أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - القلب مسكنك














المزيد.....

القلب مسكنك


ندى مصطفى رستم

الحوار المتمدن-العدد: 7828 - 2023 / 12 / 17 - 08:26
المحور: الادب والفن
    


خمسة أعوام وأنا أحاول ان ألملم حروفي التي تبعثرت عميقاً لحظة رحيلك، لكن جزافاً، فوجودك لا تضاهيه أية محاولات حتى لو كانت ربانية المنشأ والصنع، كان فشلاً صارخاً ولم أستطع أن أعبّر لك عن حجم الحب المكنون لك في قلبي. يالغبائي نسيت أنك تسكنيني في ذهابي وإيابي، قيامي وقعودي، نومي واستيقاظي، حبي وكرهي، فأنت بداية الأشياء جميعها، وكذلك نهايتها أيضاً، والحالة هذه لا أحزن عليك فقط، بل أحزن لأنك اقتُلعت مني عنوة! خسرت أجمل جزء من حياتي، ولم أعد كما كنت!. لازلت أستطعم لذة وجودك وأنت تقولين لي عبر الإشارات أن أسكتْ! هل أوشوش لك شيئاً جديداً، لكن إياك أن تقولي للآلهة! أنا معك وأنت لم تغادريني، احكي معك كل لحظة، هل تشعرين بذلك أم أنا وحدي! إياك أن يسمعك احد، أخاف ان أصحو وأبقى وحيدة في غابات هذا العالم الموحش بدونك! كنتِ ومازلتِ مرآتي، اشتقتُ لأقف امامك كطفلة تريد أن تعترف بما اقترفت من مشاغبات! كالعادة يجب أن أختم يومي بمصارحتك وأتخيل حجم العقاب من خلال تعابير وجهكِ، أضمك وأبكي وأهمس بأذنك أنا مشتاقة لبابا، على أمل أن تنسي معاقبتي، عندما ألمح ثغرك الجميل يرسم ابتسامة خفيفة أطمئن أن اليوم مر بسلام! كم تحملتِ يا أمي من مشقات، وأنت وحدكِ في الميدان مع ثلاثة أطفال وأشقاهم ابنتك الوحيدة. كنتِ صامدة أمام المجتمع الذي لا يرحم، فغياب رفيق عمرك ليس بالأمر السهل، أربعة وعشرون عاماً وأنت تخيطين بصمت المسار من حي التجارة إلى جبل المزة، وابتسامتك تعلو وجهك الجميل، كي لا يشعر أحد بانكسارك لأن الحياة أجبرتك على دخول هذا الامتحان ولابد أن تنجحي وتثبتي لوالدي أنك مازلت على العهد الذي بينكما وتؤكدي لكل الناس أنك لن تخذلي حبيبك وتضعفي. رغم غيابه فأنتِ ظله الذي لا يبرحه! أنتِ ظل الظلم الذي طالك وطاله! تتذكرين رسالته الأولى! محذرا قال لكِ: حياتي يانجاة ستكون صعبة فحسمت الأمر بالتمسك به ثم أصبحت زوجة مسؤول كبير في الدولة وهو يافع صغير، ثم ينتهي بك الأمر لتكوني زوجة سجين سياسي نبيل، مع كل هذه المتغيرات، معدنك الأصيل وابتسامتك وحديثك لم تتغير، بك شيء ثابت رغم كل العواصف، بقيت أنت ذات المرأة، التي تعلو ولا تهبط، صابرة ومتفانية، لأجل والدي ولأجلنا، ياصاحبة القلب الكبير. عندما أستعرض تلك المرحلة، أتذكر لماذا والدي يعشقك كحبيبة وزوجة ورفيقة درب، لانك الوحيدة القادرة على حمله الثقيل الذي شلفه على أكتافك. كنت تعانين بصمت وتنتظرين الظلام لترمي دموعك بعيداً عن نظراتنا، تنوسين بين الضعف والتعب لكنك في النهاية تعودين إلى نفسك لتكوني لبؤة بكامل أركانها لتحافظي على أسرتك في تلك الغابة التي كنا نعيش فيها حيث لا أحد بمقدوره أن يطأ حدود أرضك. كنت صغيرة وأراقبك عندما ترغبين بالجلوس في العتمة، لم أدرك لحظتها لما العتمة تغمر البيت، لكنك كنت بحاجة إليها كي تضعي أحمالك في ركنها المخفي ومن ثم تعودين وابتسامتك مرسومة لكي لا أسألك أبدا...
خمسة أعوام وما أثقلها عليّ وخاصة على والدي، وهو ينتظرك كي تدقي باب الغرفة كعادتك وتعودي إليه، لقد أخذتِ بثأرك منه ومنا أيضاً، حسمت الأمر وأبكيتِنا جميعاً، أصبحنا متعادلين لا مغلوب إلا نحن بغيابك، أطال الله انتظاره لكِ! كلما تحدثت مع حبيبك لا بد أن نسترجع بعض القصص التي حدثت معكما أو معنا في غيابه ونكرر عباراتك المتميزة ونستعرض أحكامك، كم كنت دقيقة بحكمك وبمفرداتك التي لا تُنسى ياغاليتي! ولا ننسى تعليقاتك وتوجيهاتك التي تملينها علينا عبر ابتسامتك الجميلة التي نحب، كانت تثلج قلوبنا، يا أجمل ابتسام.
مرة قلتُ لوالدي: أمي شخصيتها مميزة حقيقة ولكنها متسامحة لأبعد الحدود أنا كنت مندهشة من هذه السمة وتنهش الأسئلة رأسي دون أن أتجرأ أن أبوح بها، كيف كانت تقابل الأذى الكبير بالتسامح، فأجابني بكلمة واحدة: أنسيتِ ياصغيرتي؟ سبق وقلت لك أمك ملكة وملكة قلبي ايضاً، وهذا مايميزها عن باقي البشر.
لا أخفيك ياوالدي أحاول مراراً تقليدها لأكون متسامحة مثلها ولكني أفشل، لن أصل إلى مرتبتك ياملكة قلبنا. لترقدي بهدوء وسلام يا أرقى النساء وأجمل الأمهات يا أروع نجاة.
ابنتك الشقية:



