أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]27 ((عَنْ طريق المُبدِع))














المزيد.....

شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]27 ((عَنْ طريق المُبدِع))


إبراهيم جركس

الحوار المتمدن-العدد: 6719 - 2020 / 10 / 30 - 16:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شرح كتاب فريدريك نيتشه
[هكذا تكلّم زرادشت]27
((عَنْ طريق المُبدِع))

هذا القسم عبارة عن سلسلة من التأمّلات وثيقة الصّلة بموضوع ما معنى أن يكون الإنسان مُبدعاً، بمعنى "المبدع" الذي تمّ التأسيس له في الكتاب الأول، القسم الأول، إذ أنّ سمته التحضيرية هي العُزلة والتوحّد لسبيل المرء إلى نفسه. وقد مرّ معنا موضوع العُزلة/التوحّد عدّة مرّات من قبل، منذ سنوات زرادشت العشر الأولى وعزلته في الجبال، إلى قصّة الجمل في الصحراء القاحلة، إلى نصائح الهروب من السوق والخروج منها. ونعلم أيضاً أنّ العُزلَةَ لاتتعارض مع شكلٍ معيّن من الصداقة أو الحب أيضاً. لذلك فالجديد في هذا الفصل هنا هي فكرة ((السبيل إلى نفسك)) [فكرة أن تصبح ما أنت عليه في الحقيقة هي فكرة متكرّرة في الكتاب. أنظر بشكلٍ خاص الكتاب الرابع، القسم الأول]. كما رأينا، فإنّ الفرد على هذا النحو ليس معزولاً بالفعل، لأنّه قد يكون ذلك الفرد قد خُلِقَ لخدمة احتياجات الناس ومساعدتهم.

لايهمّ إذا قيل أنّ لدى الناس "ضميرٌ واحد"، أو ما إذا قيل أنّه يتكوّن من أفراد "بضميرٍ واحد". يحدّد الضمير هنا القيمة بقدر ما لَهَا من قوّة معيارية وبقدر ما يشعر بها. وبالتالي، ليست الفردانية هي الفكرة الرئيسية هنا، بل العُزلَة/التوحّد.

العُزلة: سواء حَدَثَت داخل كهف في الجبال أو وسط مدينة مدينة مليئة بالأصدقاء والأقارب _تعني أنّه يجب على المرء أن يعزل نفسه عن القطيع حتى في ضميره، يجب أن يمرّ المرء بـــ"معاناة" قتل هذا الضمير داخل نفسه، من أجل إعادة اكتشاف جوهر ماهو صحي ونبيل في النفس. ومع ذلك، فإنّ الكثيرين مِمَّن تخلّصوا من نيرهم أيضاً ((فهناك مَن رَمَى بآخر قيمة له عندما رَمَى بآخر أواصر عبوديته)). هناك مَن هُم ذوو قيمة ليس فقط بالنسبة للآخرين، بل لجزء كبير من البشرية، وربّما حتى بالنسبة لمشروع تجاوز الإنسان والتغلّب عليه فقط بقدر ما لايعزلون أنفسهم عن ضمير الناس، وهناك من تكون فردانيتهم في خدمة الشهوة والطموح ("الأنا الماكرة، وعديمة المحبّة" كما جرى وصفه في الكتاب الأول، "عن ألف هدف وهدف").

مَنْ إذن الذي له "الحق" بمثل هذه العُزلة؟ "العَجَلَة ذاتية الدفع"، التي تحاكي وصف روح الطفل في الكتاب الأول، القسم1. بعبارة أخرى، الشخص ليس المدمّر فقط، بل والخالق/المبدع أيضاً. ما الذي تحرّر منه؟ لا يهم. ما أنتَ حُرٌّ فيه _أن تكون حُرّاً في التعبير عن "فكرتك المسيطرة" الجديدة والسعي وراءها _ هو مايمنَحُكَ هذا الحق (مَرَّةً أخرى، المفهوم الكانطي للحرية على أنّها منح القانون لنفسك).

لكنّ المبدع اليوم سيواجه محاكمات: ((لكنك ستتعب في يومٍ ما من جرّاء وحدتك)). المحاكمة هي العَدَمية: فحتى خَلقك سيبدو مجرّد خطأ وبلاقيمة. وبالمثل، فإنّ الخالق المبدع سيواجه محاكمات خارجياً. ((إنك ترغم الكثيرين على مراجعة معرفتهم بك)). [راجع على سبيل المثال أنشودة ختام كتاب "ماوراء الخير والشر"]. إنّ أعظم خطر في أي عملية تجاوز للذات هو من الذات نفسها.

مرّةً أخرى، إنّ الضمير الذي تشترك فيه "أنت" مع الناس ليس تأثيراً أجنبياً آتياً من الخارج، بل إنّه أنت، بجسدك ذاته، وحتى إن تمكّنتَ من تجاوز هذا الضمير والتغلّب عليه، لاتزال هناك شياطين سبعة في انتظارك. أمّا قائمة تلك الشياطين فقد قدّمها زرادشت هنا بدون ذكر الكثير من التفاصيل. تحتوي القائمة على مايجب أن يكون في الوقت الحالي فارغاً وارقاماً رمزية لامعنى لها. ومع ذلك، هناك بعض التشابه بين هذه القائمة ومجموعة الشخصيات التي يلتقي بها زرادشت في مكانٍ آخر [الساحر، ربما]، وخاصة سلسلة "البشر المتفوّقين" الذين يواجههم زرادشت في الكتاب الرابع.

