أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - كتاب الغرباء: نحو فلسفة إنسانية-وجودية جديدة [ج1]














المزيد.....

كتاب الغرباء: نحو فلسفة إنسانية-وجودية جديدة [ج1]


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 7840 - 2023 / 12 / 29 - 01:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


«1»
يقول الفيلسوف الوجودي الدنماركي سورن كيركغارد أنّ هناك طريقتان للخداع: الأولى هي تصديق ما هو ليس صحيح، والثانية هي رفض تصديق ما هو صحيح.
الامتثال والتوافق هما أفيون الشعوب والمجتمعات المعاصرة، والتّوافق يعني الالتزام المُطلَق بالقواعد والمعايير التقليدية السائدة في المجتمع والامتثال لها، وبذلك تعتبر إرادته مطلقة.
لكنّ التوافق هو مجّرد طريقة في العيش، وليس أسلوب حياة، لأنّه لا توجد طريقة محدّدة أو أسلوب معيّن وصحيح لكيفية عيش الحياة.
ينشأ الإنسان ويكبُر مُحاطاً بأفيون التوافق والامتثال، ووَيلٌ لذلك الفرد الذي يرفضهما، فإنّه إمّا يُنبَذ أو يوصَم أو يُخصى اجتماعياً.
التوافق هو دين الألفية الثانية. إنّه داء الغالبيّة المطيعة والملتزمة بالقانون؛ بل هو العَلَف الذي يمنح الجماهير البائسة المعنى لوجودهم الطارئ لأنّهم في أعماق زنازين وعيهم يمكنهم سماع عقل الزواحف وهو يصرخ بأنّ الحياة لا معنى لها، وأنّ المَرء سيواجه فَناءً أبدياً مُحَتّماً.
إذاً كيف يمكن للإنسان أن يعيش تحت نير هذا الإكراه العَدَمي؟
إنّه يفعل ذلك بالطريقة نفسها التي يركّز فيها المدمن النّمطي حياته حول عقاقيره ومخدّراته... المخدّر المُفَضَّل لدى الغالبيّة هو التوافق والامتثال. وكما أنّ دافع المُدمن على الهيرويين للعيش هو السّعي للحصول على جرعات من العقار، كذلك يسعى الإنسان التقليدي والمُتَطابق النمطي إلى التوافق مع المجتمع والامتثال لعاداته وتقاليده.
السبب الذي دفعني لاقتباس عبارة كيركغارد هو أنّ الإنسان مُذنبٌ في كلتا الحالتين. إنّه يصدّق ويتّبع بشكل أعمى ما هو غير صحيح عن طريق التوافق، ويرفض بعنادٍ قبول ما هو مناسب في النّموذج الوجودي للحياة، وبفعل ذلك بشكل أساسي بسبب الخوف. فالخوف مثله مثل المال والمخدّرات، دافعٌ قويٌّ وقاهر. الإنسان يخشى القلق ويخاف من الوقوع في أحابيله، كما أنّه يسعى لتجنّب المعاناة، ويخاف من الحرّيّة، والأهم من ذلك أنّه يخاف من الفناء والعَدَم بعد الموت. لذلك فهو يهرب من هذه الحقائق بالإنكار، ويهرع سريعاً إلى أحضان التوافق مع القطيع وشعور الطمأنينة والانسجام بين أفراده.
ولكن ليس هناك خطأ أو صواب. ليس هناك خيرٌ وشرٌّ بالمطلق. ولا وجود لوحوش أو عباقرة في الحياة بالرغم من آرائنا القاسية.
أنتَ، بصفتكَ إنساناً، حُرٌّ في أن تعيش كما تشاء، ووفقاً للطريقة التي تراها مناسبةً بالنسبة لك.
للأسف الشديد يتبنّى الإنسان بشكلٍ غير واعٍ أسلوب التوافق في الحياة، وهو وضع الامتثال والإذعان، ثمّ يحدّد هذا الوضع بصفته فضيلة، في حين أنّه في الواقع مجرّد نظامٍ مُبَجّلٍ من قبلنا لكيفيّة العيش، ونحن لا ندرك أنّ هناك العديد من الأنظمة والمناهِج المختلفة للعيش. وهكذا ينشأ الأفراد ويكبرون على أساس أنّ صورتهم الاجتماعية ومكانتهم، والزّواج، والعَمَل جميعها عناصر ومكونات ضروريّة للعيش، في حين أنّهم يلتزمون بهذه المبادئ والقواعد التي تعلّموها ونشأوا عليها ويمتثلون لها بشكلٍ مُطلَق فقط لأنّ الجميع يفعلون ذلك: وهذا معنى التوافق بالضبط.

يتبع...



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتاب -المئة- لمايكل هارت وخيانة الترجمة لأنيس منصور
- عن قدسيّة الحياة
- ما هي العلاقة بين سمكة يسوع والعضو الأنثوى؟
- الرموز: قوّتها، ودلائلها
- بروتوكولات حكماء صهيون والتزييف
- نحو مقدمة في علم النفس الوجودي
- مدرسة الحمقى [6]
- مدرسة الحمقى [5]
- مدرسة الحمقى [4]
- مدرسة الحمقى [2]
- مدرسة الحمقى [3]
- مدرسة الحمقى [1]
- جدليّة السّلطة والشرعيّة: منظور اجتماعي وسيكولوجي وأخلاقي
- الدين في سياق التّطوّر البشري: الجزء الأول (التّطوّر المشترك ...
- ألبير كامو: العَبَثية، والعَدَميّة، والتضامن
- هل نحن مُستَمتعون، أم نحن مُدمِنون مُخَدّرون؟ -المسلسلات الر ...
- كارل ياسبرز، ولماذا علينا أن نقرأ الفلسفة؟
- محمد معناه -الصّنم-
- الكينونة والزمان [3]: ((الوجود في العالم)) سيمون كريتشلي
- الكينونة والزمان [2]: ((الأنا)) سيمون كريتشلي


المزيد.....




- الأردن.. ميلاد ولي العهد الأمير حسين وكم بلغ عمره يثير تفاعل ...
- -صفقة معادن-.. ترامب يرعى اتفاق سلام بين رواندا والكونغو الد ...
- الولايات المتحدة: المحكمة العليا تحد من صلاحيات القضاة في تع ...
- فجوة -صارخة- في توزيع الملاجئ في القدس
- احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة
- الاحتلال يواصل اقتحام مدن الضفة ويدمر منازل بجنين
- هل انتهى حلم إيران النووي بضربة واحدة؟
- ماذا أرادت إسرائيل من الغارات على جنوب لبنان؟
- في حال التطبيع مع سوريا.. ساعر يتحدث عن -شرط الجولان-
- بينها الكركم.. أفضل 5 أطعمة لتخفيف آلام التهاب المفاصل


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - كتاب الغرباء: نحو فلسفة إنسانية-وجودية جديدة [ج1]