أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - 17 – 14 أيام خالدة لن يقدر أحد على محوها من تاريخ تونس














المزيد.....

17 – 14 أيام خالدة لن يقدر أحد على محوها من تاريخ تونس


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 7830 - 2023 / 12 / 19 - 03:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اليوم 17 ديسمبر هو واحد من الأيام التي يعتز بها الشعب التونسي وكل الثوريين من أبنائه. في هذا التاريخ من عام 2010 افاق الشعب التونسي على حادثة كان من الممكن ان تكون حادثة عرضية وبسيطة وهي حادثة وفاة الشاب التونسي محمد البوعزيزي في سيدي بوزيد. هو شاب كالكثير من الشبان التونسيين كان يصارع ويكابد من أجل العيش بالمعنى المادي للكلمة ومن أجل الحياة بالمعنى الشامل للكلمة ولكنه اصطدم بقمع نظام الحكم فأقدم على حرق نفسه. وقد وجد شباب تونس في استشهاد البوعزيزي من اجل العيش الكريم والحرية إشارة تلقفها فورا ليعلن انطلاق مسار احتجاج سرعان ما تحول الى انتفاضة شعبية أقضت مضجع نظام بن علي الدموي. فكان يوم 17 ديسمبر يوم اندلاع شرارة الثورة في تونس، ثورة الحرية والكرامة، هذه الثورة التي استغرقت شهرا انتهى بفرار بن علي رمز النظام البرجوازي العميل الدموي يوم 14 جانفي 2011. وكان هذا التاريخ الشقيق التوأم ليوم 17 ديسمبر.
وقد دأب الشعب التونسي على امتداد أكثر من عشر سنوات يحيي ذكرى هذين اليومين كل سنة لما يمثلان بالنسبة اليه على أكثر من صعيد ومستوى. لكن منذ مجيء قيس سعيد الى الحكم بدأ السعي الى فسخ هذه الذكرى ومحوها من ذاكرة التونسيين ووجدانهم. في البداية جرى الفصل المتعسف بين 17 ديسمبر و14 جانفي في حين انهما محطتان مترابطتان ومنيا ونضاليا في مسار ثوري واحد. ويجري الان العمل بشكل حثيث على إحالة هذه الذكرى تدريجيا على النسيان وتغييب الاحتفال بها لغايات معلومة.
يحاول قيس سعيد كما فعل من قبله بن علي إعادة كتابة تاريخ تونس والشعب التونسي. وضمن هذا المسعى يريد أن يمحو نضالات التونسيين من اجل الحرية والكرامة الوطنية وفي المقابل من ذلك يريد أن يحل محل ذلك مفاهيم العهد الشعبوي الجديد وشعاراته و"إنجازاته" الوهمية.
إن الشعب وحده من يكتب التاريخ لأن التاريخ من صنع الجماهير وليس من صنع الافراد حتى وإن كانوا زعماء ناهيك إن كانوا زعماء من طينة دون كيشوط. فبورقيبة رغم الفارق الكبير بينه وبين قيس سعيد مثلا لم يتمكن من أن يثبت في ذهن أجيال ما بعد 56 أنه هو صانع تاريخ تونس و"مجدها" رغم كل الدعاية والقصف الأيديولوجي الذي قام به لمدة حوالي ثلاث عشريات. رغم كل ذلك لم تمحي من ذاكرة التاريخ علامات كثيرة من نضال الشعب التونسي من زمن الدغباجي وين سديرة والجرجار وفرحات حشاد وعمال صفاقس وفلاحي برج السدرية والنفيضة وبوسالم ومعارك جبل برقو ومجاز الباب وغيرها.
نفس الامر بالنسبة الى بن علي الذي أراد ان يلخص تاريخ تونس في حركة 7 نوفمبر الانقلابية وما يسمى بـ"العهد الجديد". ولكنه لم يستطع القضاء على ذكرى نضالات الفلاحين التونسيين في الستينات او امجاد الحركة النقابية في 26 جانفي 78 التي لعب فيها دور الجلاد الدموي كما فشل في محز اثار نضالات الجماهير الشعبية ضد سياسة التفقير والتجويع في جانفي 84 وغيرها من المناسبات الأخرى والنضالات الطلابية والشعبية.
إن مثل هذه المساعي مآلها الفشل لأنه وكما سبق قوله التاريخ من صنع الجماهير وليس بمقدور أحد أن ينسب لنفسه أمجادا لم يكن له في أي دور خصوصا إذا كان من يدعي ذلك ليس غير نكرة من وجهة نظر التاريخ المدون والمشهود به بمختلف اشكال الرواية والتسجيل.
ومعلوم أيضا أن كل الذين أرادوا السطو على منجزات جماهير الشعب – بصرف النظر عن حجمها وأهميتها – هم عادة من طينة المستبدين المهووسين بالشهرة والمسكونين بحب النفوذ والسيطرة. ومن قوانين التاريخ أن نهاية هذا الرهط كانت على الدوام تقريبا نهاية مأساوية مثلما حصل لبورقيبة ولبن علي. ذلك لأنهم كانوا على الدوام يسبقون اعتبارات "ذاتهم" على احتياجات الشعب ومعاناته ومصالحه ومطامحه وأهدافه. وكان يخيل إليهم دوما أن سكون الجماهير وقبولها بالخضوع لمدة طويلة من الزمن علامة على انتصار أبدي. ولكن الشعب يلقنهم في كل حقبة من الزمن الدرس الذي يتعامون عن استيعابه.
إن الشعب التونسي الذي خفض جناح الذل لبورقيبة ولبن علي نهض في كل مرة بعد طول سكون وزعزع أركان نظام الحكم بما اجبر بورقيبة على التنازل والتراجع صاغرا عن قراراته المؤلمة أو اجبر بن علي على الفرار ذليلا واللجوء الى المنفى الاختياري.
هذا الشعب الذي يبدي اليوم حالة من السكون والخضوع بما يشبه أحيانا تلذذ العذاب والمهانة إنما يكتنز ما يلزم من الغضب والحنق للموعد الذي سيقرره هو وحده ولا شريك له. وهنا لا بد من استحضار قولة الشاعر التونسي الفذ أبو القاسم الشابي "حذار فتحت الرماد اللهيب".
فقد أفلح من استوعب دروس تاريخ الشعب التونسي وقد خاب من سها عنها او تغاضى أو تجاهلها وتكبّر عنها.



