أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس ثقافية مقتطفات ـ 48 ـ















المزيد.....

هواجس ثقافية مقتطفات ـ 48 ـ


آرام كربيت

الحوار المتمدن-العدد: 7880 - 2024 / 2 / 7 - 04:48
المحور: الادب والفن
    


الناقد علي الراعي متحدثًا عن رواية، في الأرض المسرة، للروائي آرام كرابيت
وفي الأرض المسرة... الحرب على الحرب بالموسيقا والجمال
مكانياً تنطلقُ أحداثُ رواية «وفي الأرض المسرة» للكاتب آرام كرابيت الصادرة عن دار أرواد بطرطوس مؤخراً- من منطقة تبدو للوهلة الأولى فقيرة، تبدأ من حدثٍ غامض، هو جرح ملتبس لراعٍ من البادية السورية عدته في الحياة ناي وربابة وكلب، وبشخصية وحيدة، هي الشخصية الساردة للأحداث،
وستبقى كذلك وحيدة إلا من جرح يأبى على الالتئام، فعلى إثر مطرٍ ربيعي في صحراء ملتبسة تبدأ الحكاية من نكئ جرحٍ قديم لهذا الراعي، جرح غائر يبقى يحث ذاكرة سليلة لأنين الوجع ل «عبد الله» ليبدأ الزمن بالاتساع، وكذلك المكان الذي سيتمدد وسع الذاكرة الجريحة، الذاكرة التي يستحثها الجرح الغائر في الفخذ، جرحٌ قديم له معادله الأشد إيلاماً في الروح، ومن هنا يأبى أن يندمل طالما ثمة ذاكرة تعيش «حياةً دائرية، حرباً وسلاماً، موتاً وحياةً، في محاكاة للزمن والذات والآخر..» ذاكرة هي محطة شيدت فوق قمامة، فوق كومات من الأسئلة.
هذا الجرح الذي ينكأ الذاكرة عند كل هشاشة كان اكتواه الراوي «عبد الله» ذات حرب من الحروب الخاسرة التي خاضتها السلطنة العثمانية في البلقان من جملة حروبها الكثيرة الخاسرة، سلطنة بقيت تعيش طول عمرها تجمع لهذه الحروب الرجال من كل أنحاء احتلالاتها الكثيرة في الغرب والشرق، حيث يخوض هؤلاء حروباً لا ناقة لهم فيها ولا جمل سوى أطماع سلاطين مصابين بالانفصام، وقادة جند مهووسين بالقتل وجمع الاتاوات.
و.. لأن «الذاكرة، جبالٌ عالية، وديان سحيقة، وانحدرات قاسية. قوةٌ وضعف. إنها بيت المرء، شقوق متجذرة في أعماقه تشدّه نحو الأسفل أو ترفعه نحو الأعلى هي موج، رياح وبرد نحتت في جوف جمجمته لتكون مرجعاً للشيطان، في ملتقى أو افتراق»، المهم، شيء ما يُعيد السارد دائماً إلى مربع غريب قائم على شفير منحدر عميق يصل من جبل عبد العزيز إلى بلوفديف في بلغاريا. ولن تنتهي الأمكنة في الجبل الأسود، أو القرم، أو البوسنة والهرسك..، مروراً باستانبول عاصمة السلطنة العثمانية، و.. التي كل شيء فيها بالمقلوب. «تضحك في غير أوانها، ترقص، تُضاء وتغني في مواسم ليست مواسمها، هكذا ولدت وعاشت»، ومن هنا ستعدد الشخصيات بتعدد الأمكنة التي تتناسلها حكايات لذاكرة جريحة، ولشخصية ذات الجرح الغائر في الفخذ.
و.. لأن الذاكرة مثخنة بالجراح، فهي تقدم أحداثها مشاهد بصرية، ولعلّ هنا كانت لعبة الكاتب الروائية، في هذا السعي الحثيث لنقل المشاهد البصرية، فهو منذ البداية يُشرّع كاميرا، وليس قلماً، أو هو قلم بعين كاميرا، يبدأ بوصف مشهدي شفاف على تخوم الشعر، رغم كل الحالة السردية، غير أنها جاءت مفعمة بالحالة الشعرية الحزينة - ذلك أن الرواية على ما يرى كثيرون بناءٌ لغوي بالدرجة الأولى - وهذا ما اشتغل عليه آرام كرابيت في هذه الرواية ضمن متاهة من التشابه والتكرار في الزمن، و.. في الأمكنة أيضاً، متاهة يوحي من خلالها الكاتب بمحو العلامات الفارقة للتمييز بين مختلف الأشياء للتخلص من حالة ضياع طويلة امتدت في زمن الرواية لأكثر من ثلاثين سنة.
