أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صوت الانتفاضة - بواكير الفلسفة عند حسام الالوسي 1936-2013














المزيد.....

بواكير الفلسفة عند حسام الالوسي 1936-2013


صوت الانتفاضة

الحوار المتمدن-العدد: 7812 - 2023 / 12 / 1 - 16:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


(ان دعوى ابتدأ الفلسفة مع اليونان دعوى فارغة) (الفلسفة لم يكن لها يوم منه بدأت وفيه ظهرت).

في بعض الأحيان تبحث عن إجابة لأسئلة تدور في ذهنك عن أصل الفلسفة ما كانت؟ هل كانت ميثولوجيا ام تجارب بشرية طويلة؟ وهل صحيح انها ابتدأت مع اليونان؟ ولماذا اليونان بالذات نضجت فيها الأفكار الفلسفية وبلغت الذروة؟ فتطالع الكثير من الآراء هنا وهناك، لكن ما يجمع عليه اغلب الفلاسفة والمفكرين هو ان الفلسفة بدأت في اليونان، ويرون انها تطورت من الميثولوجيات القديمة "هوميروس، هزيود، الاورفية"، مع ان برتراند راسل في كتابه تاريخ الفلسفة الغربية يقول "لن تجد في التاريخ كله ما يثير الدهشة، او ما يتعذر تعليله، أكثر ما يدهشك ويتعذر عليك تعليل الظهور المفاجئ للمدينة اليونانية" وهذا أحد الآراء المثالية التي جرت خلفها الكثير من التفسيرات الخاطئة، والا فما معنى "ظهور مفاجئ"؟ وهناك اراء تقول بوجود "عقل خاص امتاز به اليونانيين" او "المعجزة اليونانية"، وهذه الآراء تدور ضمن فكرة "التفوق القائم على الجنس" وتقود بالتالي الى ما يسمى "المركزية الأوروبية".

لا يمكن نكران او تجاوز ما قدمته اليونان من منجز فكري كبير، فبارتملي سانتهيلير في مقدمته لكتاب ارسطو "الكون والفساد" يذكر العشرات من الأسماء التي لمعت في الادب والفن والفلسفة والفلك والجغرافيا والرياضيات والتاريخ والطب، لكن ذلك لا يعني ان اليونان ظهرت بشكل مفاجئ، من باب قيل لها "كوني فكانت"، فهذا ما تسوقه الكثير من الأبحاث والدراسات، وهذه مشكلة دراسة تاريخ الفكر من خلال الفكر، التي تنتهجها المدارس الفلسفية المثالية، وهي الغالبة في هذا العصر.

في عام 1973 يصدر أستاذ الفلسفة في جامعة بغداد الراحل حسام محي الدين الالوسي كتابه الرائع "بواكير الفلسفة قبل طاليس"، خارجا عن الفهم المثالي الشائع، مبديا منهجية مادية علمية "التصور المادي للتاريخ او المادية التاريخية"، فمن خلال ستة فصول مطولة أكد كما يقول "ان اليونان ليسوا أول من بدأ الفلسفة والعلم والتجريد أو التنظير، فأنه ليس هناك وقت ولا مكان يمكن ان يقال انه فيهما أو معهما بدا العلم والتفكير والتعميم"، وهذا هو جوهر ما بحثه الكتاب، فهو يبدأ بعرض مفصل وشامل للآراء التي تدور حول اصالة الفلسفة اليونانية، متتبعا اراء الباحثين أمثال زيلر وبرنيت وجومبرز وغيرهم، ناقدا لهذه الآراء، وطارحا لآراء أخرى اكثر رصانة ومعقولية. ثم ينتقل الالوسي الى شرح نظرية المعرفة ودور العمل فيها على ضوء البحوث الاجتماعية والنفسية واللغوية، وقد أكد بهذا الفصل ان "الوعي هو نتاج فعالية الدماغ" أي دماغ بشري، ليس خاصا او محصورا بعرق او جنس معين، وهو يشرحها بمنهجية بافلوفية رصينة، وليثبت بالدليل الكافي على "ان وصول الأنسان الى التعميم والتنظير والادراك وبناء معارفه قد تم كله قبل مجيء اليونان".