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- Le pouvoir d’un seul سلطة فرد
- لعنة غزة تلاحق رئيس أمريكا بايدن
- مخططات الامبريالية الامريكية لتصفية المقاومة والانتقام من غز ...
- مرة أخرى -أمك صنّافة- وترقيم جديد سلبي
- عينة بسيطة من الديمقراطية الامريكية
- أكذوبة فرنسية بريطانية بطعم صهيوني
- ميزانية 2024: أعلى نسبة تداين تجسيما لشعار -التعويل على الذا ...
- لماذا أجل وفد صندوق النقد الدولي زيارته الى تونس؟
- وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند
- وشهد شاهد من أهلها
- من يدفع ثمن سياسة -التعويل على الذات-؟
- هل انطلق قطار الهجوم على الاتحاد العام التونسي للشغل؟
- الاسيرة شروق دويات وفلسطين تشتركان في 7 أكتوبر
- قيس سعيّد واتّفاق الشّراكة مع الاتّحاد الأوروبي: ابتزاز وخضو ...
- الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد لماذا انعقدت وبماذا خرجت ؟؟
- وعادت الشعبوية الى أمريكا الجنوبية من بوابة الارجنتين
- سؤال الامس ... سؤال اليوم هل انطلق قطار الهجوم على الاتحاد؟
- مستشفى -الشفاء- وصمة عار على جبين الإنسانية وجبين العرب بالد ...
- حبيبتي تونس ... عزيزي قيس سعيد
- الخيانة العظمى ... والكذبة العظمى


المزيد.....




- المغرب يستعد لتسليم أحد أخطر زعماء العصابات المطلوبين لفرنسا ...
- خبير بريطاني: تصريحات ماكرون حول إرسال قوات إلى أوكرانيا تظه ...
- سيناتور أمريكي ينتقد تصرفات إسرائيل في غزة ويحذرها من تقويض ...
- مأساة -ريان المنيا- تتكرر.. مصرع شاب وعمه إثر سقوطهما في بئر ...
- مصرع أكثر من 29 شخصا في فيضانات البرازيل (فيديو)
- العراق.. مقتل طبيب معروف بطريقة مروعة في محافظة النجف (صورة) ...
- الجزائر تجلي أطفالا جرحى من غزة
- نائب أمريكي: الحفاظ على ما لديها الآن سيكون نجاحا لأوكرانيا ...
- قوات روسية تدخل قاعدة في النيجر تتمركز فيها قوات أميركية
- تأكيد مقتل أحد الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - 17 – 14 أيام خالدة لن يقدر أحد على محوها من تاريخ تونس