أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد فجر سلوم - تاريخ العرب السياسي هو تاريخ دمشق وبغداد في المقام الأول















المزيد.....

تاريخ العرب السياسي هو تاريخ دمشق وبغداد في المقام الأول


عبد الحميد فجر سلوم
كاتب ووزير مفوض دبلوماسي سابق/ نُشِرَ لي سابقا ما يقرب من ألف مقال في صحف عديدة

(Abdul-hamid Fajr Salloum)


الحوار المتمدن-العدد: 7880 - 2024 / 2 / 7 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تاريخ العرب الإثني أو العِرقي، ضاربٌ في التاريخ كأحد الأقوام أو الشعوب في العالم، ولكن تاريخ العرب السياسي والدبلوماسي بدأ من دمشق أولا وبغداد ثانيا.. فهما القاعدتان الأساسيتان لكل تاريخ العرب، بعد نهاية الحقبة الراشدية التي امتدث ثلاثون عاما فقط، وانتقال مركز الدولة العربية الإسلامية إلى دمشق، ثم إلى بغداد..
وحينما نتحدث عن دمشق وبغداد فنحن نتحدث عن تاريخ الأمويين والعباسيين..
لعبت القاهرة لاحقا، دورا في هذا التاريخ في زمن الفاطميين، ولكن كان لدمشق وبغداد الدور الأبرز في إرساء قواعد هذا التاريخ..
إذا وضعنا جانبا تاريخ الأمويين، وتاريخ العباسيين، فماذا يبقى من تاريخ العرب السياسي والحضاري؟..
الحُقبة الأموية هي من بلورت أبعاد الشخصية العربية، وأرسَت ملامح ومفهوم الأمة العربية، ورسمت لها مكانة عالمية وتاريخية حينما امتدت حتى الأندلس في الغرب ووصلت إلى وسط غرب فرنسا، وحتى بلاد السِند في الشرق واقتربت من مشارف الصين، وكان الأمرُ الذي يصدر من دمشق، يُنفّذ على كل هذه المساحات الجغرافية الشاسعة..
ومن هنا لا يجوز التقليل، أو النَيل من قيمة أحدٍ ممن صنعوا التاريخ السياسي العربي(رغم ما به من مآسٍ وويلات وفواجع ودماء) ..
وما أحوج العرب في هذا الزمن إلى تمثُّل محطات التايخ العربي التي جسّدت عِزّة وكرامة العرب، لاسيما في هذا الزمن المُهين..
من لا يُطرَبُ لصوتِ فيروز الساحر وهي تُغنّي قصيدة سعيد عقل:
أمَويِّون، فإن ضِقْتَ بِهِم ... ألحقوا الدنيا بِبُستان هشامْ
**
حينما نتحدث عن هذا التاريخ فلا يجب أن ننظر إليه من منظور ضيِّق ومحدود، ونحصرهُ بالصراعات بين الهاشميين والأمويين.. وكلها كانت صراعات لأجل الزعامة، ولا شأنا لنا بها في هذا الزمن وبعد أن مرّ عليها 1400 عام.. لا يجوز أن نبقى رهينة للأبد لصراع بين شخصين، وبين أحفادهم، أيٍّ كانوا.. هذه الجراح يجب أن نغلق عليها للأبد، وننساها ونزيلها من العقول والأذهان.. ماذا يستفيد المتعصبون من أتباع هذا وذاك، إن بقُوا يشتمون بعضا ويثأرون من بعض 1400 عام آخر؟. هل سيُغيّرون شيئا مما وقع من آلام وأحزان عبر التاريخ، أم أن الحكمة تقتضي أن نستفيد من ذاك التاريخ المؤلِم كي نفكِّر كيف نتحاشى وقوعهُ، ونتجنّبهُ، ونتعلّم من دروسه ومعانيه..
سأل أحد أساتذة التاريخ طلّابهُ قائلا: لماذا ندرس التاريخ؟. فتعدّدت الأجوبة.. فهذا قال لأنه مادّة سهلة، وذاك قال لأنه يزيد من العلامات.. الخ..
فرمَى بكُرةٍ على الأرض وقال افترِضوا أن هذه الكُرة هي قنبلة، ثم طلب من أحد الطلاب أن يدعس عليها، ففعلَ، فانفجرت به.. ثم طلب من الثاني أن يدعس عليها، فرفضَ قائلا : إن دعستُ عليها فسوف تنفجر وتقتلني.. فقال الأستاذ، لذلك نحن ندرس التاريخ كي نتعلّم من دروسهِ ولا ينفجِر بنا مرة أخرى..
فلا تسمحوا للتاريخ أن ينفجر بنا مرّة أخرى..
حروب البريطانيين والفرنسيين امتدّت أكثر من مائة عام عبر التاريخ، فما علاقة أجيال هذا الزمن بتلك الحروب؟. وكذلك حروب البروتستانت والكاثوليك في العصور الوسطى، فما علاقة أجيال هذا الزمن بتلك الحروب؟. هل يُعقَل أن تبقى عقولهم وتفكيرهم أسيرة لتلك المعارك والحروب أبدَ الدّهر؟. ما كانوا تقدّموا قيد أنملة..
**
في هذا الزمن الذي يمر فيه العرب بأضعف مراحل تاريخهم، لا بدّ من استحضار المكانة التاريخية للمدينة المنورة، ودمشق، وبغداد، والقاهرة..