من الغريب أنّ "الأخطار" التي نوقشَت في هذا المقطع يُنظَر إليها بشكل سلبي في المقام الأول كمحاكمات أو تحذيرات. وهناك نوعين من الاختلافات الإيجابية حول الفكرة التي يجب إضافتها. إذ يمكننا العثور على النوع الأول بشكل ملحوظ في قول نيتشه الشهير: ((عن المدرسة الحربية للحياة: ما لايقتلني يجعلني أكثر قوّةً)) [غسق ألأوثان، قسم أمثال ولواذع، شذرة8]. الفكرة هنا هي أنّ الظروف المعاكسة لاتختبر فرداً لوحده فقط، بل تمارس ضغطاً على جماعة أو مجموعة أو فئة، وتوفّر أيضاً نوعاً من الانضباط وبالتالي فرصة لاستعادة القوّة أو إنتاج أشكال أعلى وأرقى), ومن الأمثلة على ذلك، القيود التعسفية على الممارسات الفنية التي شكّلت الظروف المناسبة لظهورها (أنظر شذرة 188 من كتاب "ماوراء الخير والشر").

ثانياً، ضرورة الكفاح وإعلان الحرب ضدّ أي عملية نموّ موضوع تطرّقنا إليه بالفعل عدّة مرات ("عن شجرة الجبل" مثلاً). وفقاً لذلك، يجب أن يتضمّن الرصيد الكلي لطريق المبدع أيضاً الأفكار التي تمّ التعبير عنها في نصائح نيتشه الشهيرة عن كيفية العيش بطريقة خطرة ("كتاب العلم المرح"، شذرة 283). توجد إرادة القوّة بشكل علائقي كاختلافات وفروق في القوة والشعور بهذه الفروقات، وبدون هذه الفروقات وما يترتّب عنها من صراع فيما بينها، لايمكن أن يكون هناك تعزيز في الشعور بالقوة وبالتالي لايوجد تطوّر عضوي (حتى الإغداق والعَطاء يصبح صراعاً بهذا المعنى. سنتحدّث بالتفصيل عن ذلك لاحقاً).

إنّ البقاء آمناً هو أن تكون على شاكلة البشر الأخيرين، وأن تحافظ على نمط معيّن من الحياة على حساب الصحّة الأكبر للبشرية ككل. ومع ذلك، القضية هنا أنّ ليس كل الصراعات ذات قيمة في الحياة ومفيدة لها: فبدلاً من البقاء ساكناً وكَشّ الذباب، يجب على المرء ببساطة أن يغادر السوق. على سبيل المثال، إنّ السعي للهيمنة على الضعيف أمرٌ مُهين، يعني السعي وراء القوة حيث لا يوجد سوى أمراض معنّدة وأسقاع والمخاطرة بالتقاط عدواها. غالباً ما يتحدّث نيتشه عن "ضبط النفس" ويعني القدرة على عدم إبراز أو إظهار أي رد فعل أمام أي محفّز _ولكن ذلك يختلف عن الرواقيين بقدر ما لا يرقى إلى مستوى الانسحاب من العالم.

إبراهيم قيس جركس 2020



#إبراهيم_جركس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]26 ((عَنْ محبّة ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]25 ((عَنْ ألف هَدَ ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]24 ((عَنْ الصديق))
- الخوف من الموت من وجهة نظر فلسفية
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]23 ((عَنْ العفّة))
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]22 ((عَنْ ذُباب ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]21 ((عَنْ الصنم ال ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]20 عن الحرب والشعو ...
- زرادشت و-موت الإله-
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]19 عَن دُعاة الموت
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]18 عَن شجرة الجبل
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]17 عَن القراءة وال ...
- شرح كتاب -ماوراء الخير والشر-: (9)
- دليل نيتشه لتجاوز وجودك والتغلّب عليه
- الآخرة: غير قابل للوصف ديفيد إيغلمان (ترجمة إبراهيم قيس جركس ...
- -غريب- كامو: اللامبالاة تجاه العالم
- سيزيف: أسطورتنا الحية إلى الأبد
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]16 عَن المجرم الشا ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]15 ((عن صبوات الأف ...
- شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]14 ((عن المُستَهين ...


المزيد.....




- تسببت بوميض ساطع.. كاميرا ترصد تحليق سيارة جوًا بعد فقدان ال ...
- الساحة الحمراء تشهد استعراضا لفرقة من العسكريين المنخرطين في ...
- اتهامات حقوقية لـ -الدعم السريع- السودانية بارتكاب -إبادة- م ...
- ترامب ينشر فيديو يسخر فيه من بايدن
- على غرار ديدان العلق.. تطوير طريقة لأخذ عينات الدم دون ألم ا ...
- بوتين: لن نسمح بوقوع صدام عالمي رغم سياسات النخب الغربية
- حزب الله يهاجم 12 موقعا إسرائيليا وتل أبيب تهدده بـ-صيف ساخن ...
- مخصصة لغوث أهالي غزة.. سفينة تركية قطرية تنطلق من مرسين إلى ...
- نزوح عائلات من حي الزيتون بعد توغل بري إسرائيلي
- مفاوضات غزة.. سيناريوهات الحرب بعد موافقة حماس ورفض إسرائيل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - إبراهيم جركس - شرح كتاب فريدريك نيتشه [هكذا تكلّم زرادشت]27 ((عَنْ طريق المُبدِع))