أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله عطية شناوة - لا سبيل لتبرير جرائم الحرب














المزيد.....

لا سبيل لتبرير جرائم الحرب


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7774 - 2023 / 10 / 24 - 04:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


تواصل إسرائيل، منذ 12 يوماً، قصف قطاع غزّة دون توقف تقريباً. حتى الآن، ألقت الطائرات الإسرائيليّة آلاف الأطنان من الموادّ المتفجّرة فوق سكّان القطاع.

ليست هذه المرة الأولى التي تقصف فيها إسرائيل قطاع غزّة على هذا النحو. فقد طبّقت إسرائيل سياسات غير أخلاقية وغير قانونية في جولات قتالية سابقة قُتل خلالها الآلاف، بضمنهم عائلات بأكملها، وأصيب آلاف آخرون بجراح وبقي عشرات الآلاف دون مأوىً. لكنّ إسرائيل في هذه المرّة أوغلت في التطرّف أكثر فأكثر وأعلنت مُسبقاً أنّها تبتغي الانتقام من حركة "حماس". وقد وعد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتحويل الأماكن التي تستعدّ وتختبئ فيها حركة "حماس" إلى خرائب ودعا سكّان قطاع غزّة: "اخرجوا من هناك الآن. نحن سنقوم بعمليّات في كلّ مكان وبكامل القوّة". من جهته، أوضح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي "إنّ التركيز في هذه المرّة سيكون فعلاً على إلحاق الأضرار لا على الدقّة".

النتيجة مُرعبة. لا توجد في قطاع غزّة أماكن يلجأ إليها السكّان ولا هُم يملكون وسيلة للدّفاع عن أنفسهم: لا توجد ملاجئ عموميّة، لا غرف آمنة أو أماكن آمنة في المباني، ولا صافرات إنذار تتيح لهم مُهلة للفرار. كلّ ما تبقّى لديهم هو الانتظار خائفين مرعوبين، على أمل ألا يصيبهم أذىً. لا يوجد في قطاع غزّة كلّه مكان آمن ومع ذلك، فرّ مئات الآلاف من منازلهم في محاولة يائسة لحماية أنفسهم وعائلاتهم. منهُم من قُتلوا أثناء فرارهم، منهم من قُتلوا في الأماكن التي نزحوا إليها إذ وجدوا فيها ملجأ، ظنّوه آمناً. تجاوز عدد القتلى حتى الآن الـ3,000 بضمنهم عشرات الأسَر قضت نحبها داخل منازلها ومُحي ذكرُها.

أعداد القتلى تزداد يوميّاً ولا يزال كثيرون مدفونين تحت الأنقاض ولا قُدرة على انتشالهم، بسبب الأعداد الهائلة وانعدام المعدّات والآليّات اللّازمة والقصف الإسرائيليّ المتواصل. ثلّاجات الموتى في المشافي مكتظّة والناس لا يستطيعون دفن موتاهُم. بعض الجثامين نُقلت إلى شاحنات تبريد وبعضها الآخر دُفن في قبور جماعيّة.

من بقوا على قيد الحياة مضطرّون إلى مواجهة واقع يفوق الخيال ولا يتصوّره عقل. فقد أصدرت إسرائيل تعليمات لأكثر من مليون إنسان تطالبهم بإخلاء منازلهم وسْط القصف المتواصل وفي خضمّ الحرب ومَن لا ينزح يعرّض حياته للخطر بالطبع. هذا المطلب وجّهته إسرائيل أيضاً إلى المستشفيات، ومنها مستشفيات ترعى جرحى الحرب ومرضى آخرين وتمكث فيها عائلات نازحة عن منازلها. لكن المستشفيات رفضت الانصياع لهذه التعليمات لأنّ تطبيقها أمرٌ مستحيل.

مئات الآلاف انصاعوا مُجبَرين ونزحوا عن منازلهم. بعضهم بقي في الشوارع وبعضهم لجأ إلى منازل آخرين أو إلى المدارس. في الأماكن التي استقبلت النازحين اكتظاظ شديد وظروف يستحيل تحمّلها. لا توجد أغطية وملابس تكفي الجميع، ولا توجد أيّة إمكانيّة للحفاظ على النظافة الصحّية ممّا يرفع منسوب القلق من انتشار الأمراض.

إغلاق معابر غزّة يهدّد بنفاد مخزون الموادّ الغذائيّة، وكذلك الوقود، البنزين والديزل، والأدوية والتجهيزات الطبيّة الأساسيّة. طوابير الغذاء تمتدّ وتطول والعائلات تحاول يائسة شراء القليل المتبقّي في المتاجر من موادّ غذائيّة. وقد أوقفت إسرائيل بيع الكهرباء لقطاع غزّة ومحطّة توليد الكهرباء المحليّة المتواضعة لا تعمل لأنّ إسرائيل أوقفت إمدادات الوقود أيضاً. مع انقطاع الكهرباء تعطّلت شبكات المياه والصّرف الصحّي ايضاً وبقي السكّان بلا ماء. في ظروف كهذه بالكاد تستطيع المستشفيات القيام بمهامّها، وهي أصلاً على وشك الانهيار تحت وطأة الأعداد الهائلة من الجرحى.

