أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - النص والصورة















المزيد.....

النص والصورة


عادل علي عبيد

الحوار المتمدن-العدد: 7782 - 2023 / 11 / 1 - 15:17
المحور: الادب والفن
    


(1)
نلجأ في كثير من الاحيان الى توظيف الصورة مع النص على امل تعزيز النشيد والهدف الذي يرنو اليه الناص ، هذه العملية دائما ما نجدها في كتابات شبكات التواصل الاجتماعي كونها عملية سهلة باستطاعتك – من خلالها- اختيار الصورة من الخزين الهائل الذي تحتفظ به الشبكة العنكبوتية . الغريب في الامر ان نصا هنا يحتاج الى صورة ، ونصا آخر لا يحتاجها ! قد يكون النص الاول قاصرا بعض الشيء فيحتاج الى توظيف الصورة او انه يحتاج الى تعزيز الهدف من خلال اختيار لوحة او مشهد دال ومؤشر على حقيقة النص ، او قد يكون النص الآخر ابلغ من الصورة ، بل ان الصورة لا تشفع او تعزز او تثبت هدفه .
نعترف هنا ان النص يسهم في الذاتية ، بعيدا عن تداعيات الموضوعية التي تتخللها الاشكال الخارجية والتجريدات ، في حين يحافظ النص على الرؤية الاحادية التي تستهدف زاوية واحدة من الرصد . ولكن هذه الزاوية تكون ثابتة صلدة لا تخضع لنزعات الآخر ، اذن النص مرهون بالذات والصورة مرهونة بالموضوع .

(2)
اتذكر ان هيئة الاذاعة البريطانية BBC قد اصدرت ومن خلال مجلتها المعروفة (هنا لندن) سلسلة من الكتب لتعليم اللغة الانكليزية اسمتها English By Radio وهي سلسلة للمبتدئين والمتقدمين . ولكن اللافت للنظر انها عززت هذه الكتب بمجموعة من اللوحات الكاريكاتيرية التي لها علاقة بالقطعة التعليمية ، واستدركتها بتعليق فكه على امل توصيل المعلومة الى المتعلم . الامر الذي اكد ان الصورة المؤثرة (الكاريكاتيرية) قد تساعد على تعزيز الفهم وتقبل المعلومة ، لاسيما وهي تتضمن مفارقات تحث المتعلم على فهم اللوحة المرسومة . هذا الاسلوب معمول به في كتب تعليم اللغات والقواميس والمعاجم .. بل انتقل اخيرا الى اللوحات التعريفية واشارات المرور ومانشيتات السلامة المهنية والتعليقات الرياضية .. واستقر في اغلب مجلات وكتب ثقافة الاطفال ، ومثال ذلك سلسلة طرزان وكابتن جريف والقرصان الاعور وباتمان وسوبرمان ومغامرات ويت مان .

(3)
شاع في خمسينات وستينات القرن الفائت كتاب للكاريكاتيري المعروف الفنان الساخر (غازي) وهو فنان لويذعي ساخر عمل في مجلات وصحف عراقية معروفة ، ولقد وجه بوصلته على نقد المجتمع العراقي بطريقة مضحكة ولكنها بناءة ، بعدما سخر الامثال الشعبية والحكاية الفلكلورية وتقليعات المواريث الشعبية مع اللوحة الهادفة التي كانت تحاكي المثل الامر الذي حقق فيه غازي نجاحا كبيرا في اعتماد الامثال والحكايات الشعبية داخل البيت العراقي لاسيما واختار الفنان قطعا غريبا في نشر كتابه الذي لم يخل وقتها من اي بيت عراقي .
*(1): سألت المرحوم غازي من يقفز امام تفكيرك المثل ام الصورة ؟ ابتسم قائلا : انا كثير التفكير بل انا هائم دائما في محطاتي الخاصة تصور انني صائد سمك وطيور ماهر احيانا يأخذني مشهد ما واغور فيه لاجد ان سمكة اصطدتها تجرني وتعيدني الى امي .. وفعلا عرفت من احد الاصدقاء في بغداد ان المرحوم غازي لطالما نال بطولة الصيد العراقية ولسنوات حائزا على المركز الاول .
*(2) : لم يخل بيت عراقي من (كتاب غازي) ولطرافته وسلاسته ، والغريب ان العوائل العراقية كانت تجلس مساء في ايام الشتاء لتستمع الى رب البيت وهو يقرأ ما ورد في هذا الكتاب الذي اخذ وقتذاك مكانة خاصة ومساحة للترفيه .

