|
(ريوق بروليتاري)
عادل علي عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 7799 - 2023 / 11 / 18 - 09:43
المحور:
الادب والفن
ورقتي (الثانية ) التي قدمتها اليوم بحق الاستاذ التربوي الراحل (فيصل شريف ) في التأبينية التي اقامها منتدى الزبير الثقافي في قاعة مدرسة الرازي
(ريوق بروليتاري) : عادل علي عبيد
عندما تجتمع هذه الوجوه الحزينة في هذا الصرح التربوي العامر ، و تحبس ما تبقى من دموعها ، لتعلن بوضوح عن حزنها المتجدد ، وفداحة خسارتها ، وتؤكد عمق الوفاء والدين لواحد من الاساتذة المربين ، والعاملين المخلصين ، والدعاة الرساليين الناكرين للذات ، والعاملين بصمت العرفاء والزاهدين ... فانه لعمري عين الوفاء لمن نفقد ونفتقد ، ونعم الدين لمن نستحضر ، ومنتهى الانتماء بمن نعتز .. اذن صدق من قال : هنا ( فلم يمت الانسان ما حيي الذكر ) . اليوم سادتي ، وبعد مسيرة العطاء التي احتوت تلك الشخصية الابوية النقية ، التي اجبرتنا لان نجتمع هنا ، لنؤكد ما استلهمناه من فيض العطاء ، وبهاء الصورة ، وجلاء السيرة ، ونقاء الشخصية ... كل ذلك وغيره ، جعلنا نقف مبهورين امام ميراث كبير من صور الايثار التي نافت على الافق ، لتؤشر على اسم (فيصل شريف) الذي نتفق جميعا ، ووفق ما وقفنا عليه من رثاء الاحبة ، يؤلف لنا الراحل ميراثا من القيم والمثل النبيلة ، من خلال عمل وجهد تكلل بالبناء والانتاج ، وحبا وانتماء لشرف المهنة ، وعطاء راح يعلن عن رسالة واضحة الى كل التربويين تقول : ان التربية هي العمل ، ان التربية هي البناء ، ان التربية هي العطاء ..نعم العمل والبناء والعطاء لصناعة جيل نافع ، وطالب مجد ، وانسان عامل مؤثر في محيطه ... عندما تستحضر (فيصل شريف ) هنا فكأنك تستحضر صورة المخلص المعطاء ، والبيان الصادق المتدفق ، والمؤثر الذي نذر مرتبه الشخصي الى فقراء التلاميذ ، ويتامى الطلبة والمحتاجين ، من ابنائه الذين اجمعوا على ان فقيدهم كان يمتلك صورة احادية بقيت مهيمنة في الذاكرة . تربوي مهني متمرس هادئ متسامح ملتزم بإنسانيته وامانته ، حامل للخصال والمزايا التي يضطلع بترجمتها المعلم الحقيقي ، دمث الاخلاق طيب القلب والمعشر ، مبتسم قنوع يعمل بصمت المخلصين . حتى حدثني احد طلابه الكبار انه يعمل ما بعد دوام المدرسة بعيدا عن المغالاة والاستعراض ، لا اخفيكم من انني استقصيت ومسحت وسألت امس الكثير من طلابه الذين هم بأعمار متقدمة ، حسين ساجد ، مكي عباس ، محمد عبد الله جبر ، قاسم جمعه ..اجمعوا على انه الاب الحنون / المعلم والمدير والمربي الاخ الودود صاحب الاخلاق الرفيعة / المسامح الكريم / رجل يعطي كل ما لديه حتى انه لم يبق لنفسه باقية/ حتى قال لي احدهم احسم قولي بعبارة ، ان فيصل شريف معلم بلا حدود ، ليس في قاموسه مفردة للكلل او الملل . بالله عليكم سادتي هل هناك ثروة وذكر وارث وصورة يتركها الانسان مثل هذا الذي نسمع اكثر واكبر مما تركه الراحل الفقيد . صدق الله العلي العظيم : ( ... إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ... ) فاطر 10 . كان الراحل يتمتع بحسن بداهة وسعة خيال وخصب ذاكرة ، جاورته في سوق سوادي ، قدمت له يوما مسودة كتابي (الوجازة في تشييع الجنازة) وكان دكانه مكتبة للوراقين والصحافين والمجلدين ، كنا نجتمع والاخوة ابا ليث وجودة وعودة والاستاذ علي صبر وماجد القرغولي وخلف جولان واحمد الحسيني وعبد العظيم المشرفاوي نتبارى شعرا ، ونتثاقف ادبا ، ونتساجل نقدا ..