أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - في بيان السيد بيدرسون، بمناسبة الذكرى السنوية - للصراع السوري -















المزيد.....


في بيان السيد بيدرسون، بمناسبة الذكرى السنوية - للصراع السوري -


نزار فجر بعريني

الحوار المتمدن-العدد: 7920 - 2024 / 3 / 18 - 10:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ذكرى " الثورة المغدورة" ،لا يجد هذا الفَقِيه الأممي ما يقدّمه للسوريين سوى الإصرار على ترويج ما صنّعته ماكينة الدعاية الأممية من دعايات ، وقد أصبح هاجس " المجتمع الدولي " الأكبر منع السوريين من إدراك حقائق الصراع ، و باتت دهاليز " الأمم المتّحدة " وأمين عامّها ، ومبعوثيه، الذين يتعيّشون على ملايين الشعوب المنهوبة ، أبرز أدوات صناعة " البروباغاندا" السياسية ، ورسل ترويجها !
في
" بيان للمبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا جير بيدرسون
بمناسبة ذكرى الصراع السوري"، ( ١٥ آذار- ٢٠٢٤)، ثمّة تعمّد على استمرار ترويج الأفكار التي يحرصون أن تبقى إطارا عاما لوعي سياسي سوري ، منفصلا تماما عن الوقائع ، من أجل تأبيد حالة التشرذم ومنع مشاركة السوريين في دور فعّال للتأثير على مآلات الصراع ، خدمة لجميع قوى الحرب التي شاركت في دفع الصراع السياسي على السلطة السورية على مسارات الحرب منذ ربيع ٢٠١١.
مجموعة متكاملة من الأفكار الغير موضوعية ، يَبني عليها هذا" الموظّف الخاص" كلّ رواياته حول طبيعة الصراع وأدوار قواه و" مجتمعه الدولي "،فتتلقّفه "وسائل تواصل " نخب المعارضات، وتحوّله إلى "وعي وآراء ومواقف سياسية "،ساذجة، جاهلة بحقائق الصراع ، وما تصنعه قواه من وقائع !
يا لها من مأساة!
هي تماما نفس القصّة، طيلة أعوام " الثورة "،وهي ما يصدّره هذا الممثّل في بيان اليوم !
الكذبة الأكبر التي تمّ تصنيعها تحت مظلّة" الأمم المتحدة" ومجتمعها الدولي هي حكاية " الحل السياسي"، وقاموسها السياسي الخاص :
" يتعين على المجتمع الدولي أن يوحّد جهوده للدفع باتجاه العملية السياسية وفقاً لقرار مجلس الأمن 2254 (2015).."!
" مجتمع دولي !!" و " وتوحيد جهوده " و " وقرار ٢٢٥٤"!
هكذا ، في استغباء واضح للسوريين، واستهانة بوعيهم وكرامتهم، يعمل المحترم بيدرسون على ترويج أكاذيب، نجحوا في تحويلها إلى "وعي سياسي نخبوي" و " رأي عام " منفصل عن الواقع :
عذرا ، من فخامتكم، سيّدي :
أين هو هذا "الكيان السياسي" الذي تسميّه " مجتمع دولي "، و ما هو دوره في صناعة السلام السوري أو الإقليمي ( والعالمي)، كما تدّعي وثائق ما تُسمّى مجموعة " الأمم المتحدة " و " مجلس أمنها "؟
أليست هي بعض " المؤسسات الإمبريالية " التي صنّعتها الولايات المتّحدة على شاكلة سياسات سيطرتها العالمية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية لإدارة مصالحها عبر العالم ، مجنّدة عشرات الموظفين "الأمميين" لتحقيق أهدافها، بما فيهم حضرتك ؟
١ في مفردات خطابه الممجوج، يتحدّث عن "صراع سوري" ، معزّزا لفكرة أن ما حصل من حروب في مواجهة حراك السوريين خلال ربيع ٢٠١١ كان "صراعا بين السوريين"، و شكلا ما من أشكال " الحرب الأهلية " ، و هو توصيف مخادع للتغطية على" طبيعة الصراع"- سواء مرحلة الحراك السلمي الأولى ، او مرحلة الحرب اللاحقة ، التي تمّ تفجيرها في أعقاب حراك السوريين المطلبي السلمي خلال صيف وخريف وشتاء ٢٠١١، في سياق الخَيار العسكري الطائفي، ولقطع صيرورة الحراك ثورة ديمقراطية!
