أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - الأشرار يغنون أيضا














المزيد.....

الأشرار يغنون أيضا


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7598 - 2023 / 5 / 1 - 22:13
المحور: الادب والفن
    


تنتشر على صفحات مواقع التواصل الأجتماعي مقولة تنسب إلى أحد المشاهير، على شكل نصيحة فحواها أن أبق حيث الموسيقى ومحبي الموسيقى لأنهم طيبون، فـ (( الأشرار لا يغنون )) حسب نص المقولة التي تجد رواجا وأنتشارا، بين الطيبين. وتشيع هذه المقولة وهم أن الفنون الإبداعية .. موسيقى .. غناء .. رقص .. سينما .. مسرح .. تشكيل .. إلخ، تحصن مستهلكيها من التطرف والتورط في الجريمة، ولا ينتبه أسرى هذا الوهم، إلى أن الأنطمة والمنطمات الشمولية بمختلف تجلياتها، والنازية الألمانية بوجه خاص، قد وظفت كل هذه الفنون في مكائنها الإعلامية، وسجلت عبر ذلك نجاحا هائلا في تشويه الوعي ونشر الفكر النازي والشمولي بشكل عام.

تأريخيا كانت الموسيقى بأكثر أشكالها بدائية مصاحبة للحروب والنزاعات، بل (( مبشرة )) باندلاعها، فنفير الحرب صوت موسيقي، ويتدرب الجنود أستعدادا للحرب على أيقاعات موسيقية، ونساء العرب كن يسرن خلف أبنائهن وأخوتهن وأزواجهن، ناقرات على الدفوف لتحفيزهم على القتال. لاحقا أستبدلت الدفوف بالطبول، و (( طبول الحرب )) هو أكثر المصطلحات شيوعا عن بدء النزاعات.

في طفولتي كانت تقام السرادقات الكبيرة في منطقتنا الفقيرة، للأحتفال بمناسبات الختان، وتحيي الأحتفال فرق شعبية، تسمى (( النقارة )) والأسم مأخوذ من الآلة الموسيقية الرئيسية في الفرقة وهي مثل طبل صغير، وتوفر الفرقة دروعا وسيوفا او عصي، يستخدمها ضيوف الحفل في الرقص على أيقاعات الفرقة، والرقص عبارة عن مبارزة بين شخصين تبدأ هادئة وتشتد مع تسارع الأيقاع، لكنها تنتهي بمصافحة وعناق بين المتبارزين. ثم يسلما عدتهما (( الحربية )) الى من يليهما في الرقص.

وفي شبابي ومع اندلاع الحرب مع إيران لعبت الموسيقى والغناء دورا أساسيا في التحشيد للحرب وتزيينها، ومن أغاني تلك الحقبة أغنية شريرة بشعة تمجد رجال الطيران، تقول بعض كلماتها:
وجهة الشمس وجهتي
ومدى الشمس ملعبي
وأنا الموت لعبتي
وجناحاه مركبي.

هذه الأغنية التي كتبت باللغة الفصحى، والتي تجعل من الموت مجرد لعبة، ربما لم يكن لها أثر كبير في استثارة النوازع الشريرة مثل ما فعلت أغان صيغت باللهجة الدارجة من قبيل:
فوت بيها وع الزلم خليها
والله لرقاب العدى نساويها ــ أي ننحرها ــ

وأكثر منها تأثيرا وانتشارا الأغنية التي يقول مطلعها:
يا حوم اتبع لو جرينة.
ومعناها بالعربية الفصحى: أينها الطيور الحائمة الجارحة، اتبعينا حين نصول على الأعداء لتنهشي أجسادهم.

هذا في مشرقنا، أما في الغرب فأن النازية الجديدة المنبعثة بقوة منذ بدايات العقد الأخير من الألفية الثانية المنصرمة، وهي أيضا تغني، حيث تنشط التنظيمات النازية الجديدة في أوربا، مثل القوة البيضاء White Power، في انتاج أنماط موسيقية غنائة تمجد النازية والعنصرية، ويجد أنتاجها رواجا أوسع فأوسع بين الشبيبة الأوربية.
وأفاد بحث أجري في السويد عام 1997 بأن 12% من شبيبة المدارس السويدية ما بين سني 12 و 20 عاما يستمعون الى هذه الموسيقى. وتببئ كل المؤشرات، بان هذه النسب قد تصاعدت بشكل كبير في العقدين الأخيرين.

وحسب معطيات تعود إلى عام 2007 توصلت لها مؤسسة أيكسبو Expo السويدية المناهضة للعنصرية فأن شركة الأنتاج الموسيقي الناشطة في السويد سفينسكا فيت ماكت بولاغ Svenska vit makt-bolag قد حققت انتشارا واسعا على الصعيد العالمي، وجنت ملايين الدولارات من مبيعاتها لعشرين الف عميل في خمسين بلدا.

إذن ليس الطيبون وحدهم من يغني، الأشرار هم أيضا يغنون، لكنه غناء يستثير نوازع العدوان والتدمير، لأن الفنون والثقافة بشكل عام، مثل باقي النشاطات الأنسانية، يمكن أن تغني إنسانية الفرد والجماعة، ويمكن كذلك أن تفرغهما من الانسانيه.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل ستتكرر مأساة السودان في العراق؟
- عن (( الديمقراطية العراقية )) العتيدة!
- الغطرسة مكون أصيل في الشخصية الأوربية المعاصرة
- رحيل الفتى المتمرد
- حول الأخطاء اللغوية المزعومة في القرآن
- علمانيونا يتهيبون الإجهار بعلمانيتهم
- الحنين الى (( زمن الدولة المدنية ))
- مشاعرنا
- رؤية بعد الستين .. عن أسباب سقوط قاسم
- السويد تتخلى عن غصن الزيتون
- حين يزيح العراقيون الغبار عن عراقيتهم
- السلاح النووي أداة ردع لا أداة أنتصار
- في السادس من كانون .. نحتفل أم نقيم مراسم للعزاء
- الفقر والنظافة
- من المسؤول عن تخلف اللغة العربية؟
- نظرة مكثفة لخريطة الصراع العالمي
- ((الصوابية)) القيمية تقترب من التحول إلى دين
- السدة ـ راغبة خاتون
- الشقيقان اللدودان .. سوريا والعراق
- إلغاء مفاعيل تشرين هدف الحكومة الإطارية


المزيد.....




- ما وراء الغلاف.. كيف تصنع دور النشر الغربية نجوم الكتابة؟
- مصر تعيد بث مسلسل -أم كلثوم- وسط عاصفة جدل حول فيلم -الست-
- ترحيل الأفغان من إيران.. ماذا تقول الأرقام والرواية الرسمية؟ ...
- الإعلام الغربي وحرب الرواية بغزة: كيف كسرت مشاهد الإبادة الس ...
- أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة
- يوروفيجن تحت الحصار.. حين تسهم الموسيقى في عزلة إسرائيل
- موجة أفلام عيد الميلاد الأميركية.. رحلة سينمائية عمرها 125 ع ...
- فلسطينية ضمن قائمة أفضل 50 معلمًا على مستوى العالم.. تعرف عل ...
- أفلام الرسوم المتحركة في 2025.. عندما لم تعد الحكايات للأطفا ...
- العرض المسرحي “قبل الشمس”


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله عطية شناوة - الأشرار يغنون أيضا