(4)
اعترف ان (قصورة) الصديق الشاعر علي الامارة قد حققت هدفها بعد ان رصدها (علي) رصدا موضوعيا ثاقبا مستثمرا مرحلة راهنة من تاريخ العراق الحديث ، فجمع بين النص الشعري الحاذق واللوحة المعبرة ، وطار بهما الى اكثر من مكان ، والى مساحة واسعة من التصدير وترويج المعنى بطريقة جديدة ، الامر الذي جعل معرضه مرحبا به محليا واقليميا وعربيا . عزز الشاعر الفنان نصه بالموقف والمشهد الذي يعيشه الفرد العراقي ، مولفا ذلك بنقد شعري جريء للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يعيشها ، عامدا الى تتويج المعنى بتسابق النص واللوحة ضمن حلقة استشرافية يكملها قارئ النص نفسه ، وهنا كسر الناص حاجز التقليدية المعروف عن الشعراء وتمسكهم بأحادية المساحة لاسيما وهو يثقف الى دعوة الشعر (المتأخرة) لإشراك الفنون المعرفية الاخرى بالشعر وكسر عزلة الشعر ناهيك من انفتاحه على جل الحياة . تخللت رسائل الى الميدان (القصورة ) صور فوتغرافية وتخطيطات ولوحات ورسوم كاريكاتورية ونحوت ومانشيتات دللت على ان الشاعر كان يرسل دعوة الى بقية المثقفين لاعتماد مثل هذا اللون الذي يجده يسرع في عملية التثقيف وشحذ الوعي . ولا اجزم هنا ان تجربة الشاعر علي الامارة سابقة من نوعها بقدر ما تشكل انبعاثا لتجربة خبت يوما ولكن لعلي الامارة الفضل باتقادها وديمومتها .

(5)
حدثني احد الاصدقاء الذي عمل محررا في مجلات خليجية من انهم يعتمدون الصورة اكثر من النص ، واضاف صاحبي الذي عملت معه في مجلة محلية ان المجلات هناك تعتمد على جهود المصممين والفنيين اكثر من الكتاب والادباء من المحررين ، ذاك ان القول الفصل الآن وقياسا الى ما جادت به التقنيات الاتصالية والاعلامية الحديثة محدود ومرهون بالصورة ، واعتبر ذلك جزءا من السرعة والحداثة . واتذكر من انني اجبته اجابة اعترف من انها تحمل شيئا من (الخشونة ) العراقية ! من ان تلك مدرسة جديدة تنبري بها صحف ومجلات الخليج لوحدها وذاك ما نجده على فضاء منشوراتهم التي يكون للصورة السبق والمهيمنة وبعكس ما تقوم به المدرسة العراقية التي تعتبر النص سابقا على الصورة ، كما وان العاملين في مضامير النشر يعدون جهد النص نجاحا على الصورة ، ذاك ان النص مصنوع والصورة شبه جاهزة باستثناء الرسومات والنقوش والتخطيطات . كما ان ذلك يقودني الى ان شعبهم شعبا متقاعسا حسبما يردنا من القادمين من هناك ، اذ يجمع هؤلاء على ان العائلة في الخليج تنهض من نومتها بعد الساعة الواحدة ظهرا ، ويكون فطورها غذاؤها والفضل كل الفضل للشغيلة والخدم من البنغاليين والهنود وغيرهم ، فلا ضير اذا اعتمدوا هذا النوع من توظيفات الصورة لان صناعة النص يحتاج الى صبر واناة ووقت .

(6)
قبل اكثر من عشرين عاما اهداني استاذنا الشاعر الكبير عبد العزيز عسير احد دواوينه الشعرية ، واثارني غلاف الكتاب الذي تضمن خربشات وتخطيطات وانحناءات ومقوسات ومحدبات بين الصورة وايحاءاتها ، ولطالما امعنت النظر الى هذا الغلاف الذي حسبته في البداية لوحة سوريالية او واحدة من تخطيطات الدادائيين او تلك المدارس الفنية التي تعتمد الرمز في تخطيطاتها ، وكلما حاولت ان اسأله استاذنا الكبير عن مصدر الغلاف اتردد ظانا انه احد لوحات ضمنها المؤلف من مدرسة فنية ما ، واخيرا اعترف لي الشاعر (مبتسما) ان الغلاف من تصميمه ولكن الذي شغلني بعد ذلك – وانا الشكاك الغائي – سر تلك الابتسامة التي لطالما كان يعيدها وانا اسأل عن سر الغلاف . وتصادف يوما انني شاركت صديقي الشاعر في عمل في بيته كان يحتاج الى مساعدة ، وتحدد هذا العمل في مروحة سقفية تقع فوق فراشه ، حينها صارحني صديقي قائلا : يا عادل هذا ما كنت تبحث عنه في سؤالك الملح ! كان السقف رطبا وزحفت الرطوبة الى بعض انحائه فأسقطت جزءا من الغلاف الكلسي للسقف فجاءت لوحة معبرة قلما تجود بها ريشة فنان ، لكنه اسرني من ان قصائد واشعار طويلة قد نسجها من خلال ما جادت به اللوحة التلقائية التي تصدرت كتابه .