فهذه الرموز والحواضر الكبيرة في تاريخ الدولة العربية الإسلامية، منها انطلق مجد العرب، ومنها يُستعاد مجد العرب.. وعلى هذه العواصم التاريخية تقع مسؤولية كبيرة في هذا الزمن لاستعادة الدور العربي والمكانة العربية والهيبة العربية والكرامة العربية..
وحينما تتشابك الأيادي في هذه البلدان مع بعضها، لِما فيه مصلحة العرب وعِزُّ العرب، فحينها لا تستطيع قوة في العالم أن تتنمّرَ أو تستأسد عليهم.. بل الجميع سوف يخشاهم..
عوامل الضعف العربي هي من دفعت ببعض العرب ليشبكوا أياديهم مع الأيادي الغريبة التي لا يمكن أن تعمل لمصلحة العرب، وإنما فقط لمصالحها الخاصة على حساب مصالح العرب..
الرسول محمد(ص) كان عربيا قبل أن يكون رسولا.. وانتمائه العربي كان موضع فخرٍ له..
وقد جسّد ذلك في غزوة (حنين) حينما وجد نفسه مع نفرٍ قليل من المسلمين، أمام كثرةٍ من المشركين، فقال: (أنا النبي لا كَذِب، أنا ابن عبد المطّلب).. إذا افتخرَ بأصلهِ.. بجدِّهِ عبد المطّلب..
**
الأمن العربي، وعزّة وكرامة الشعوب العربية في بلاد الشام والعراق مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن مصر، وعزّة وكرامة الشعب المصري.. لا يمكن الفصل بين ذلك، ولا بأمنِ هذه البلدان وشعوبها عن أمن الجزيرة العربية واليمن وشعوبها..
لقد كان المتنبي أول من لفت الانتباه إلى ترابط الأمن بين هذه البُلدان، وهذه الجغرافيا، قبل أكثر من ألف عام، حينما خاطب سيف الدولة الحمداني:
كيف لا يأمنُ العراقُ ومصرُ ... وسراياكَ دونها والخيولُ
لو تحرّفتَ عن طريق الأعادي ... ربطَ السِدرُ خيلهُم والنخيلُ
أنتَ طول الحياة للرومِ غازٍ ... فمتى الوعدُ أن يكون القفولُ
وسِوى الروم خلف ظهرك رومٌ... فعلى أيّ جانبيك تميلُ
إذاً لو ابتعدَ سيف الدولة عن طريق الأعداء لكانوا ربطوا خيولهم على شجر النخيل في العراق، وشجر السِدر في مصر.. وهنا الربط بين أمن العراق وأمن مصر.. وحينما نتحدث عن ذلك، فهذا يعني أن بلاد الشام في صميم هذا الربط.. فهي بين العراق وبين مصر..
وفي حُقب التاريخ المتعددة كانت السُلطة الحاكمة ذاتها في بلاد الشام وفي مصر.. فكانت تمتدُّ من بلاد الشام إلى مصر كما في زمن الخلافة الراشدية، والدولة الأموية والعباسية، وأحيانا من مصر إلى بلاد الشام كما في زمن الدولة الفاطمية والمملوكية، وفي زمن ابراهيم باشا، وغيرها..
فهل يُعقل أن يُدرك المتنبي قبل أكثر من ألفِ عام الترابط بين بلاد الرافدين والشام ومصر، ولا ندركها بهذا الزمن؟.
**
سيف الدولة الحمداني، الشيعي، العربي التغلبي، العروبي، هو من تصدّى لأطماع الرُوم، ودافع عن حِمى وكرامة وعروبة الأمة.. هذا هو دور الشيعة العروبيين عبر التاريخ العربي.. هُم قادةٌ وليسوا مُقادين..
كانوا دوما مشاريعا عروبية جامعة، وما كانوا في أي زمن مشاريعا طائفية مُفرِّقة..
النيلُ من رموز التاريخ العربي، والتاريخ الإسلامي، مرفوض بكل المقاييس.. فهذا لا يُعزِّز إلا ثقافة الكراهية والتفرقة والشرذمة في هذه الأمة، ولا يخدم سوى مشاريع بن غوريون في تفتيت المحيط الإقليمي العربي..
لا يمكن أن نعبُر نحو المستقبل بعقلية الثأر والانتقام ومعارك الماضي وحروبه..
يكفي أن هذه المنطقة العربية خسرت غالبية أبنائها من المسيحيين، لا سيما المسيحيين العرب الذين كان لهم الفضل الكبير في الحفاظ على الهوية العربية في زمن الاستعمار العثماني الذي سعى لطمسِ هذه الهوية، كما يسعى اليوم لطمسها في شمال سورية..
الآيديولوجيات، والعقول، الدينية الطائفية خطرٌ كبير يتهدّد هذه الأمة، ولا تقلُّ عن خطر الآيديولوجيات، والعقول، الإسرائيلية الطائفية التي ترتفع بقوة في هذه الزمن..
فمطلوب من كل عروبي وعَلماني، وحدَاثي ومثقف متنور في هذه الأمة التصدي للمشاريع الدينية الطائفية، كما التصدي للمشاريع الدينية الإسرائيلية.. ومرحبا بالمشاريع التي توحِّد وتُعيدُ لم الشمل العربي، والعربي الإسلامي، وتحافظ على كافة مكونات الأمة، وأولهم أخوتنا المسيحيين من شتّى الانتماءات المذهبية والعرقية، عربا أم غير عرب..
دعونا ننهلُ من ذُرى التاريخ وليس من حُطامِه.. من محطاتهِ المضيئة وليس من كهوفهِ المُظلمة..
كفانا نبشَا بالروائح الكريهة..