رغم كل هذا الانكشاف ، وتبيّن أنّ كلّ ما حصل تحت يافطة "مسار جنيف ، بدءا من نقاط " كوفي أنان " والقرار ٢٢٥٤، لم يكن عمليا سوى "مسار خلّبي "أمريكي ، غطّت عليه موسكو ، واستُخدمت يافطته للتغطية على مسار آخر واقعي حربي ، سياسي وعسكري ، وقد شكّلت عمليا كلّ الجهود السياسية/ الدبلوماسية التي ساهمت فيها الأمم المتحدّة، ومبعوثيها، " بروباغاندا" لتعمية السوريين ، ومنعهم من رؤية حقيقة الجهود الأمريكية التي تعمل على دفع الصراع السياسي على مسار الخَيار العسكري الميليشياوي وما تخلله منذ نهاية ٢٠١١ من حروب ، خاضتها قوى " الخَيار العسكري- الثورة المضادة -لحسابها الخاص، ومن أجل تحقيق أجندات اطرافها، وقد غيّرت طبيعة الصراع ، و أهدافه، وكانت الولايات المتّحدة وشريكها الإيراني الرابح الأكبر!!
فلم يكن أصلا ثمّة "صراع سوري "خلال ٢٠١١ ، ولم يبق فرصة " لعملية سياسية " بعده ، وقد تغيّرت بعد منتصف ٢٠١٢، نتيجة لما حصل من نجاح جهود التطييف والعسكرة والعنف " الثوري" المضاد ،عوامل وشروط" الحل السياسي" الذي لا يواصل هذا " المبعوث الأممي " الحديث عنه اليوم في إطار " مهمّة"، صناعة البروباغاندا "، وترويجها( التي يتقاضى أجرها من أموال السوريين المنهوبة) ، و بعد مضيّ تلك السنوات على وأد الحراك السلمي وفرصة الحل السياسي، إلّأ لتغييب الحقائق القائمة في صيرورة الخَيار الأمني العسكري بين ٢٠١١ ٢٠١٩، وما اعقب مراحله المتتالية منذ مطلع ٢٠٢٠ من جهود" التسوية السياسية" الأمريكية، الساعية لتثبيت الوقائع التي صنعتها الحرب على جثّة الثورة والحل السياسي ، وشرعنة حصص قوى الإحتلال ، وميلشياتها " الثوريّة ،السورية ".ما أقبحكم!
لماذا هذا الإصرار على تلفيق قصّة مختلفة، وقد بدأت رواية السوريين العظيمة بحراك سلمي شعبي، إصلاحي، ذو طبيعة وآفاق ديمقراطية ، تطوّر في سياق العنف المضاد إلى صراع سياسي بين غالبية السوريين والسلطة ، لفرض انتقال ، وحل سياسي، وخارطة طريق تغيير ديمقراطي، توافقا مع روح بيانات جنيف المتتالية منذ نقاط كوفي أنان، آذار ٢٠١٢، ليُحوّل لاحقا في أجندات قوى الثورة المضادة، وبغطاء من الأمم المتّحدة التي قامت بدور " شاهد زور "،إلى صراع عسكري، ميليشياوي، إقليمي ودولي ، على السلطة وتقاسم الحصص ، بين قوى الثورة المضادة للتسوية السياسية والتغيير الديمقراطي أنفسهم ، على حساب حياة السوريين ، ومقوّمات الدولة السورية ، وقد نجحت جهود الجميع في إعطاء الحرب صبغة طائفية ، وتغيير طبيعته الديموقراطية السلمية ،بما يحقق هدفهم المشترك في هزيمة نخب الحراك وجمهوره ومنع صيرورته ثورة ديمقراطية ؛ وكلّ ما حصل في إطار مسار جنيف اللاحق لم يكن سوى للتغطية على مسار الحرب الواقعي، الذي دمّر ساحات الحراك السلمي، وحوّل جمهوره إلى ميليشات مقاتلة ضد السلطة أو معها ..وقد اخذ مسار الخَيار العسكري الطائفي عدّة مراحل :
أ‌- بين منتصف ٢٠١٢ ٢٠١٤، وسيطرت خلالها ميليشات قوى الثورة المضادة، التي تقاتل مع السلطة أو ضدها، على كامل مساحة سوريا، وهَزَمت "الثورة" بشكل دموي .