وفي الفصل الثالث يبحث الالوسي مدى "علمية" الفكر اليوناني قبل سقراط، وفي هذا الفصل نجد اجرأ وأخطر رأي يطرحه أستاذ فلسفة حول الفلسفة اليونانية، فهو يرى ان ما يسمى ب "أوج ازدهار الفلسفة اليونانية متمثلة في تكون المدارس الفلسفية بالمعنى العميق والكامل على يد افلاطون وارسطو والرواقية والافلوطينية المحدثة هو نفسه-أي هذا الاوج- هو حضيض العقلانية" فهي نفس تصورات البدائيين "موضوعة بكلام منمق ونظام فلسفي يخفي على غير الخبير معدنها الميثولوجي البحت"، فما هي فكرتا "المثل والتناسخ عند افلاطون وهي كل فلسفته، وما الاله المحرك الغائي والعقول الفلكية عند ارسطو وهي عماد ميتافيزيقاه، وكذلك ما فكرة افلوطين عن الفيض، والواحد الذي يلد، والبذور التي تصدرها النفس الكلية الا ترهات خرافية يضحك طلبتنا علينا ونحن ندرسها، مهما حاولنا تحصينها بالكلام الصعب واللفظة الرنانة والحجة العقلية! اليس اوج العقلانية في الفلسفة هو حضيضها اذن؟" ثم يقول بشكل رائع "نفس هذه العقائد عند البدائيين يسموها خرافات واعتقادات ولا يسموها فلسفة". انها اراء جريئة تصدر من عقلية ناقدة فذة، لم تنظر لهذه الفلسفة او تلك نظرة دوغمائية، جامدة، مقدسة.

لكن كيف تطورت الفلسفة في اليونان؟ يبحث الالوسي تلك المشكلة عبر منهجية ديالكتيكية، فهو يرى ان وجود تحول نوعي، كيفي في الحضارة اليونانية لا يمكن ان يكون دون اثر لتقدم حضارات عليها، وهو يشتغل بقانون "التحولات الكمية البسيطة تنتهي في مرحلة محددة الى تحولات كيفية وبالعكس"، ومعنى ذلك ان "تجمعات التحولات في نواحي الحضارة المختلفة، في العلوم والصنائع، والفنون، وسائر النواحي الأخرى، كالاعتقادات والنظم، التي قدمتها وانجزتها البشرية قبل اليونان، انتهت مع اليونان، وبدء القرن السادس ق.م، وتحت ظروف معينة الى تحول كيفي وطفرة"، ان المرء ليبتهج وهو يسمع ويقرأ التصور المادي للتاريخ، بقوته ورصانته.

لا نملك الا ان نقول شكرا لهذا الإرث الفكري والفلسفي الرائع الذي تركه لنا أحد أساتذة الفلسفة بجامعة بغداد من زمن مضى، شكرا من القلب للراحل طيب الذكر حسام محي الدين الالوسي الذي اعطانا تصورا ماديا علميا في بحثه لمسألة غاية في التعقيد، وهي "نشأت الفلسفة اليونانية".



#صوت_الانتفاضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عمال وموظفي إقليم كوردستان والحراك الاحتجاجي
- جردة اخبار البلد
- (الاستخبارات تطيح بأبو الستوتة المحرض على مقاطعة الانتخابات)
- في العالمي للطفل 5500 طفل قتل في غزة
- ما معنى المشاركة في الانتخابات؟
- انتحار الطبيب النفسي لنتنياهو
- اقتل بسرعة
- غزة بين الرياض وواشنطن
- جدار برلين وجرة باندورا
- يوميات الحزن في غزة
- عندما تكون مأساة الناس ورقة تفاوض
- (البقاء للأعنف)
- (تمييز المدنيين)
- فشل مجلس الامن يعني مزيدا من القتل
- ما بين الاوكرانيين والفلسطينيين
- كالعادة فشل مؤتمر -السلام- في القاهرة
- الفلسطينيون والبحث عن ارض
- 100 مليون دولار لغزة
- هل إسرائيل فوق القانون؟
- الى أين يؤدي جنون السياسة الامريكية في منطقة الشرق الاوسط؟


المزيد.....




- تربية أخطبوط أليف بمنزل عائلة تتحول إلى مفاجأة لم يتوقعها أح ...
- البيت الأبيض: إسرائيل أبلغتنا أنها لن تغزو رفح إلا بعد هذه ا ...
- فاغنر بعد 7 أشهر من مقتل بريغوجين.. 4 مجموعات تحت سيطرة الكر ...
- وزير الخارجية الفرنسي من بيروت: نرفض السيناريو الأسوأ في لبن ...
- شاهد: أشباح الفاشية تعود إلى إيطاليا.. مسيرة في الذكرى الـ 7 ...
- وفد سياحي سعودي وبحريني يصل في أول رحلة سياحية إلى مدينة سوت ...
- -حماس- تنفي ما ورد في تقارير إعلامية حول إمكانية خروج بعض قا ...
- نائب البرهان يبحث مع نائب وزير الخارجية الروسي تعزيز العلاقت ...
- حقائق عن الدماغ يعجز العلم عن تفسيرها
- كيف تتعامل مع كذب المراهقين؟ ومتى تلجأ لأخصائي نفسي؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صوت الانتفاضة - بواكير الفلسفة عند حسام الالوسي 1936-2013