أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - سينما المشاعر واللعب علي تصوف المشهدية














المزيد.....

سينما المشاعر واللعب علي تصوف المشهدية


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7772 - 2023 / 10 / 22 - 08:21
المحور: الادب والفن
    


خان يلعب علي الحان شاعرية البادية والطفل المبروك:

كيف يصبح الشعر والأحلام الأنثوية وباطن الصحراء والارض البور، صورة سنيمائية ومشهدية هادئة حالمة؟ ستجد في فيلم محمد خان المعنون “الغرقانة”، المتنج عام 1993، خيال الصحراء وتفاصيل البادية تغزو اللحظة الزمنية، الصحراء.. وما تتسم به من فقر الثقافة والمدنية، ولكنها غنية بالشاعرية والخيال والاحلام الدائمة، والروح الصوفية، فأهلها يصدقون الأحاديث الدائمة، وينتظرون الفرج مثلهم مثل الصحراء التي تتسع لكل شئ دون ان تخصص لنفسها شئ تحتفظ به، فهي تائهة تبحث عن ذاتها الضيقة التي تاهت في اتساع الرمال والاودية والجبال والخيام.



“وردة” الأنثي الحالمة، فكل لحظة تري فارسها الذي يحمله فحولة الصحراء ووسامة الذكورة، يركب حصانه ويحملها خلفه ويطير بها الي الحب وندي الصباح في أحد الخيمة، يقابله واقع زوجها الدجال الذي يقهرها جسديا وروحياً، ويحول حياتها الي حلم بعيد عن هذا الفارس.



استطاع خان أن يحول حياة الدجال والحلم وأفراد البادية البسطاء الي روح واحدة سارية في ضربات الاقدام والرياح ونظرة السماء الي الأعين البريئة، والطفل مبروك، فتري تصوف المشهد ولحظات المؤامرة والتجسس من البعض للبعض كأنه طفولة ساذجة تستمع به، ولا تراه كالصراع والشر المعتاد.



تتحول حياة وردة الي المصلحة والخيانة عندما تجد فارسها في المدينة والتحضر، اي عندما يتحول حلمها البرئ الي واقع، وكأن خان يريد رسالة هنا عندما تتحول احلامك الي واقع متحقق، ستفقد برائتك ورومانسيتك، ستتحول إلي شخص نهم شره يريد السيطرة وتحقيق انانيته في ذوات الاخرين ستفقد بريق السماء، وطفولة الشعور.



يغرق الطفل في صورة شاعرية بين سماء صافية ونصف جسد غرقان ونصف اخر ينظر الي تيه البحر وهواء الصحراء، ويهرب الفارس الي اللاشئ، ولا تجد وردة سوي الموت غرقاً ايضا علي يد زوجها الدجال.

رائحة الحزن وفصول الخريف ترسم حياة رجل الخمسين:

تذبل أوراق الشجر، ويتغير لونها إلي لون الوحدة، وتصبح هشة فريشة الأرض، تشعر بالحزن وتنتظر تبددها وفنائها عندما تطير قليلا كلما اقتربت منها أحدي الاقدام او شئ متحرك لكي يدهسها ويهشمها كلياً. أيام وشهور وسنوات تمر علي رجل خمسيني مكتئب صامت، يعيش في وحدة اوراق الشجر الذابلة، يحاول الانتحار كل يوم بمسدسه دون جدوي. وهذا ما نجده في فيلم المخرج الأمريكي توم فورد المعنون بـ A Single Man” “.

كلما يقترب من الحياة يقترب منه الحزن ونهم الانتحار، يستعيد ذكرياته في كل شئ يراه في الحاضر، هذه المرايا المحيرة بين ابواب الماضي المغلقة، وأروقة الحاضر المتسعة، لا تمثل فائدة او قيمة له، يمتلك هذا الرجل وجود جسدي لا يستطيع حمل ذاته لثقله بالذكريات المفقودة وألم الحاضر، وضبابية لحظة المستقبل البعيدة.

شذوذ هذا الرجل الخمسيني، وبراءة كلماته وطفولية نظراته وصمته، تجذب كل من يراه لكي يقترب منه، ويتحدث معه واذا وجدت فرصة اكثر من ذلك، ان يصبح له صديقا او رفيقا علي السرير، او تقابله صديقة قديمة تنظر الي هذه الشفافية لكي تعطيه الحب المفتوح، هو أمام كل هذه الروح الاجتماعية المفتوحة له وفرص التقرب من ذكورية محببة له ولكنها مفقودة، او انوثة ناضجة متوهجة، يزداد حزناً ووحدة.

من المشهد الاول الي المشهد الأخير نجد تيمة البحث عن شئ وجودي هي الحاكمة لرمزية الفيلم، ولكنها مفهومة وكلية، فهي تتحول من الرمزية والاشارة الي بصريات حزينة تعلن عن نفسها في كل لحظة وكل كلمة، ففي البداية اعلن الرجل الخمسيني المكتئب بعدم وجود جدوي لشئ، وانه مطالب بانهاء حياته.