ب- المرحلة الثانية ، بين صيف ٢٠١٤و نهاية ٢٠١٩، بعد تدخّل جيوش الولايات المتّحدة اوّلا خلال ٢٠١٤، وروسيا ثانيا ، ٢٠١٥، وتركيا ثالثا، ٢٠١٦( وقد سبقهم، وهيّء لهم الظروف المناسبة قبل ربيع ٢٠١١، وخلاله ، وبعده ، جحافل الميليشيات الإيرانية- السعودية – القطرية )وبدء الهجمات العدوانية الإسرائيلية، وقد تمحور الصراع العسكري الذي قادته الولايات المتّحدة، بالتنسيق مع روسيا ، وفي مواجهة تركيا، حول أهداف إعادة توزيع مناطق السيطرة التي انتهت إليها حروب الميليشيات في صيف ٢٠١٤، لصالح الولايات المتّحدة وروسيا وإيران، وقد وصلت إلى مراحلها الأخيرة في مطلع ٢٠٢٠، ونتج عنها اقتسام سوريا بين الولايات المتّحدة والنظام الإيراني والسوري والتركي ...وخروج السعودية والإمارات و" إسرائيل " دون حصص سيطرة جيوسياسية !
ت-في نهاية ٢٠١٩، ومطلع ٢٠٢٠، أطلقت مجموعة اتفاقيات بين روسيا وتركيا ، وإعلان الولايات المتّحدة نهاية حربها على داعش، مرحلة التسوية السياسية، التي لم تكن سوى محاولة ومصلحة من قبل قوى الحرب لتثبيت الحصص، وليس لها علاقة بأهداف التسويات السياسية خلال ٢٠١١، ولن تؤدّي إلى انتقال سياسي، بل على العكس، تُعيد تأهيل سلطة النظام، في سياق تأهيل متزامن لسلطات ميليشات قوى الثورة المضادة.....وتشرعن وجودها....ووجود جيوش الاحتلال ، وفي مقدّمتها الحصّة الأمريكية على مناطق سيطرة " قسد " ، التي لا تخجل أبواق" نخبها الديمقراطية" اليوم من تدبيج بيانات " الثورة "، كما فعل " محمّد الجولاني "!؟
النقطة الجوهرية التي يغيّبها الكذّاب بيدرسون ومجلس أمنه أن " التسوية " التي تعمل عليها الولايات المتحدّة منذ مطلع ٢٠٢٠ تقوم على قاعدة نظرية مركز بحوث RANDالأمريكي ، من أجل الوصول إلى تفاهمات صفقات بين قوى الحرب، على أمل تحقيق تهدئة مستدامة بين الميليشيات والدول التي تصارعت على إعادة تقاسم الجغرافيا السورية بعد ٢٠١٤، وليس لها علاقة من قريب أو بعيد بما دعت إليه بعض بنود محطّات جنيف، و القرار ٢٢٥٤، الذي تمّ دفن مساره مع كوفي أنان خلال صيف ٢٠١٢، قبل ولادة قراره في نهاية ٢٠١٥!!
٢ في بيان اليوم، ثمة إصرار على الخلط بين مفهوم وشروط وسياق "الحل السياسي" و "التسوية السياسية "، عمدا ، لتضليل الرأي العام السوري ، وإبعاد السوريين عن دائرة الفعل الوطني !(١)
٣ هذا ما يجترّه بيدرسون، في كل مناسبة، وتردده ديوك " نخب المعارضات " ، للتغطية على حقيقة ما حصل في مسارات الحرب، ولا يذكّرنا بنتائج الحل العسكري الطائفي، إلّا ليؤكّد عدم وجود مساره ، طالما مسار تسويته مستمر ! :
*-" تتواكب الذكري السنوية المهيبة للصراع السوري مع تصاعد التوترات على الصعيد الإقليمي وكذلك في جميع أنحاء سوريا، حيث يدخل الصراع عامه الرابع عشر دون أن يلوح حل سياسي في الأفق"...
*-" لقد عانى السوريون لفترة طويلة من العنف والدمار الذي لا يمكن وصفه، والذي أثّر دون تمييز على الصغار والكبار، والرجال والنساء، وجميع شرائح المجتمع.
