إلياس شتواني
الحوار المتمدن-العدد: 7791 - 2023 / 11 / 10 - 22:51
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ولد ديكارت (1596-1650م) لعائلة من صغار الأشراف في مقاطعة "التورين" الفرنسية. تلقى ديكارت في صغره تعليما يسوعيا و إسكولائيا و إلتحق في شبابه بالخدمة العسكرية في الجيش الهولندي الحليف أنذاك لفرنسا.عاش ديكارت في هولندا سنوات كثيرة إذ أن البلاد كانت تمثل جنة الباحثين و المضطهدين الدينيين في ذلك الوقت. أصيب ديكارت في أواخر عمره ببرد شديد في الرئتين و وتوفي متأثرا بذلك.
كان ديكارت مقتنعا بفكرة تجديد المنهج الفلسفي الذي سبقه إليها بيكون. ساعدته مهاراته في العلوم الطبيعية و الرياضيات في صياغة منهج للفلسفة يشبه إلى حد كبير المنهج الرياضي. في الجزء الثاني من كتابه "مقال عن المنهج" يوضح لنا ديكارت أربع قواعد للمنطق:
1. لا أقبل أي شيء على أنه حق.
2. أقسم المشكلات إلى أجزاء بمقدار ما يمكن.
3. أرتب أفكاري و أبدأ بالأمور الأكثر بساطة و أسهلها بحثا و معرفة.
4. أقوم بمراجعة و تنقيح كامل لكي لا أنسى شيئا.
الحدس، بالنسبة لديكارت، و ليس الإحساس أو التجربة، هو المصدر الأول للمعرفة. فقد وجد ديكارت أن الحواس لا يمكن الإعتماد عليها، فهي تخدع العقل الإنساني بإستمرار. فهو يرى أننا يمكن نظريا أن نشك في قدرات الحواس، و الذاكرة، و الأفكار، و حتى وجود العالم الخارجي. لكنه وجد شيئا خالصا لا يمكن أن نشك فيه، و هو فكرة وجوده الخاص: "أنا أفكر إذن أنا موجود" (Cogito Ergo Sum).
ما الإنسان
هو شيء يفكر، و يشك، و يفهم، و يتخيل، و يريد، و يشعر، و يتصور. الشيء المسؤول عن كل ذلك لا بد أن يكون نفسا (Soul)، أي جوهرا روحيا، حيث التفكير الخاصية الأولية. هذه الفكرة لا يمكن على الإطلاق أن توجد أو تتحرك في الوعي البشري إذا لم تكن لها علة كافية لإنتاجها. هذه الفكرة هي الله. فالله، الموجود اللامتناهي، هو عبارة عن فكرة قد "طبعت" في عقولنا المتناهية، فلا بد من وجود ذلك الموجود اللامتناهي لكي يوجد هذه الفكرة.
يعرف ديكارت الجوهر في كتابه "مبادئ الفلسفة" بأنه "شيء موجود لا يحتاج إلى شيء سوى نفسه لكي يوجد"، و هذا التعريف لا ينطبق سوى على الله. فالعقل و المادة هما الجوهر، لأنهما لا يحتاجان سوى إلى الله لكي يوجدا. فالعقل له صفة التفكير و المادة لها صفة الإمتداد. حيث المادة تؤثر في النفس، و توجه النفس في عدة أوقات المادة، و هذه الرؤية هي ما تسمى "بمذهب التأثير المتبادل" (Interactionism). فالإنسان يختلف عن باقي الكائنات في أن له نفسا، أما النباتات و الحيونات فهي عبارة عن آلات مجردة من العقل و الروح و الإحساس.
لقد كان ديكارت الفيلسوف الأول العظيم الذي كتب باللغة الفرنسية. في سنة 1633 وضعت أعمال ديكارت في قائمة الكتب الممنوعة في روما. لقد كان إنجاز ديكارت العظيم هو إستنباطه أن الله و المادة عمليتين مقترنتين و متوازيتين لأنهما يشكلان صفتين لجوهر و أصل واحد.
#إلياس_شتواني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