ولكن هذا الرجل يجد نفسه في مأزق ضيق جدا ولا يستطيع الاختيار واختبار ارادته، فهو ليس لديه حتي ارادة الموت بفعل الانتحار، وليس لديه ارادة الحياة البسيطة الهادئة، هذه الاحالات الحزنية وتفاصيل شاعرية مكثفة تظهر علي ملامحه وصمته الدائم الرافض أي شئ جديد قد يدخل علي نفسه قليل من البهجة والسرور.

أبيض كيسلوفسكي رمز البراءة يغسل الحياة بخجل وابتسامة مبتسرة:

يحاول كيسلوفسكي في فيلم ( الأبيض) المنتج عام 1994، تبيان رمزية العلاقة بين دولتين في هيئة ثنائية العلاقة الذكورية الانثوية، فرنسا القوية الشابة الذكية الطموحة، صاحبة الارادة الحرة والحديدية، يمثلها الطرف الأنثوي، وبولندا التي تعاني من مشاكل اقتصادية وتفكك مجتمعي هي الطرف الذكوري.

علاقة الحب هذه وما شاهدته من صراع بين أنثي تخفي حبها، وتقوم بالانتقام منه للتخلص من حبه، هي تمثل فرنسا كدولة كبري تقدمت اقتصاديا ولذا يتحتم عليها عدم الالتفات الي الجوار الاوروبي لها يعني بولندا.

هذه الحتمية في الرغبات وتطور العلاقة في الحب، هي نفسها تجري في دماء الدول والعلاقات الكبري بين المجتمعات.

مشهد النهاية من بكاء الحبيب وهي ينظر لها في زنزانتها بكل شغف، وهي تريد منه الزواج مرة اخري، دون جدوي او تطور درامي لتحقيق ذلك، يؤكد لنا علي استحالة تعاون بين طرف قوي وضعيف، وان ما تبقي حب مدفون مستحيل، ودموع ظاهرة باكية حزينة.

شاعرية هذه العلاقة تخفف من رمزية الفيلم الخشنة، فهناك غلاف شاعري صوفي يلون المشهدية، ويجعل المشاهد يتابع بشجن وروحانية عاليا للغاية، وهذه تيمة معروفة لدي كيسلوفسكي في كل افلامه، حيث الشاعرية الصوفية وتوحد العالم في الفرد، واندماج الافراد في الاشياء، بجانب تزواج الشر والخير معاً ليفرز معني وجودي صوفي رائع.

فكل مشاهد الصراع في الفيلم، وكلمات التحدي، ومحاولات الانتقام والشر هي ليس كذلك هي عنوان للحب والتوصف، وهذا ما نلاحظه في قيام الرجل الحبيب بالنظر الي حبيبته وهي جاءت لجنازته وهو لم يمت وكان يقف بعيدا وراء شجرة يشاهدها وهي تبكي عليه وعلي فقدانه الابدي، وهو يشعر بالسعادة انها تبكي عليه.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جماليات القبح.. وعلاقة المصري بالبيئة المحيطة
- هل كان فوكو سلطوياً ضدّ الإنسان
- فوكو وبورديار وإيديولوجيا التاريخ
- التحليلات الفلسفية والجمالية للفيلم وموقعها من سينما الحدث ا ...
- دريدا بين تصوف التأمل وروحانية التفكيك
- مبدأ السلطة في العلم والمعرفة بين توماس كون وميشال فوكو
- اطياف كانط في الفلسفة الحديثة والمعاصرة
- الاتجاه الفينومينولوجي في فيلم البحث عن سيد مرزوق
- المدرك الحسي والمجاز في السينما
- -قرن الماعز- البلغاري بين الصورة الواقعية الاشتراكية والروح ...
- جاك دريدا يقابل السيد نمش واشرف يوسف ويمنحهما قبلة - رؤية مت ...
- الوجودية
- إمكانات النقد في فلسفة ميشيل فوكو الكاتب: محمد الغريب
- مهاب ناجي ينتظر موتاه عند الترزي الاخير
- ثلاثة إضاءات فلسفية في سينما لوك جودار الفرنسي
- في فلسفة جماليات السينما: دلالات وملامح
- ملاحظات تشكيلية وجمالية حول لوحات عصام معروف
- اعترافات الجسد وكوابيس الكلمة عند -أن سكستون-
- جماليات الصورة التشكيلية والنقد الاقتحامي في نصوص الزعيم احم ...
- شربل داغر يقابل شارلي شابلن المريوطية ويفرض عليه طفولته وحبا ...


المزيد.....




- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - سينما المشاعر واللعب علي تصوف المشهدية