكرة عن تلك الفجوة في كتابهما المهم “الفجوة الرقمية” الذي صدر عام 2005، عندما تسائلا: هل ما زال في مقدورنا أن ننفعل بشجن الحديث عن ثنائية الغنى والفقر، فما أحوجنا إلى الانفعال في زمن خمدت فيه الهمم؟
باتت تلك الثنائية البغيضة، وفق علي وحجازي، وكأنها من فعل الطبيعة وهي ‏في حقيقة الأمر ‏ من صنع أيدي البشر والحكومات، لنستهل القول بأن تاريخ البشرية – في جوهره ‏ماهو إلا دراما متصلة للصراع بين من يملك ومن لا يملك؛ بين من يملك السلطة والقوة والقدرة والثروة. ومن حرموا منها، أو سلبوا إياها. إنه مسلسل الغنى والفقر يضاف إليه في كل عهد فصل جديد أشد مرارة وبؤسًا، ويعجز العالم عن التخلص من عاهة الفقر المزمنة التي تلطخ جبينه؛ يعجز الساسة والاقتصاديون والمصلحون الاجتماعيون والتربويون. كما يعجز المفكرون والمنظرون، المبشرون منهم ‏ ليؤول الأمر في نهاية المطاف إلى صناديق الدعم ووكالات المعونة والإغاثة. وأخير دخلَ أثرياء العصر الرقمي ليديروا امبراطورياتهم بوصفها أكبر الدول الرقمية في العالم، ففيسبوك، مثلا، دولة يسكنها ثلاث مليار مستخدم، ويديرها مارك زوكربيرغ، يتحدث عن أفلاطونية مجتمعه الرقمي لكنه يرفض النزول إلى العالم الحقيقي.
ومع أن فيسبوك شركة غارقة في الظلام، يرفع زوكربيرغ من درجة إيمانه في علاج علل العالم وتمكين المجتمع عبر مواقع التواصل.
إنه توق جميل بلا شك، لكنه أبعد من حلم، لأن مؤسس فيسبوك يمتلك فكرة خافتة عن المجتمع الحقيقي وهو يعيش حياة مرفهة في الواقع وتحت سطوة حياة رقمية. “زوكربيرغ سابع أغنى رجل بالعالم بثروة تقدر بـ 121 مليار دولار”.
إذا كانت فكرة الإنترنت وجدت في ربط العالم من أجل إطلاق سراح العالم، وفق تعبير أريك شميدت الرئيس التنفيذي السابق لشركة غوغل، فإن رسالة زوكربيرغ التي أطلقها عام 2017 عن رحلة فيسبوك لبناء المجتمع العالمي، بدت وكأنها تكرار لرسالة تاريخية لأحد القديسين إلى أتباعه.
يزعم مؤسس فيسبوك “إن فرصتنا الكبرى هي الآن عالمية، في نشر الرخاء والحرية وتعزيز السلام والتفاهم، وانتشال الناس من الفقر وتطوير التعليم. ومثل ذلك يكلف تحديات ويحتاج إلى استجابات دولية في إنهاء الإرهاب ومكافحة تغير المناخ ومنع الأوبئة”.
مثل هذا الكلام كان قد أطلقه بطريقة ما نابليون بونابرت في حلمه العالمي، وأعاده أدولف هتلر في مسعى لإخضاع قارة، لكن السياسيين الكبار التواقين للظفر بالمستقبل، هم كذابون كبار! وبما أن مارك زوكربيرغ مازال حذرا في خطواته المقتربة من السياسة، فإننا لا يمكن أن نصنفه كذلك. لكن رسالته تعنيني وتعنيك، كما تعني الملايين من الفقراء من مستخدمي فيسبوك في شتى بقاع العالم، وحتى أولئك من غير الأعضاء في الجمهورية الافتراضية. لأنه يقترح رؤية طوباوية عن البشرية جمعاء، لا يوجد أي اختبار لبناء مثل هذا المجتمع، ولأن الجمهورية افتراضية لا توجد فرصة للتفاوض.
وأن كل الدلائل القريبة منه تشير إلى أنه يمتلك فكرة خافتة عن ماهية المجتمع الحقيقي.