يقوم «عبد الله» بالروي - هكذا يسميه ليعطي الاسم صفة الإطلاق والشمولية - على طريقة التداعي التي لا تلتزم سرد الأحداث حسب وقوعها التاريخي تراتبياً بالضرورة، وإنما رواية الأحداث حسب وجعها، وحميميتها، تنطلق من عودة «عبد الله» بعد تيهٍ دام ثلاثين سنة لقريته «أم مدفع» بالقرب من الشدادي إحدى مناطق الحسكة، التي تحتمي بجبل عبد العزيز، ليصدم بفاجعة الفواجع، وهذه المرة أرمينية، عندما ارتكب الجنود الأتراك إحدى أكبر غوائل التاريخ، وهي عملية التطهير العرقي التي قامت بها السلطنة العثمانية بداية القرن الماضي، كما جرت حسب عوائدها، وهي ارتكاب مجزرة بحق مكوّن من أحد مكوناتها عندما تُهزم في أحد حروبها، وهي التي اعتادت الهزيمة طول الوقت.
و.. كان عبد الله قد «اختطفه» الأتراك للمشاركة بأحد حروب السلطنة في البلقان ذات «غلط» في الزمن حمله من مكانه، ووضعه في مكان آخر، و.. بشروط أخرى. وهنا في هذه الحرب يُصاب برصاصة في الفخذ، ويُترك لأقداره التي تسوقه ليلتقي بأمثال كثر مثله، مأساتهم أنهم أبناء الحياة، ويعشقونها، يحاربون الموت بالموسيقا والفرح، في «دولة» قائمة بجهود القاتل، و.. هذا ما أكدت عليه الرواية طول السرد، حيث يبقى على وجه «الأرض» القتلة وأبناؤهم، من هنا «في الأرض المسرة» وليس عليها، كما يشي عنوان الرواية المقتبس من ترنيم مسيحي «الله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة» في حين يُدفن تحت أديمها أبناء الحياة، أو «المسرة» ذلك إن «القاتل كائنٌ قلق، في داخله عبوةٌ ناسفة، عقله مملوء بالتوتر والاضطراب والسوداوية، يساوره هوسٌ غريب، يوقظه من غفوته، يصرخ، يُزمجر، ويريد أن يخرج من أعماقه، يحثه للذهاب إلى رقبة ضحيته ليجزها..»، وهذا ما فعلته السلطنة العثمانية، التي في غفلة من الزمن احتلت نصف العالم على أثر فائض قوة، ثم بدأت تتقهقر على وقع الدسائس والمؤامرات من داخلها، ومن خارجها تماماً كأي عقلية بدوية يقوم عسكرها بتقسيم الرعية إلى نصفين، أحدهما ضحية، والآخر جلاد.. هنا حيث ولد التركي ليكون في الفيافي المقفرة بعيداً عن الحواضر الذي كان وبالاً عليها، أنه خطأ الأقدار، أو الطبيعة، ثمة خطأ كلف ويكلف غالياً طول الوقت.
يأتي التقطيع السردي الذي طال حياة «عبد الله» دائرياً، إنه الزمن اللولبي الذي يعيد نفسه، و.. يأتي عادلاً بين الشخصيات، حتى أنه يعير السرد لشخصيات أخرى في الرواية، كنوع من توزيع المأساة بالتساوي، بين أزمنة مختلفة حاضر وماض، توزع أو تتقطع أن صح التعبير ببن كثير من الأمكنة، بل طال داخل عبد الله نفسه، الذي انقسم بين المؤلف الذي هو صورة من صور الشخصية، وعبد الله ذاته الذي ينطق بكثير من الأماكن بلسان الآخرين، من هنا يبلغ أقصاه في المشاهد الأخيرة من الرواية، حينما عرف بالمجزرة الرهيبة التي سبقت ضحاياها - وهم أصدقاؤه الأرمن - إلى الجزيرة السورية بعد رمي جثثهم المقطعة والمغتصبة في مياه الخابور. عبر الماضي وحكاياته بآلامه وأفراحه التي يزدحم بها سرد الرواية يضيء الكاتب تاريخ السلطنة العثمانية، الذي هو تاريخ جرائمها بحق من بنوها من رعاياها أولاً، ثم مجازرها بحق جوارها.
فرغم كل الشاعرية التي تُسرد من خلالها الرواية، غير أنها شكلت إدانة لتلك العقلية التركية التي لا تتقن غير الخبث، وهذا هو تاريخها الموغل في الدم ف «المشكلة أن الأتراك مجرد بدو، لا يتقنون أية رؤية إلا الخبث وتضييع الوقت، وفن الاقتتال العبثي..»، فلا تترك في خياراتهم غير خيار الحرب، وهي حروب الهزيمة.

