أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - كارل ياسبرز، ولماذا علينا أن نقرأ الفلسفة؟














المزيد.....

كارل ياسبرز، ولماذا علينا أن نقرأ الفلسفة؟


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 6919 - 2021 / 6 / 5 - 20:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إنّ الفكرة الشائعة والمُسبَقَة التي تدور حول مفهوم "فلسفة الشارع" حالياً هي أنّ قراءة الفلسفة غير مجدية ولا فائدة منها. الفكرة السائدة هي أنّها لا تأتي بأفكار جديدة، وبالتالي، يمكن، أو يجب تجاهلها، أو على الأقل يمكن قرائتها من قبيل التسلية فقط. يميل أصحاب هذا الرأي للظهور عبر تعليقات الفيسبوك أو تويتر أو أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي. قد تبدو وجهة نظرهم جيدة. فإذا أمضينا كل وقتنا في قراءة الفلسفة، فَلَن نجد الوقت الكافي للخروج بأفكار جديدة. تقول وجهة نظرهم أنّ جميع هؤلاء الذين يقرؤون الفلسفة يميلون لأن يكونوا مؤرخين الفلسفة أكثر من كونهم فلاسفة مجدّدين. في هذه المقال سأقدّم وجهة نظر الفيلسوف كارل ياسبرز عن هذا الرأي، وما يعنيه أن نقرأ الفلسفة مقابل أن "نمارس" الفلسفة.

* وجهة نظر كارل ياسبرز

يتبع ياسبرز في عمله الرئيسي "حول فلسفتي" ما قاله كانط في أنّ هناك عالمين مستقلّين مختلفين: عالَم مُدرَكاتنا الشخصية، أي ما نراه وما نَسمَعه وما إلى ذلك ليتمثّل في العقل، وهو ما سمّاه بالعالَم "الظاهراتي phenomenal". والآخر هو العالَم الذي يوجد فيه الواقع فقط. إنّ الموضوعية المَحضَة لهذا العالَم تتجاوز تصوّراتنا، الذي يسمّيه بالعالَم الحَدسي noumenal. من هنا، كما يمكننا القول، أنّ كانط يرى العالَم من خلال "النظّارات الملوّنة" التي يرى كل واحدٍ منّا هذا العالَم من خلالها. دون أن يسعنا خَلعها، لأنّها عيوننا وآذاننا وأنوفنا وحواسنا. إذن، ما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟ خاصّةً إذا كان هدفنا هو الاقتراب من معرفة العالَم الحَدسي "النوميني" قَدرَ الإمكان؟
حسناً، يقترح ياسبرز أنّنا نجري محادثات لتأكيد ما نختبره مع الآخرين. كما أنّه يوافق على أنّنا لَن نقدر أبداً على إدراك العالَم الحَدسي بشكلٍ كامل. حيث يقول: ((يمكننا طرح أسئلة أساسية، لكن لا يمكننا أبداً الاقتراب من البداية)). هذا يعني أنّنا يمكننا الاقتراب، لكن لا يمكننا أبداً الوصول إلى معرفة كاملة بالعالَم الواقعي.
من الواضح أنّ ياسبرز يوضّح هنا موقفه من قراءة أعمال لفلاسفة آخرين. ((لا يمكن التعامل مع الفلسفة إلا بأكبر قَدرٍ ممكنٍ من الفهم. إذ يتطلّب أي فيلسوف عظيم تغلغلاً من دون هوادة في نصوصه. وهذا يستلزم استيعاب كامل للفلسفة بشكلٍ تام، والعمل مع كل جملة منها من أجل إدراك كل فارق مهما كان بسيطاً فيها. إنّ الإدراك الشامل والكلّي، والمراقبة الدقيقة هما أساس فهمنا لهذا العالَم)). من الواضح أنّ يؤيّد هنا قراءة الفلسفة، فهي لا تقدّم لنا سبباً كافياً لكيفية مساعدتنا لخلق أفكار جديدة، بل كل ما تقدّمه لنا أنّها تمنحنا فهماً أفضل للأفكار الموجودة مسبقاً.
إذن، بدأ بالقول أنّ ((الإنسان بصفته فرداً فقط يمكنه أن يصبح فيلسوفاً)). وهنا يقصد الاعتراف بعالَم كانط الظاهراتي بمعنى أنّنا لا تستطيع الهروب من عقولنا.
وبالنظر إلى هذا الأمر كنقطة للانطلاق، يواصل قائلاً: ((لقد أنتج مجتمع الجماهير أو الحشود البشرية نظاماً حياتياً ضمن قنوات منتظمة تربط الأفراد في منظّمة نشطة فعلياً…)). كما يمضي ليقول أنّ الإنسان ((… يسعى خلف الراحة عبثاً في المجال الإيروتيكي أو العقلاني حتى يقوده ذلك في النهاية إلى فهمٍ أعمق لأهمية إنشاء التواصل بين إنسانٍ وآخر)). ما يحاول أن يصل إليه هنا هو أننا يجب أن نتواصل مع بعضنا البعض بما يجري داخل عقولنا وعوالمنا الفردية الظاهراتية. إنّه يسمّي الأشخاص الذين نتواصل معهم "رفقاء الفكر". ويقول أنّ هذه هي الطريقة التي يمكننا من خلالها _نوعاً ما_ بناء أفكار جديدة.