(7)
(الرسم شعر صامت وان الشعر رسم ناطق )
سيموندز
النص لوحة ، كونه يرتبط بتصدير الخيال وانتقال الرؤى التي تؤلف بطبيعتها مجموعة من الصور ، ان تأملية الناص تعني هجرته من مساحة الجسد الى المشهد الذي ينشده ، فهو يسافر ويطوف ويحلق حول تلك الصورة املا لاحتواء مشاهدها واستخلاص ما يمكن حصره من معالمها ، وصولا الى اختزال تلك الصورة ولو كانت تحتمل الاسهاب . ان ما يجمع الريشة واليراع هو المخيلة الخصبة ، فاللوحة تتحرى اكتمال الصورة ، والنص يتحرى اكتمال المعنى ، وكلاهما يصبان في محور الجمال . فعين الفنان وعين الشاعر كلاهما يتغيران طبقا لمستوى التأثير (اللوحة / الشعر) وبهذا يجمل هذا التتام هدفا واحدا ينسجم مع الروية والحس .
يجمع خالد خضير بين التخطيط والنقد ، ولكن هاشم تايه يصل التخطيط والرسم بالقصيدة ، في حين يعلق كفاح محمود عبيد على رسومه الكاريكاتورية في فعل مزدوج يتجسد بالصورة والتعليق .
استدراك :
- مسودات الكتاب هي مجموعة من تخطيطات اولية وخربشات ما قبل اكتمال اللوحة
- كان تورغنيف يرسم شخوصه على ورق قبل ان يشرع بكتابة نصه
- في مجال قواعد الاملاء تعتمد النقطة والفارزة والقوس والنقطتان والخط المائل والتساوي .. اشارات مساعدة لاكتمال معنى النص .

• اعترف امامكم ان سيفي اغتال الكثير من البشر في الخيال .. اغفروا لي وسامحوني

• انا اعلم ان الغفوة من بنيات الحلم / واعلم ايضا ان غفوة واحدة تعادل احداث العمر برمته / ذاك ان تلك الغفوة تحتمل وجوها واحداثا ومشاهد وعوالم لا عد لها ولا حصر / غفوة بسقف طويل خاطف امتد لثوان ليس الا تنكشف الحياة امامك / جرب مرة ان توحي لنفسك دورا قبل غفوتك ، انحشر بها بعدما تتخلص مما يعتورك من جدة التفكير ، ستجد انك تمتلك من الخوارق اللواحق ما ينوف احداث هوليود ومشاهد الخيال العلمي في عصر ما قبل الجليد وانحسار الديناصورات / اي خيال ملتبس بالحقيقة نعيش قبل نومتنا / واي جنون نخفي / اي قدرة نمتلك ونحن نتأرجح بين سمو الذات واضمحلالها ؟ / اعترف انني اول المجانين هنا ، واعترف ان ذاتي الأخرى اذا فاقت عقلي الحقيقي القاصر حينها سأنال درجة الجنون بشرف !

• سأغير طريقتي في الكذب / سأتخذ شكلا آخر ، ونمطا جديدا غريبا / سأمتهن الكذب هذه المرة بلا اقنعة ، بلا توريات / سيكون دوري مباشرا ، لا حدود او حواجز او جدران .. / سأدور على كل الميادين ، سأطوف كل المضامير ، واستثمر دوري في الكذب / الكذب الذي سيؤلف هويتي القادمة ، ووجهي الآتي / سأثور على الصدق الذي اضطهدني ، الذي جعلني عاطلا معزولا منبوذا / سأكون اصدق الكذابين .



#عادل_علي_عبيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاروق عبود حمدي
- الليل طويل يا حمد
- الصالون الرياضي في البصرة (المنطلق والهدف )
- حب في درجة 50 مئوي
- خربشات
- عبدة الشيطان
- ما قالته الدموع الهوامل في رثاء (رعد هامل) :
- اخيرا .. سافر مسافر شنان للقاء ربه !
- (ناصر الكناني) الرجل الذي اخترق جدار العصامية
- نعم ايها الزاهد :
- انطولوجيا مدينة : (القسم الاول ) الزبير قبل سبعينات القرن ال ...
- آريون
- لاث محطات مربدية (المحطة الثانية)
- ثلاث محطات مربدية (المحطة الثالثة)
- لاث محطات مربدية (المحطة الاولى )
- ورقة نقدية
- عطشان تركي
- ومضات شاخصة من جلسة اتحاد الادباء والكتاب لمناسبة يوم السرد
- يوم الزبير الدامي الشيخ احمد ..العود احمد
- الفنان الكبير ماجد عباس : الحرص المسؤول والمهنية العالية ..


المزيد.....




- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...
- فيلم -شهر زي العسل- متهم بالإساءة للعادات والتقاليد في الكوي ...
- انقاذ سيران مُتابعة مسلسل طائر الرفراف الحلقة  68 Yal? Capk? ...
- فيلم السرب 2024 بطولة احمد السقا كامل HD علي ايجي بست | EgyB ...
- أستراليا تستضيف المسابقة الدولية للمؤلفين الناطقين بالروسية ...
- بعد إطلاق صندوق -Big Time-.. مروان حامد يقيم الشراكة الفنية ...
- انطلاق مهرجان أفلام السعودية في مدينة الظهران
- “شاهد الحقيقة كامله hd”موعد عرض مسلسل المتوحش الحلقة 32 مترج ...
- -سترة العترة-.. مصادر إعلامية تكشف أسباب إنهاء دور الفنانة ا ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عادل علي عبيد - النص والصورة