أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - السدة ـ راغبة خاتون














المزيد.....

السدة ـ راغبة خاتون


عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي


الحوار المتمدن-العدد: 7437 - 2022 / 11 / 19 - 22:38
المحور: سيرة ذاتية
    


أحاطت ضواحي بغداد الشرقية سدة أقيمت لحماية المدينة من عنفوان فيضانات نهر دجلة، التي طالما نكبت أحياء العاصمة العراقية، قبل إنشاء السدة التي لم يشغلني تأريخ أنشائها، مع أن ألقدر شاء أن تكون طفولتي المبكرة في الأكواخ الطينية التي شيدها المعدمون، خلفها من جهة الضاحية المسماة (راغبة خاتون) التابعة إداريا لقضاء الأعظمية.

في سنواتي المبكرة كان عبور السدة، رفقة أحد أفراد الأسرة الكبار، نحو ضاحية ( راغبة خاتون ) مثل الأنتقال من عالم الفاقة الى عالم الرفاه. فبدلا من عشوائية الأزقة في منطقة الأكواخ الطينية، تجد في راغبة خاتون شوارع منتظمة، بأرصفة ومسارات معبدة ومكسوة بالأسفلت، تتراصف على جوانبها مبان، أبعد من أن تكون فللا أو قصورا، لكنها كانت بالنسبة لطفل مثلي يعيش تحت سقف من جذوع النخيل والحصران المصنوعة من سعفه، تعلوها طبقة من الطين الممزوج بالتبن ليتماسك، وجدران طينية، كانت مباني راغبة خاتون المتواضعة في عيني الطفل الذي كنته، قصورا فارهة. ففي تلك المباني التي نادرا ما تزيد عن طابقين أو ثلاثة، تتلألأ مصابيح كهربائية وهاجة الضوء، مقارنة بضوء الفوانيس النفظية التي كنا نستضيء بها في كوخنا.

وفي تلك المباني شبكات لأيصال المياة النقية التي كنا نحصل على حصتنا منها بجهد مضني كتب على شقيقتي الكبرى أن تتحمله، حيث تنوء كل يوم بصفائح مياه تصعد بها السدة عائدة من أحدى دور ( راغبة خاتون ) التي أتفقت معها الأسرة على مدنا بالمياه النقية مقابل مبلغ مالي متفق عليه. ويحفظ ذلك الماء في خابية فخارية تسمى في العراق ((الحب)) بكسر الحاء. وقد خف ذلك العبء المضني عن شقيقتي بعد سنوات، حين جهزت منطقة الأكواخ بمنصات للتزود بالمياه بشكل جماعي.

وفيما كان عبور السدة رواحا ومجيئا تحت ثقل صفائح المياه عذابا لشقيقتي، كان عبورها، بالنسبة لي، رفقة والدي أو عمي الأكبر متعة هي الأكثر تشويقا. وتبلغ المتعة ذروتها عند الوصول الى شارع ( راغبة خاتون ) الرئيسي الذي تمخره حافلات نقل ركاب عمومي حمراء اللون، أنغليزية الصنع، بعضها مكون من طابقين، بالأضافة الى حافلات نقل عام ذات هياكل خشبية، لا تعود ملكيتها للدولة وأنما لأفراد. هذا فضلا عن سيارات التاكسي، والسيارات الخصوصية متعددة الطرز والألوان.

على جانبي الشارع الرئيسي الذي تتوسطه جزرة وسطية تتراصف محلات ذات واجهات مبهرة بالنسبة لي، أشدها إثارة لأهتمامي محل (( حلويات الخيام )) الذي تحول لاحقا إلى (( حلويات عبدالأمير )) الذي تتشامخ من خلف واجهته الزجاجية أهرامات البقلاوة والزلابيا وأصناف الحلويات التقليدية الأخرى المحشوة بالجوز والفستق.

وحين تكون الرحلة الى ذلك الشارع رفقة عمي الأكبر غالبا ما يكون هدفها مقهاه المفضل، لتدخين النارجيلة، وتبادل الأحاديث مع معارف له أو أصدقاء.

وفي ذلك الشارع شاهدت حدثين حفرا في ذاكرتي، وشاهد الشارع ـ دون أن يعبأ ـ أول عملين قمت بهما في حياتي وأنا في سن العاشرة.



#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشقيقان اللدودان .. سوريا والعراق
- إلغاء مفاعيل تشرين هدف الحكومة الإطارية
- نظرة على العراق ... دولة المليشيات
- سرديتان زائفتان في الحرب الأوكرانية
- حديث قديم يفضح وقائع جديدة
- تآكل ديمقراطية السويدية
- بوتين وشحة الخيارات
- الجدل حول الزعيم
- القضية الفلسطينية ضحية الإحباط العربي
- نظرة متأنبة لنتائج الانتخابات السويدية الأخيرة
- الأنتخابات السويدية: إلى اليمين در
- مالذي يؤلمني ويشدني للعراق؟
- الصدر جاد هذه المرة
- دور العامل الثقافي في التحولات الاجتماعية
- جبهة الإستنارة والموقف من الدين
- مآخذ الحسين على يزيد
- صراع الحيتان الإسلاموية الشيعية الحالي في العراق
- الديمقراطيات عرضة للإرتكاس
- بعض أسباب فشل التجربة القاسمية
- في رثاء تجربة إنسانية أكثر عدلا


المزيد.....




- أحد قاطنيه خرج زحفًا بين الحطام.. شاهد ما حدث لمنزل انفجر بع ...
- فيديو يظهر لحظة الاصطدام المميتة في الجو بين مروحيتين بتدريب ...
- بسبب محتوى منصة -إكس-.. رئيس وزراء أستراليا لإيلون ماسك: ملي ...
- شاهد: مواطنون ينجحون بمساعدة رجل حاصرته النيران داخل سيارته ...
- علماء: الحرارة تتفاقم في أوروبا لدرجة أن جسم الإنسان لا يستط ...
- -تيك توك- تلوح باللجوء إلى القانون ضد الحكومة الأمريكية
- -ملياردير متعجرف-.. حرب كلامية بين رئيس وزراء أستراليا وماسك ...
- روسيا تخطط لإطلاق مجموعة أقمار جديدة للأرصاد الجوية
- -نتائج مثيرة للقلق-.. دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف أهداف لحزب الله في جنوب لبنان ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - عبدالله عطية شناوة - السدة ـ راغبة خاتون