عن الكبت
ما يفعله الكبت أنه يحبس ذاك المولود الجميل في داخلك، يمنعه من النمو أو العيش في الطبيعة.
هذا المولود المحبوس ينزوي مقهورًا في زاوية بعيدة عنك، يعيش حياته بعيدًا عن الضوء والشمس والطعام والشراب، يبكي في وحدته، يصرخ دون صوت، وأنت تسمع نداءه ولا تسمع نداءه.
هذا المولود الجميل هو الحرية، تقمعه، كل ما يطل على الضوء، تضرب ضربة موجعة، تعيده إلى قمقمه.
منذ أن تشكل هذا الوعي المزيف، ومولودك كامن في ظل نفسه، محبوس في محبسه، وأنت الأخر، لست أنت، بالرغم من أنك في الضوء والشمس، تراهما ولا ترى نفسك، لا ترى ذاك الحر في داخلك.
كل واحد منّا أثنان، أنت وذاك، واحد يبدو أنه كائن حي، بيد أنه ميت، وذاك الحي الذي لا يرى، ويبدو أنه ميت، لكنه حي.
ثم تقول أنك طبيعي.

المفاهيم
استخدام المفاهيم بسهولة ويسر من أكبر المطبات التي نقع فيها نحن البشر، نستخدم المفهوم وكأنه من المسلمات.
علينا أن نتعامل مع المفهوم كما نتعامل مع التاريخ بحذر وحكمة وتأن.
المفهوم مراوغ ومظلل.
مفهوم الشعب مظلل، وكمان مفهوم القومية والدين.
المفاهيم فخ نقع فيها ولا ننتبه أننا نرتكب جريمة بحق أنفسنا وبحق المفهوم ذاته.
لا توجد كتلة اجتماعية متوافقة أو متفقة على موقف واحد، هذا محال.
لهذا فإن تفكيك المفهوم وإعادته إلى المربع الذي خرج منه ضرورة ومهمة كبيرة تقع على كاهل المثقف المثقف.