#عبد_الحميد_فجر_سلوم (هاشتاغ)       Abdul-hamid_Fajr_Salloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عقيدة واستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلي بعد عملية طوفان ال ...
- هل واشنطن مؤهّلة لرعاية أي عملية سلام في فلسطين أو الشرق الأ ...
- هل سينجح التحالف الدولي في اليمن وحيث فشل التحالف العربي؟
- هل تاريخ القضية الفلسطينية هو تاريخ التخاذل العربي أم غير ذل ...
- قراءة بسيطة جدا لما يجري اليوم في المنطقة وخلفياته التاريخية
- جَردةٌ عالميةٌ عامّةٌ ومختصرةٌ لعام 2023
- صفعةٌ دبلوماسيةٌ عالميةٌ كبيرةٌ للإدارة الأمريكية وللحكومة ا ...
- هل أصبحت إسرائيل شُرطي الأمم المتحدة؟ إلى متى ستبقى دولة مار ...
- القِيَم الغربية بين الدعاية والتضليل وبين الواقع والحقيقة
- مشكلة فلسطين مع المسيحية الصهيونية لا تقلُّ عن مشكلتها مع ال ...
- لا شيئا خارج التوقعات في بيان مؤتمر القمة العربية الإسلامية
- ما فائدةُ القمّة العربية الإستثنائية حول غزّة إن لم تكُن قرا ...
- هذه هي (إنسانية) الغرب.. غزّة شاهدٌ عليها !!
- شعبُ غزّة يُباد ومجلس الأمن الدولي يقف عاجزا ومشلولا
- من المسؤول عمّا يحصل في غزّة اليوم؟
- أين محكمة الجنايات الدولية من قادة إسرائيل؟ من خلقوا إسرائيل ...
- كيف ستنعكس نتائج حرب غزّة على روسيا والصين؟
- متى سيفهم ضِباعُ العالم أن الإحتلال هو سبب كل مآسي منطقتنا؟
- رجالُ الطُوفان في فلسطين.. نحييكم.. نشدُّ على أياديكم
- الطائفيون الحاقدون لا يمكن أن يكونوا وطنيون ولا ثائرون


المزيد.....




- الكونغرس الأمريكي يكشف عن شرط لتدخل الولايات المتحدة عسكريا ...
- مينسك تحذر من استمرار تمركز قوات -الناتو- في ممر بين بيلاروس ...
- ملكة الأردن: استمرار حرب غزة يفقد الولايات المتحدة مصداقيتها ...
- قتلى وجرحى جراء هجمات روسية على مدينة خاركيف في شمال شرق أوك ...
- ?? مباشر: 16 قتيلا من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح ولا ...
- تساؤلات قانونية وإنسانية حول قانون الترحيل -الطوعي- من بريطا ...
- صحيفة: -قضية فساد جديدة- في وزارة التموين المصرية
- فوائد التدليك العلاجي للجسم
- نسخة صينية مقلدة من شاحنة ماسك المثيرة للجدل
- Beats تعلن عن سماعاتها الجديدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحميد فجر سلوم - تاريخ العرب السياسي هو تاريخ دمشق وبغداد في المقام الأول