أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - رسائل تحت التراب (3)















المزيد.....

رسائل تحت التراب (3)


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 7844 - 2024 / 1 / 2 - 00:50
المحور: الادب والفن
    


رسائل من تحت التراب..( الفصل 3)..

كانت توجد مابين ملعب الخائنين.. مقبرة الشهداء.. مسافة قصيرة..حيث تمر طريق ضيقة إلى مقبرة الشهداء جنب السور.. وبمحاداة البستان الخصب الكبير لاحد رجالات الصوفية بالمدينة...( ابي العباس السبتي.) . الشيخ الذي تربع على عرش التصوف والملامتية بالمدينة إلى اليوم.. وهوطريق مملوء بالاثام.. بالحجارة والتربة صيفا.. وببرك ماء المطر شتاءا.. في البستان البركة.. والخيرات.. وفي المقبرة الحزن والقفر والأحزان.. على صول حائط البستان تتكدس الزبالة..ويطول امتداد المكان إلى نهاية الطريق المعبد الذي تعبره شاحنات المعدن من الصحراء إلى الساحل.. طريق هو كذلك مقفر تنعدم في حركة مرور السيارات.. القليل من الناس في هذا الزمن يمتلك سيارة سوى موظفي الدولة.. نخرج جماعات من النقب.. عبر السور.. نعبر الخطأرات.. لنجد انفسنا في هذا الفضاء الممل.. أشجار النخيل باقات.. تعطينا البلح.. نرميها بالحجارة ويطاردنا حارسها الرباع.. الذي يقوم بدوريات خاطفة بدراجته الهوائية.. تستمر المطاردة بعض الوقت لنعد إلى قطف البلح.. من النخيل المتدلية سعافه إلى الارض.. و نزع حبات الرمان من بستان القطب الصوفي ابي العباس السبتي ( جنان سيدي بالعباس) .. وكان الشهداء في قبورهم يسمعون ضجيجنا يفهمون اهدافنا النبيلة التى لا تتعدى قطف بعض الثمار لسد بعض الجوع لثمار ارضنا الطيبة . كانت لا تنحصر غنائمنا على البلح والرمان.. لكنها تتعدى هذا الأمر إلى التين. من الكرمات العالية.. والليمون.. والثوت الأحمر.. ندخل في معارك الكر والفر مع الرباع.. وفي الان نفسه.. نحذر من هجمات المتربصين بنا من رعاع الحي المنحرفين.. المترددين على هذه الأماكن..؟......في نفس المكان الذي يشتغل فيه (الشتيوي) صديق الوالد.. يدفع المراجل لالته الكبيرة المغروسة في التراب يفتل عليها الحبال حينا بالقنب واحيانا كثيرة بالشراويط.. حيث لا تزال المنازل تحتوي على الابار.. وتحتاج الجرار والدلو والحبال..ولا نزال في البيت نجر ونجر لرفع مياه البئر لقضاء كل أغراض البيت.. ولا يزال يسكن ابارنا.. شيوخ بهاماتهم المظلمة يتحولون ليلا إلى اطياف شياطين.. بحسب الظروف.. في ماوراء الطريق المعبد تتحصن وراء جدران عالية (مدرسة الرهبان المسيحية تخص فقط الاناث.. وكانت تدرس فيها اختي الصغيرة.. تعلمت فيها لغة المسيح اللاثينية وزرعوا فيها حب المسيح.. تواجه بوابة الدير وهو الاسم الذي يردده الوالد.. كديات عظيمة.. تقصل المكان عن الحي الأوربي الحديث...!!!!.. كل يوم نكتشف زاوية او مكانا جديدا غريبا في الساحة ونحن نتسكع فيها.. نكتشف لونا اخر من التراب..!!! داخل السور كل المنازل مبنية من تراب.. (تابية).. وطريقة البناء اعرف جيدا قبل أن أعرف كتابة الحروف الأبجدية للغة العربية... يجمعون التراب ويرشونه بالماء.. ويزرعون في الأرض ألواح متوازية خشبية بعلو متر ثم يكدسون بالغيس.. ويدكونها دكا وهم يرددون بعض الطقوس اما شيئا من القرآن.. او اي كلام حفظوه البناؤون عن الأجداد.. (مولانا نسعى رضاك.. وعلى بابك واقفين.. يامن يرحمنا سواك يا أرحم الراحمين..).. يقال انه هكذا كان يبني يوسف بن تاشفين أسوار المدينة في العصور الساحقة... كنت اصغي الى هذه الترنيمة وتختلط في ذهني بدروسي الأولى في حفظ القرآن ويختلط عندي ريح الطين مع الصلصال.. في نهاية باب النقب.. في دورية ضيقة من تراب.. كان هناك (لحضار).. كتاب للصغار نتعلم فيه القرآن فقط.. وكنت اتطوع لغسل اللوحات الخشبية.. بالماء والصلصال.. أحببت كثيرا رائحة الصلصال.. الذي يمحي بسرعة السمخ..المداد الأسود القديم.. لم أكن اكتب الصور القصيرة من القرأن.. حيث كان ذلك عمل الفقيه.. وعملنا كان يقتصر على الحفظ والاستظهار...