كما تستمر الأزمة الإنسانية في سوريا في التفاقم. فيحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية، وهو أكبر عدد من المحتاجين منذ بدء الصراع. وهناك أكثر من خمسة ملايين لاجئ يعيشون في الدول المجاورة، وأكثر من سبعة ملايين نازح داخل سوريا. وقد انهار الاقتصاد السوري أيضا". أليست هذه نتائج للحل العسكري؟
أين هو الحل السياسي ، وعن أي " إعادة الأمل للشعب السوري" يتحدّث ؟هل هي القضايا التي تشغل باله ، وكان يعالجها في " دمشق"؟
هل يؤدّي نجاح جهود وخطوات التسوية السياسية الأمريكية إلى تحقيق أهداف التسوية خلال ٢٠١١٢٠١٢؟
هل يجهل هذا المخادع الفارق الجوهري في السياق والأهداف والقوى :
سياق حل سياسي كان ممكنا خلال ٢٠١١،وسياق تسوية سياسية ، جارية بعد ٢٠٢٠؟
إذا كان لجهود الحل السياسي أن تؤدّي خلال ٢٠١١ إلى " حل سياسي " بين السلطة والنظام ، تمنع انزلاق الصراع السياسي على مسارات الحرب، فكيف لها أن تفعل ذلك في نهاية ٢٠١٩، بعد نهاية مراحل الحرب؟
هل يجهل الفارق في الأهداف والقوى ؟
في نهاية ٢٠١٩، باتت التسوية بين قوى الحرب ، وقد هُزمت جهود وقوى الحل السياسي السورية، وأصبحت نخب المعارضات تابعة لقوى الخَيار العسكري، ولم يعد هناك مَن يمثّل قوى الحراك السلمي، ولا مصالح السوريين المشتركة في قيام حل وانتقال سياسي ...
٤الكذبة الأخرى التي يصرّ على ترويجها هي الحديث عن" مجتمع دولي" ، واستمرار مناشدته، على أساس أنه رح يستجيب، وكأنّ الدول جمعيات خيرية ؟
*- "أناشد جميع أطراف الصراع بإطلاق سراح كافة الأشخاص المحتجزين بشكل تعسفي بشكلٍ فوري ودون قيد أو شرط"
*-"فمعالجة قضية المعتقلين والمختطفين والمفقودين بشكلٍ شامل وعلى نطاقٍ يتناسب مع حجم المأساة أمر ضروري لإعادة بناء الحياة". لكن هل يمكن أن يحصل هذا، في ظل سيطرة قوى الحرب ، التي ساهم جميع أطرافها في خطف وقتل وتغييب السوريين ؟
عن أي " مصداقية" " يتحدّث ؟
*- هل إجراءات التسوية السياسية التي تقودها الولايات المتّحدة تؤدّي إلى، أو تهدف إلى تحقيق " سلامٍ مستدام" ؟
*-ولا ينسى البكاء على الأطلال :
" ولا يزال اللاجئون والنازحون يفتقرون إلى الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة وطوعية. ولا تزال مخاوفهم البالغة الأهمية فيما يتعلق بالحماية وسبل العيش، وهي أمور أساسية، دون حل"!!."
٥إدمان على ترويج الأوهام :
*- "... هناك فرصة متاحة لاتخاذ خطواتٍ حقيقية بين مختلف الأطراف المشاركة في الصراع في سوريا، وينبغي اغتنامها دون المزيد من التأخير.
بما في ذلك تدابير بناء الثقة، واستئناف عمل اللجنة الدستورية - وفي نهاية المطاف المعالجة الشاملة لمجموعة كاملة من القضايا التي يجب حلها لإنهاء هذا الصراع. يجب أن يكون العمل على بناء السلام هو أولويتنا".
*-" من جانبنا، سنواصل العمل لتمكين الشعب السوري من تحقيق تطلعاته المشروعة واستعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها على النحو المنصوص عليه في قرار ومجلس الأمن 2254 (2015)."جنيف في 15 مارس/أذار 2024.
----------------------------------
(١)-
بداية لابدّ من التأكيد على حقيقة أنّ مسار "الحل السياسي" يقطع مسار "الحل العسكري" ولا يوازيه ،وكان يمكن أن ينطلق خلال ٢٠١١، وربيع ٢٠١٢ - قبل نجاح جهود التطييف والعنف التي قطعت مسار الحل السياسي نهائيا عند صيف ٢٠١٢ - و عبر مفاوضات واتفقيات بين النظام من جهة ، وبين قوى وشخصيات ديمقراطية ، ثمثّل حراك السوريين السلمي، وتعبّر عن تطلعات الشعب السوري في إقامة نظام ديمقراطي، ويبدأ بخطوة الانتقال السياسي، وبأداة " هيئة حكم انتقالية مستقلّة ومفوّضة" تضم شخصيات قيادية من النظام والمعارضة ، تهيئ شروطا وطنية لقيام انتخابات ديمقراطية ، وتطلق صيرورة بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية.
