أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطية شناوة - وهم العودة الى ماض تبخر














المزيد.....

وهم العودة الى ماض تبخر


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7696 - 2023 / 8 / 7 - 20:55
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يتصاعد في عديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، نشاط تيار ثقافي عنصري يحمل مزيدا من مخاطر التفتت الأجتماعي، والأحتراب لمجتمعاتنا المنكوبة. هذا التيار الذي بدأ يحظى بشيء من الأنتشار، يحمل شعار ((العودة للجذور))، وهو يذكرنا يوميا بان العراقيين والسوريين واللبنانيين والمصريين والمغاربة والجزائريين الحاليين ليسوا عربا، وأن مشكلتهم تتلخض في تمازج أعراقهم النبيلة، مع عرق ((الغزاة العرب الوضيع)).

كثير هي الأشياء التي يمكن وقف سيرورتها، والبدء بها من جديد، من نقظة البداية. لكن التأريخ ليس من بينها أبدا، ولذلك تصبح دعوات العودة بالتأريخ الى الوراء، ليست رجعية فقط، بل عبثية ومدمرة حين تقترن بفكر عنصري، يميز بين الجماعات البشرية على أساس منحدراتها العرقية.

والحقيقة أن لأنتماءات الأثنية والثقافية التي يروجون للعودة اليها بعد ((تطهير)) المجتمعات من العرق العربي، ماتت بل، وشبعت موتا، منذ عصور سحيقة. وليس بأمكان أي منّا التأكد، من إتصال نسبه بكلكامش أو هانيبعل، أو رمسيس أو دريد ين الصمة. على مدى قرون تمازجت الدماء، والثقافات، وتكونت سمات مشتركة، مقابل تواري لغات وثقافات، بكل ما تحمله من أفكار وتصورات. ولا أدل على ذلك من أننا ما زلنا بحاجة إلى خبراء أجانب ليفكوا لنا نصوصا أثرية من لغات وادي الرافدين ووادي النيل وبلاد الشام، التي يدعي حاملوا شعار العودة ألى الجذور، ومنكروا وجود شعب عراقي وآخر سوري، وثالث مصري، الأنتماء اليها.

أبني الذي ولد في بلاد المهجر ولا يجيد لغة والديه، ولا يمكن إعتباره عراقيا أو مغربيا أو عربيا، إلا من باب المجاز. فماذا عن أبنائه وأحفاده؟ وأي معنى لأنتماء أحفاده الى أجداد عرب؟ فكيف لأجيال لا حصر لها تعاقبت منذ الغزو العربي، أن تنسب نفسها الى جماعات أثنية، كانت قد تفتت حتى من قبل الغزو العربي ((اللعين)) بفعل غزوات سابقة من جانب الفرس وروم بيزنطة وروما؟

أنها صبيانية تتلبس لباس العلم، وعنصرية تتستر بمظلومية تأريخية. ولا يستبعد أن تكون وراء تغذيتها جهات لا تريد خيرا بشعوب المنظقة وتخشى من تماسكها وتعاونها.

لا يهمني من يكون جدي التاسع أو العاشر أوالتسعون، ولا نسبة الدماء السومرية والآشورية والعربية والتركية والفارسية وحتى المغولية والتتارية التي يمكن أن تكون قد تمازجت في عروقي ووعروق أسلافي، ما يهمني أن أجد سبلا للتفاهم مع من يشاركني الأنتماء الى الوطن الحالي، الذي يحتضن عربا وكردا، تركمان وسريان وكلدان، شبك وأرمن ، مسيحيين ومندائيين وأيزديين وكاكائيين، مسلمين شيعة وسنة وربما بهائيين حرموا من التعبير عن معتقدهم الديني. ما يهمني أن يتعايش أبناء هذه الفسيفساء الرائعة، دونما حواجز عرقية أو دينية أو طائفية، فبالتفاهم والتعاون تتفتح آفاق التطور والرخاء.

أما العيش في الماضي وحواجزه العرقية والدينية، فلن يزيد مجتمعاتنا المنكوبة إلا تمزقا وهوانا ودمارا، ولن يربح أحدا من محاولات العودة الى ماض تبخر.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العربية والعبرية وإمكانيات التطور
- أنا ومحمد بن سلمان
- كابوس أردوغان
- لمحة تأريخية عن ترييف المدن العراقية
- أنه الصراع الطبقي يا سادة
- مستقبل العالم العربي في عالم متعدد الأقطاب
- اليسار الحقيقي واليسار الزائف
- ملامح صحوة عربية
- من يحول دون إيقاف -الحرب الروسية غير المبررة- في أوكرانيا؟
- رياء واشنطن وأتباعها في زعم حماية الحقوق والحريات
- نحن والمقاومة الفلسطينية
- السلام عليكم ورحمة الله
- الأشرار يغنون أيضا
- هل ستتكرر مأساة السودان في العراق؟
- عن (( الديمقراطية العراقية )) العتيدة!
- الغطرسة مكون أصيل في الشخصية الأوربية المعاصرة
- رحيل الفتى المتمرد
- حول الأخطاء اللغوية المزعومة في القرآن
- علمانيونا يتهيبون الإجهار بعلمانيتهم
- الحنين الى (( زمن الدولة المدنية ))


المزيد.....




- -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو ...
- -أمر أخلاقي وعادل-.. ترينيداد وتوباغو تقرر الاعتراف رسميا بـ ...
- السيدة الأولى للعراق شاناز إبراهيم أحمد تكتب لـCNN: فرسان ال ...
- السعودية.. تداول فيديو لمواطن يطلق النار من سلاحه بمكان عام. ...
- شاهد: -السحابة الخارقة- تضرب شمال فرنسا وهطول برَد بحجم حبة ...
- رصد طائرة غريبة وغير مألوفة في الولايات المتحدة
- مصر.. من هو إبراهيم العرجاني رئيس اتحاد القبائل العربية في س ...
- مشروبات كحولية لا ينصح بتناولها مع اللحوم المشوية
- أردى أحدها قتيلا.. شرطي أمريكي يخلص رجلا من أنياب كلاب شارد ...
- رئيس الوزراء الهنغاري: أوروبا تلعب بالنار


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطية شناوة - وهم العودة الى ماض تبخر