------
وسط هذا المثلث وبين زواياه القائمة تذوب و تتلاشى ذرات التراب تتحول إلى غبار رهيف يغمر كل الأماكن.. مابين الحضار.. ( الكتاب) الصغير الضيق بجدرانه المطلية بالجبص الأسود.. ومدرسة قبور الشو. ( الشهداء).. على يمينه.. وغير بعيد عن اليسار مدرسة ( الرهيبات..) اي دير الرهبان المسيحية.. بين هذه الأماكن كانت صيرورة الزمن المغبر بلون الزعفران.. تعلو تارة بالحبور والسعادة.. وتارة أخرى بالحزن والشقاء والألم ولا اقول الإفلاس.. وليس بقادر على الصعود بالأنفاس.. قليلا سوى روائح الصلصال مع الماء المسكوب على الألواح الخشبية البهية التي ننقش عليها كلمات الرب.. مئات المرات.. كل صباح.. الكلام المقدس الذي نحفظه عن ظهر قلب.. ونخالفه توا في سلوكنا الهمجي.. على الدوام.. مابين زوايا المثلث المشهود توجد مساحات واسعة تمتد على مدى البصر.. تتخللها تجمعات من أشجار النخيل الباسقة.. كومات الدوم.. ترقص بداخلها الزواحف.. والسحليات.. وسط الحجارة والحصى والتراب.. الساحة تنطلق من عتبات سور المدينة الجنوبي.. بفتحاتها الضيقة. وفي وجه المكان.. ترتشق كديات (الكدي).. التراب.. ماكنا نريده عند خروجنا من منازلنا كل صباح.. سوى شغف الهروب من الكتاب.. والركض بالصراخ إلى الساحة الكبرى.. (ساحة الكدي).. كنا نختار بقعة تشح فيها الحجارة.. يغمرها التراب الا دكن الخصب.. لنخطط فيها بالجبص ملعبا لكرة القدم.. لم نكن نريد شيئا غير الركض واللعب.. نلعب لننتصر.. نسجل الأهداف على بعضنا .. كلما كان احد أبناء اغنياء حينا يتطوع ويشتري كرة بلاستيكية من الحجم الكبير..نكون سعداء. وان لم يكن هذا الغني حاضرا بيننا.. كنا نتعاون بيننا على شراء تلك الكرة.. بسعاية الجيران.. ( أعطينا ريال على ربي..!!!).. عندما نصل إلى جمع درهمين ونصف.. نشتري تلك الكرة من اي لون كانت .. من دكان عطار الحي..!! ننتقل من حفظ القرأن الذي هو كلام الرب المقدس.. إلى الجري والركض بكل جهد توفر لنا وراء تلك الكرة البلاستيكية الملعونة.. نلهت وراءها لأجل تسديد الاهداف.. معظمنا يتهرب من مهمة حراسة المرمى.. فاهدافنا..تتقاطر و كانت سريعة.. ورائعة.. وانتصاراتنا على بعضنا كانت مفجعة في كثير من الاحيان.. مقابلتنا كانت تنتهى بالمعارك.. وموجات السب والشتم بيننا و قد تنتهي بدبح الكرة.. تمزيقها بسكينة صغيرة.. او قطعة قصدير حادة نجدها على ارض الساحة.. ثم يعود الهدوء.الى الساحة . والصمت إلى عصاباتنا الصغيرة... وحده الانتصار كان يغرينا.. والفهم استحضار كلام الرب.. قد تركناه للفقيه وراء ظهورنا ما بعد جدران الكتاب..)(الحضار..) المتسخة..!!
يتبع
عبد الغني سهاد



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمام السعادة.......
- الديمقراطية هي الحل....!!!
- رسائل تحت التراب.. (ف:2)
- رسائل تحت الثراب..(1)
- في البحر...
- دخشوشة المعلم كرشة...
- لقمة عيش... الجزء2
- نزع الاقنعة.....!!!
- لقمة عيش...(1)
- خطاب الرايس
- بلا اعجاب۔۔۔المقبور۔۔
- قراءات خاصة۔䑉
- حسب رواية موريس ۔۔۔
- في البئر عاشق۔۔䑉
- في كهوف شمهروش
- هي الأيام...
- تاجر القمع....
- بلا جدوي...
- لم يبق لنا سوى حب هذا الكلب..
- حريق ...في طريق الوحدة.


المزيد.....




- مسلسل قيامة عثمان 158 فيديو لاروزا باللغة العربية ومترجمة عل ...
- مدينة الورود بالجزائر تحيي تقاليدها القديمة بتنظيم معرض الزه ...
- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - رسائل تحت التراب (3)