المحاولة الأكثر جدّية لدفع الصراع السياسي في نهاية ٢٠١١
ومطلع ٢٠١٢ على مسار الحل السياسي- وأتت في أعقاب تفشيل جهود " لجنة المراقبين العرب" وجسّدت خبرات ودروس الفشل والنجاح السابقة، آلامها وأمالها – تجسّدت "بخطّة السلام العربية ٢ " ، التي طرحتها الجامعة العربية في خريف ٢٠١١، بدعم تركيا ، والتي ليس فقط لم تجد دعما فعّالا أو " تبنّيا " من قبل الولايات المتحدة،( وهو ما كان سيحدث فارقا نوعيّا في مسارات الصراع ، لما تحوذه تلك الدولة العظمى من أوراق قوّة ، وقدرة على الفعل ؛ وكانت إدارتها مشغولة بعقد "مهرجانات الصداقة" مع الشعب السوري ، وإطلاق التصريحات النارية ، لتأجيج الصراع ، وكان سفيرها في دمشق "روبرت فورد " منهمكا في جهود ، تقاطعت مع أهداف سياسات أمنية، لمنع وصول الحراك النخبوي الديمقراطي المعارض إلى تشكيل جسم سياسي، قد يُمثّل الخيار البديل ، ومشغولا بترتيب صفقات وتفاهم مع أبرز شخصيات المعارضة، وتسهيل سفر بعضهم إلى الخارج، بالتنسيق مع نظرائه الأوربيين )، بل سعت الجهود الأمريكية لوضع ضغوط على "اللوبي العربي" الداعم للخطة للتخلّي عنها ، وتمّ نقلها إلى متاهات " مجلس الأمن " ، حيث يُجيد الأمريكان( ومجتمعهم الدولي) اللعب في التعابير، والحقوق المشروعة، فكان من الطبيعي أن يتم إسقاط الخطة عند طرحها للتصويت في جلسة مجلس الأمن، بتاريخ ٤ شباط ، بفيتو روسي / صيني ؛ ولم تجد السيدة كلينتون ما تفعله سوى إطلاق التصريحات النارية ضد روسيا، وتحميلها المسؤولية، وإغلاق باب الحل السياسي نهائيا ، عبر بوابة " جنيف ، ولجان "مجموعات العمل من أجل سوريا "، التي تكرّمت أوّلها بالاجتماع في مكتب "الأمم المتّحدة" في مدينة جنيف السويسرية ، في ٣٠ حزيران ، بناء على دعوة كريمة من السيّد " كوفي أنان" ، المبعوث "المشترك" .
رغم أنّ الإجتماع ضمّ القوى الأعظم في العالم ،تجاوز تحالف الولايات المتّحدة ل " تحرير" الكويت ، ١٩٩١، وغزو أفغانستان ٢٠٠١ والعراق ٢٠٠٣ ،(وزراء خارجية الاتحاد الروسي وتركيا والصين وفرنسا وقطر -رئيسة لجنة جامعة الدول العربية لمتابعة الوضع في سوريا- والعراق -رئيس مؤتمر قمة جامعة الدول العربية- والكويت -رئيسة مجلس وزراء الخارجية التابع لجامعة الدول العربية-، والمملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية والولايات المتحدة ، وممثلة الإتحاد الأوروبي السامية للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية) ، فإنّه لم يتمخّض سوى عن إقرار بيان ختامي مفصّل ، يؤكّد ضرورة الضغط على " جميع الأطراف " لتطبيق خطّة " البنود الست" ، وتقتصر آليات التنفيذ على " وجوب " الالتزام" ، دون استخدام أدوات قادرة على فرض التنفيذ ؛ وكان الجميع يعلم أن تغييب أدوات الفعل الحقيقيّة لفرض تنفيذ إجراءات وقف إطلاق النار وتوفير شروط حوار حقيقي، كان يعني عمليا، إعطاء الوقت الكافي لجهود الخيار العسكري الطائفي لتحقيق أهدافها ؛ وهذا ما حصل بالتمام والكمال، عندما التأم اجتماع مجلس الأمن في ت١ ٢٠١٥ ، واتخذ القرار ٢٢٥٤، الذي دعت بعض بنوده لتنفيذ ما جاء بخطّة السلام العربية في نهاية ٢٠١١، بعد فوات الأوان...وقد بات تحقيق حل سياسي شبه استحالة، بعد ما حصل من تغيّرت في طبيعة الصراع ، وأدواته ، قوّضت شروط الحل السياسي ؛ وقد تمّ هزيمة الحراك ، وقواه وجمهوره، ونجاح جهد سوري إقليمي في تحويل الحراك الشعبي السلمي إلى ثورة مضادة، طائفية، وتحويل المعارضات السوريّة التقليدية إلى " طابور خامس "؛ وهي الشروط التي تجعل من المستحيل حصول حل سياسي، هذا لو افترضنا انّ للولايات المتّحدة مصلحة في تحقيقه ؛ ناهيكم عن حقيقة أنّ القرار ٢٢٥٤ ، الذي مازال البعض يطالب بتنفيذه، والذي دبّجت بنوده الولايات المتّحدة بالتنسيق مع روسيا وإيران، لم يتضمّن ايّة آليات فعّآلة للتنفيذ، واقتصر على بعض التوصيات ، وحصر دور الأمم المتحدة بالوسيط "الميسّر" واشترط الموافقة المسبقة للنظام على ايّة تفاهمات مستقبلية ، وكان من الطبيعي أن ينتهي إلى الحال التي وصل إليها اليوم !!