لدينا مثال آخر عن مصدر توسيع تلك الفجوة الرقمية في العالم، مع كل ما يقال إنه مثل زوكربيرغ يعمل على تقليصها! فإيلون ماسك ومنذ استحواذه على موقع تويتر وغير أسمه إلى أكس، انعطف سياسيًا بشكل واضح نحو اليمين، ليكسر الفكرة النمطية السائدة بأن وادي السيليكون معقل صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، هو حصن لليبراليين الأثرياء المدينين بالفضل للديموقراطيين.
بقيت توجهات ماسك لفترة طويلة غير قابلة للتعريف وفق القاموس السياسي التقليدي، وباتت الآن يمينية متشددة بشكل لا لبس فيه، إذ يستخدم منصته لإثارة قضايا تحتل الأولوية لدى شبكة “فوكس نيوز” المحافظة والحركات اليمينية المتطرفة في مختلف أنحاء دول الغرب.
مارك أندريسن، وهو من أقطاب الإنترنت الأوائل ومؤسس شركة “نتسكيب”، ويشارك حاليا في إدارة إحدى شركات رأس المال الاستثماري. يحارب بشدة ما يسمى اعتبارات “اليقظة” بشأن المساواة أو الشمولية في مكان العمل. وقد طرح في بيان متفائل بمستقبل التكنولوجيا رؤية تكنولوجية فاضلة للمستقبل، صنّفت مفاهيم الحكومة المختارة والتنظيم والمخاوف من التمييز أو المساواة كأعداء. وفي كل ذلك هو لا يقل طوباوية وتطرفًا مضمرًا عن زوكربيرغ، وأن اختلف التوجه بينهما.
كل ذلك تعبر عنه المحللة في قطاع التكنولوجيا كارولاينا ميلانيسي في كلامها لوكالة الصحافة الفرنسية بالقول إن الصراحة الناشئة قد لا تتعلق بتقليد ماسك بقدر ما تتعلق بقلق الحرس القديم من تلاشي الوضع القائم.
تقول ميلانيسي “بينما يتحدث الناس عن اليقظة في قضايا التنوع والمساواة والشمول، أو عن الاستدامة، فإن كل هذه الأمور تشكل في الأساس تهديدًا للوضع الراهن”. بينما يتوق الفقراء في هذا العالم إلى من يقربهم من الأمل، في وقت تتزايد أرصدة الشركات الكبرى من دون أن تقف أمام توسع الفجوة الرقمية.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رمضان الطعام الأخلاقي
- من قال أموري غاب عن أرواحنا؟
- لم يبق الكثير من الأخبار السارة
- جاسم الزبيدي جيفارا العراق
- إسرائيل تخسر السردية الإعلامية الدولية
- لم أصلْ إلى نهاية الهجرة إلى الشمال
- يورغن كلوب ملهم ورؤيوي
- رفح ترفع من الشغب السياسي الغربي غير المتماسك
- لنغن البيات حزناً على مجدي نجيب
- هل تلوثت كرة القدم بالوحل الطائفي؟
- رحمة تبدد وجع أبيها رياض
- جرعة من الأدرينالين للخيال الأمريكي تجاه إيران
- عيد ميلاد بارد للسيدة دالاوي
- الجناة لا يحلون مشاكل العالم في “دافوس”
- محدّث التراث في لحن أحمد الخليل
- مطاعم سفراء البضاعة السياسية الكاسدة
- ديكور فيلم هندي في بغداد
- يا لسعادة العراقيين بمقتل السعيدي
- عودة إلى مجزرة أنشودة المطر اللحنية
- أرقد بسلام أيها المدافع الشرس عن الحقيقة


المزيد.....




- بورتريه دموي لـ تشارلز الثالث يثير جدلا عاما
- -الحرب أولها الكلام-.. اللغة السودانية في ظلامية الخطاب الشع ...
- الجائزة الكبرى في مهرجان كان السينمائي.. ما حكايتها؟
- -موسكو الشرقية-.. كيف أصبحت هاربن الروسية صينية؟
- -جَنين جِنين- يفتتح فعاليات -النكبة سرديةٌ سينمائية-
- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - مع كل هذا الضجيج الرقمي، الفجوة تتسع!