قالوا:
ـ لا يوجد طفل ابن حرام، هناك أب ابن حرام.
وإن تبني الأطفال أرقى وأرق إنسانيًا من أي شيء آخر في هذا العالم.
ما ذنب الطفل إذا كان ابوه ابن حرام، وأمه مهمشة وضائعة وغبية وضعيفة؟
المشكلة أن هذا الطفل مذموم اجتماعيًا، ومرفوض سياسيًا من قبل الدولة في الدول العربية والإسلامية، وإنه سيذهب إلى جهنم مباشرة دون جواز سفر، ولن يخضع للمسألة.
إلصاق مفهوم ابن الحرام بالطفل جريمة مهما كان مصدرها، خاصة في عصرنا.
تستطيع الدولة في عصرنا أن تسن القوانين اللأزمة لحماية الطفل النبذ، من التطاول عليه، أن تحميه وتصونه. إن صيانة الطفل واجب اجتماعي وأخلاقي ووجودي، لينعم الصغير بطفولة طبيعية بعيدًا عن الحساسية.
طفولة طبيعية تعني تنشأة طفل، غير معقد أو مريض نفسيًا.
الطفل ابن الحياة، وكلمة زنا مذمومة وكريهة في عصرنا، مدلولها يحال إلى الماضي السحيق.

عن الشرقي في الغرب
أغلبنا غير مهيأ للعيش في البلدان الغربية على المستوى السلوكي والإدراكي والأخلاقي.
لدينا قيم وأخلاق ومبادئ تتناقض في الجوهر والسطح عن هذه البلدان.
أغلب مفاهيمنا وافكارنا وانشطتنا الاجتماعية والسلوكية مستقاة من الدين، وثقافتنا وعواطفنا ومشاعرنا جاءت من الدين.
هذا الصدام يعانيه هؤلاء القادمين الجدد، الذين يزعمون أن ممارساتهم وسلوكهم إلهي وأنهم يتبعون تعاليم أخلاقية متسامية، رفيعة، على عكس الغرب الرذيل.
يريدون أموال الغرب، تطوره، تقانته، لمزجها مع أخلاقهم النبيلة وقيمهم الرفيقة؟
نسمع الصراخ والبكاء الذميم، عبر خلق حجج واهية وكاذبة عن مظلوميتهم القميئة، جوهرها هو محاولة التغلغل في مفاصل الدولة في هذه البلدان وتخريبها من داخلها.
وهل لدى هؤلاء المنفصلين عن الزمن شيء يقدمونه سوى التخريب وأولهم الإسلام السياسي المخرب والجبان.



#آرام_كربيت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس ثقافية مقتطفات 47
- هواجس ثقافية مقتطفات 46
- هواجس في الثقافة مقتطفات 45
- هواجس في الثقافة مقتطفات 44
- هواجس في الثقافة مقتطفات 43
- هواجس في الثقافية مقتطفات 42
- هواجس في الثقافة مقتطفات 41
- هواجس في الثقافة ـ مقتطفات ـ 40 ـ
- هواجس في الثقافة مقنطفات 39
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 38 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 37
- هواجس في الثقافة مقتطفات 36
- هواجس في الثقافة مقتطفات 35
- هواجس في الثقافة مقتطفات 34
- هواجس في الثقافة مقتطفات 33
- هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 32 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 31
- هواجس في الثقافة مقتطفات ــ 30 ــ
- هواجس في الثقافة مقتطفات ـ 29 ـ
- هواجس في الثقافة مقتطفات 28


المزيد.....




- بدر بن عبد المحسن.. الأمير الشاعر
- “مين هي شيكا” تردد قناة وناسة الجديد 2024 عبر القمر الصناعي ...
- -النشيد الأوروبي-.. الاحتفال بمرور 200 عام على إطلاق السيمفو ...
- بأكبر مشاركة دولية في تاريخه.. انطلاق معرض الدوحة للكتاب بدو ...
- فرصة -تاريخية- لخريجي اللغة العربية في السنغال
- الشريط الإعلاني لجهاز -آيباد برو- يثير سخط الفنانين
- التضحية بالمريض والمعالج لأجل الحبكة.. كيف خذلت السينما الطب ...
- السويد.. سفينة -حنظلة- ترسو في مالمو عشية الاحتجاج على مشارك ...
- تابعها من بيتك بالمجان.. موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة ...
- ليبيا.. إطلاق فعاليات بنغازي -عاصمة الثقافة الإسلامية- عام 2 ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - آرام كربيت - هواجس ثقافية مقتطفات ـ 48 ـ