* إذن لما نقرأ الفلسفة؟


هذه ليست الفكرة الجديدة كلياً، فقد لخّص السير إسحق نيوتن فكرة ياسبرز الأساسية قبل ذلك بقوله: ((أنا أقِفُ على أكتاف العمالقة)). وهذا معناه أنه يبني مفاهيمه وفلسفته على أساس ما أنجزه آخرون قبله. ومثيراً ما أشبّه هذا المنهج هنا بتجربة فكرية بحتة. تصوّر أنّك في حديقة عامّة، وأنّ هناك إشارات للطريق تظهر أمامك. قد تقول إحدى اللافتات "هذا الطريق إلى الشلالات". وأخرى تقول "هذا الطريق يقود إلى الشاطئ". نتتبّع هذه الإشارات حتى نصل في النهاية إلى طريق مسدودة، مجرّد أجمات وأشجار وأدغال. لذا نحاول شقّ طريقنا الخاص لأبعد ما أوصلتنا إليه الإشارات، ونستكشف مسارنا الخاص. وإذا وجدنا شيئاً هناك، فقد نضيف علامتنا أو إشارتنا الخاصة بالقرب من الطريق الذي قمنا بشقّه. نحنا هنا بمثابة علامات طريق للآخرين الذين سيغدون فلاسفة. هُمْ سيُرصفون طريقنا الترابي الذي شَقَقناه، ويعبّدوه، ليسيروا عليه ويمضوا لأبعد ممّا وصلنا إليه. هذا هو السبب في أنّنا ما زلنا نقرأ الفلسفة حتى الآن. فنحن نتّبع لافتات الطريق، لنحسّنها، ثمّ نتجاوزها.



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محمد معناه -الصّنم-
- الكينونة والزمان [3]: ((الوجود في العالم)) سيمون كريتشلي
- الكينونة والزمان [2]: ((الأنا)) سيمون كريتشلي
- الكينونة والزمان [1]: لماذا هيدغر يهمّنا؟ سيمون كريتشلي
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]32 ((عَنْ الفضيلة ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]31 ((عَنْ الموت اخ ...
- ما علّمني إياه نيتشه
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]30 ((عَنْ الزواج و ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]29 ((عَنْ لدغة الأ ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]28 ((عَنْ المرأة ش ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]27 ((عَنْ طريق الم ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]26 ((عَنْ محبّة ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]25 ((عَنْ ألف هَدَ ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]24 ((عَنْ الصديق))
- الخوف من الموت من وجهة نظر فلسفية
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]23 ((عَنْ العفّة))
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]22 ((عَنْ ذُباب ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]21 ((عَنْ الصنم ال ...


المزيد.....




- استطلاع يظهر معارضة إسرائيليين لتوجيه ضربة انتقامية ضد إيران ...
- اكتشاف سبب غير متوقع وراء رمشنا كثيرا
- -القيثاريات- ترسل وابلا من الكرات النارية إلى سمائنا مع بداي ...
- اكتشاف -مفتاح محتمل- لإيجاد حياة خارج الأرض
- هل يوجد ارتباط بين الدورة الشهرية والقمر؟
- الرئيس الأمريكي يدعو إلى دراسة زيادة الرسوم الجمركية على الص ...
- بتهمة التشهير.. السجن 6 أشهر لصحفي في تونس
- لماذا أعلنت قطر إعادة -تقييم- وساطتها بين إسرائيل وحماس؟
- ماسك: كان من السهل التنبؤ بهزيمة أوكرانيا
- وسائل إعلام: إسرائيل كانت تدرس شن هجوم واسع على إيران يوم ال ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - كارل ياسبرز، ولماذا علينا أن نقرأ الفلسفة؟