حتى ان المنظمة التي كانت قريبة من زقاق السوق ابلغتنا من ان هذه الجلسات تحت عين الرقيب . المهم انه نظر الى المسودة فقال لي بعد ان اطلق ضحكته المعروفة : ( بشرفك عادل هسه احنه عايزين موت عايزين ضيم ؟ قلت له : ابا مؤيد حبوبي هو هذا واقعنا دورة مكرورة حرب وحصار وموت وهكذا دواليك ، فلا تليق بنا كل كتب الدنيا الا كتب الرثاء والموت والعزاء . فضحكنا جميعا بعد ان نادي على بائع اللفات قبالة محله نداءه المعروف : (ريوق بروليتاري) . اقول ، واستطيع ان اقول : هنيئا لعائلته ، هنيئا لأبنائه ، هنيئا لأجياله ، هنيئا لنا بهذا الانموذج الخير ، وهذا الانسان الانسان الذي افنى حياته مخلصا متفانيا في مهنة التعليم تلك المهنة التي قالوا عنها انها اصعب المهن واهم الرسالات . في غرفةِ الدرسِ أعطى الروحَ باريها /وارتاحَ من غَصَصِ الدنيا وما فيها أعطى الحياةَ كريماً دونما مللٍ / حتى قضى باعتزازٍ وهو يعطيها لم يَشْكُ من مرضٍ يوماً ولا تعبٍ/ فكلُّ نازلةٍ تأتيهِ يُخفيها ذو همةٍ وإباءٍ منذُ نشأتهِ / سَلِ الشهامةَ تندبُ خيرَ أهليها احمد البيطار
#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النص والصورة
-
فاروق عبود حمدي
-
الليل طويل يا حمد
-
الصالون الرياضي في البصرة (المنطلق والهدف )
-
حب في درجة 50 مئوي
-
خربشات
-
عبدة الشيطان
-
ما قالته الدموع الهوامل في رثاء (رعد هامل) :
-
اخيرا .. سافر مسافر شنان للقاء ربه !
-
(ناصر الكناني) الرجل الذي اخترق جدار العصامية
-
نعم ايها الزاهد :
-
انطولوجيا مدينة : (القسم الاول ) الزبير قبل سبعينات القرن ال
...
-
آريون
-
لاث محطات مربدية (المحطة الثانية)
-
ثلاث محطات مربدية (المحطة الثالثة)
-
لاث محطات مربدية (المحطة الاولى )
-
ورقة نقدية
-
عطشان تركي
-
ومضات شاخصة من جلسة اتحاد الادباء والكتاب لمناسبة يوم السرد
-
يوم الزبير الدامي الشيخ احمد ..العود احمد
المزيد.....
-
وفاة الممثل الأمريكي ريان أونيل عن عمر ناهز 83 عاما
-
تدمير مسجد عبد الكريم الشاعر في خان يونس جراء غارة إسرائيلية
...
-
-في ألسنة اللهب- يحرز جائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان البحر ا
...
-
نائب مندوب روسيا يفاجئ الحاضرين بالحديث باللغة العربية خلال
...
-
الفائز بنوبل للآداب يون فوسه: الكتابة يمكن أن تنقذ الأرواح
-
صاحب قصيدة -إذا توجب أن أموت-.. أصدقاؤه وزملاؤه: مقتل الكاتب
...
-
-اقتصادية قناة السويس-: استقبال 244 سفينة بالسخنة والأدبية
-
رفعت العرعير.. فلسطينيون ينعون الكاتب والشاعر الذي قُتل في غ
...
-
-الأستاذ- الفلسطيني يحصل على جائزتين في ختام مهرجان البحر ال
...
-
استشهاد الشاعر والمترجم الفلسطيني رفعت العرعير بقصف إسرائيلي
...
المزيد.....
-
الهجرة إلى الجحيم. رواية
/ محمود شاهين
-
سعيد وزبيدة . رواية
/ محمود شاهين
-
عد إلينا، لترى ما نحن عليه، يا عريس الشهداء...
/ محمد الحنفي
-
ستظل النجوم تهمس في قلبي إلى الأبد
/ الحسين سليم حسن
-
الدكتور ياسر جابر الجمَّال ضمن مؤلف نقدي عن الكتاب الكبير ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال وآخرون
-
رواية للفتيان ايتانا الصعود إلى سماء آنو
...
/ طلال حسن عبد الرحمن
-
زمن التعب المزمن
/ ياسين الغماري
-
الساعاتي "صانع الزمن"
/ ياسين الغماري
-
الكاتب الروائى والمسرحى السيد حافظ في عيون كتاب ونقاد وأدباء
...
/ السيد حافظ
-
مسرحية - زوجة الاب -
/ رياض ممدوح جمال
المزيد.....
|