نحو مليونيّ إنسان في قطاع غزة يعيشون الآن كابوساً مُرعباً: قصف لا يتوقّف ولا وسيلة للاحتماء منه، انهيار تامّ لجميع المرافق والبنى التحتيّة، أحياء بأكملها مُحيت عن وجه الأرض، مئات الآلاف اقتُلعوا من منازلهم ومن هؤلاء كثيرون لا منازل لهُم بعد يعودون إليها لاحقاً. بلا كهرباء، بلا ماء، بلا طعام ولا دواء. قطاع غزّة مغلق من كلّ جانب، أي أنّه لا مكان يمكن الهروب إليه. لا شيء من تفاصيل هذا الكابوس يحدث خطأ أو استثناء. الواقع المروّع في قطاع غزّة هو نتيجة مباشرة لسياسات إسرائيل المعلنة.

تعمُّد إلحاق الأذى بالمدنيّين أمرٌ محظور، مهما كانت الظروف وأيّاً كانت الأهداف. لا هدف يمكن أن يبرّر ذلك: لا الجرائم المروّعة التي ارتكبتها حركة "حماس" في غلاف غزّة، ولا الحرب الشاملة على الإرهاب، ولا الرغبة في الإطاحة بحُكم حماس في القطاع. ولهذا، ليس ثمة أي سبيل لتبرير جرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل منذ 12 يوماً في قطاع غزّة.

تحاول إسرائيل الادّعاء بأنّها، خلافاً لحماس، لا تتعمّد المسّ بالمدنيّين. هذا ادّعاء كاذب كانت إسرائيل قد استخدمَته كذباً في جولات قتالية سابقة أيضاً، ناهيك عن أنّ إسرائيل صرّحت في هذه المرّة مسبقاً، وعلى لسان كبار مسؤوليها، بأنّها تعتزم قصف القطاع دون تمييز. في هذه المرحلة يجب أن تعلم إسرائيل ما يلي: سياسة القصف من الجو، على النحو الذي تطبّقه ضدّ منطقة هي من الأشدّ اكتظاظاً بالسكّان في العالم ويقلع في داخلها مليونا إنسان تحت الحصار، سوف ينجم عنها بالضرورة آلاف القتلى ودمار هائل. هكذا كان الحال في جولات قتال سابقة خاضتها إسرائيل في القطاع، وهكذا هو الحال في هذه المرّة أيضاً. أمام هذا الواقع، تسقط حجة "لم نكن نعلم".

بتسيلم
مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة / في 19 ـ 10 2023 أي قبل قصف المستشفى الأهلي المعمداني.
رابط البيان
https://www.btselem.org/gaza_strip/20231019_one_crime_does_not_justify_anothert_he_attack_against_civilians_in_gaza_must_end



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعتذار
- معركة خارج الحسابات العادية
- (( جريمة )) الأحتفاء بالحرية والجمال
- (( ثاني أقوى جيش في أوكرانيا ))
- ثقافة التأسلم وأنتعاش الميول النازية في أوربا
- حكم الشيوخ
- نبتهج أم نقلق من الأضطرابات في إيران؟
- نخب الغرب وخيانة المبادئ الانسانية
- المشهد العراقي .. صراع التحاصص
- وهم العودة الى ماض تبخر
- العربية والعبرية وإمكانيات التطور
- أنا ومحمد بن سلمان
- كابوس أردوغان
- لمحة تأريخية عن ترييف المدن العراقية
- أنه الصراع الطبقي يا سادة
- مستقبل العالم العربي في عالم متعدد الأقطاب
- اليسار الحقيقي واليسار الزائف
- ملامح صحوة عربية
- من يحول دون إيقاف -الحرب الروسية غير المبررة- في أوكرانيا؟
- رياء واشنطن وأتباعها في زعم حماية الحقوق والحريات


المزيد.....




- بحافلات مهجورة على طريق سريع.. العثور على قرابة 400 مهاجر في ...
- -بمزاعم دعم إسرائيل-.. خارجية إيران تعلن فرض عقوبات على 8 أف ...
- بريتني سبيرز وسام أصغري يتوصلان إلى تسوية للطلاق بعد زواج دا ...
- تشمل 14 دولة.. فعالية -نار الذاكرة- تنطلق في قلب موسكو
- حوالي 80% من الأسلحة الموجودة في منطقة العملية العسكرية تصنع ...
- الصحفيون.. أرواحهم ثمن للخبر
- السويد ترفض فكرة الصين للتحقيق في تفجيرات -السيل الشمالي-
- مسار -يصل إلى 5 سنوات.. -نيويورك تايمز- تتحدث عن شروط السعود ...
- الأمن الروسي: القضاء على عميل للمخابرات العسكرية الأوكرانية ...
- الاستخبارات الكورية الجنوبية تتهم كوريا الشمالية بـ-التخطيط ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عبدالله عطية شناوة - لا سبيل لتبرير جرائم الحرب