#ندى_مصطفى_رستم (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متْ قاعد
- نص بحاجة للعنوان!
- للسوريين اشتياقهم
- اليوم العالمي للاجيئن
- هي والأغبياء
- متحف لأظافر طاهره!
- متحف الأظافر!
- رحيل بلا دموع
- دعني!
- إلى مصور!
- كابوس
- كاميرا
- هوية مفقودة!
- لن ألومك!
- تساؤلات /3/ اهمية التقويم
- عداوة الكورد تجارة خاسرة!
- تساؤلات -2-
- علبة بين الحقيقة والحلم،،،
- رسالة لم تصل بعد!
- وبقي الوشاح


المزيد.....




- في النظرية الأدبية: جدل الجمال ونحو-لوجيا النص
- السينما مرآة القلق المعاصر.. لماذا تجذبنا أفلام الاضطرابات ا ...
- فنانون ومشاهير يسعون إلى حشد ضغط شعبي لاتخاذ مزيد من الإجراء ...
- يوجينيو آرياس هيرانز.. حلاق بيكاسو الوفي
- تنامي مقاطعة الفنانين والمشاهير الغربيين لدولة الاحتلال بسبب ...
- من عروض ايام بجاية السينمائية... -سودان ياغالي- ابداع الشباب ...
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- وَجْهٌ فِي مَرَايَا حُلْم
- أحمد مهنا.. فنان يرسم الجوع والأمل على صناديق المساعدات بغزة ...
- نظارة ذكية -تخذل- زوكربيرغ.. موقف محرج على المسرح


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ندى مصطفى رستم - القلب مسكنك