لاتخرج عن هذا السياق الأمريكي العام خطط وسياسات " خفض التصعيد "- بدءا من مذكّرة ٤ أيّار ٢٠١٧ -إعلان إقامة مناطق خفض التوتر، في الغوطة الشرقية، وبعض أجزاء شمال محافظة حمص، وفي محافظة إدلب، وبعض أجزاء المحافظات المتاخمة لها (اللاذقية، وحماة، وحلب) وبعض أجزاء جنوب سوريا"، وبيان الجولة السادسة، ١٤ – ١٥ أيلول حول آليات عملها - ولم تكن في الواقع سوى تكتيكا روسيا / أمريكيا" للاستفراد" بفصائل المعارضة المسلّحة ، وإعادة توزيعها على مناطق محدّدة مسبقا ، ستشكّل لاحقا " سلطات الأمر " الواقع في " الجنوب " و "إدلب " ، وشمال غرب سوريا ؛ وقد وفّرت للرئيس التركي فرصة لامتلاك بعض أوراق القوّة - إضافة إلى المهجّرين، الذين رفضت الولايات المتّحدة اقتراحا تركيا لبقائهم في الداخل السوري تحت مظّلة حماية دولية- لفرض مصالح بلاده على خارطة التسوية السياسية النهائية.
-----------------------------------------



#نزار_فجر_بعريني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في محاولات فهم طبيعة الصراع على قطاع غزة - الجزء الثالث.
- محاولة جديدة لفهم طبيعة الصراع على قطاع غزة- الجزء الثالث.
- محاولة جديدة لفهم طبيعة الصراع على قطاع غزة- الجزء الثاني.
- محاولة جديدة لفهم طبيعة الصراع على قطاع غزة. الجزء الاوّل.
- عملية - وحدة الساحات-، آب ٢٠٢٢، في ض ...
- السويداء ، والخَيارات الأصعب!
- في مشهد الصراع الإقليمي، وتحدّيات عواقب الحرب!
- أبرز سمات التسوية السياسية، وطبيعة مسارها الإقليمي.
- في أبرز سمات مشروع التسوية السياسية الشاملة، وطبيعة مسارها ا ...
- في نقد قراءة الكاتب جهاد أكرم الحوراني لطبيعة مشروع التسوية ...
- في - التسوية السياسية الأمريكية الشاملة- أهداف و عوامل سياق ...
- -مشروع مناهضة التطبيع - ، وبعض حقائق سياسات السيطرة الإقليمي ...
- أهم سمات المشهد السياسي الفلسطيني ، وما تطرحه من تساؤلات ، و ...
- أهم سمات المشهد السياسي الفلسطيني، وما تطرحه من تساؤلات،ويُب ...
- في نقد رؤية - تيّار مواطنة - للقرار ٢٢٥ ...
- حماس، بين التفكيك والهزيمة.
- في أكاذيب دعايات فورد، وبعض الحقائق المغيّبة في سياسات السيط ...
- أهداف ومراحل الخَيار العسكري الطائفي في سياسات مشروع السيطرة ...
- لبنان ..وطريق الخَيار الأفغاني !
- هل باتت سياسات التخادم المتبادل الإيراني الأمريكي أكثر وضوحا ...


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نزار فجر بعريني - في بيان السيد بيدرسون، بمناسبة الذكرى السنوية - للصراع السوري -