أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - -قرن الماعز- البلغاري بين الصورة الواقعية الاشتراكية والروح النسوية الكلاسيكية















المزيد.....

-قرن الماعز- البلغاري بين الصورة الواقعية الاشتراكية والروح النسوية الكلاسيكية


محمد احمد الغريب عبدربه

الحوار المتمدن-العدد: 7644 - 2023 / 6 / 16 - 22:53
المحور: الادب والفن
    


مشاهد من القتل المتكررة لرجال الخلافة العثمانية، ونية مستميتة للتخلص من كل ما هو عثماني يحكم ولايات البلغاريين في القرن السابع عشر، فتاة تستحوذ علي صمت جمالي في صورة مشهدية، فاستطاع المخرج البلغاري ميتودي أندونوف ذوع النزعة الاشتراكية وصاحب الصورة الخالصة المقتصدة ان يجعل الصمت الانثوي، علامة جمالية لا تتوقف عن النضب، فهذه الانثي الجمالية هي روح رجوليه في القتال وملمح ذكوري حيث انتوي والدها في الفيلم التاريخي النسوي البغاري "قرن الماعز" المنتج عام 1972، أن يجعلها فتي وليس فتاة، أن تكون مقاتلا حربيا ضد الوجود العثماني بكل تنويعاته حتي فنونه المختلفة.

ملامح الصورة
اعتمد المخرج علي الروح الواقعية في عرض الصورة، والاقتصاد في كل شئ، فليس هناك أحداث ينتظرها المشاهد تثير مخياله البصري والمتعي، ولكن هناك قصة مقتصدة واضحة تسترسل نفسها في صورة جمالية مقتصدة للغاية، حيث يحكي الفيلم عن ولاية بلغاريا في القرن السابع عشر، عندما كانت تحت الحكم شبه الإقطاعي للعثمانيين. ويبدأ الفيلم باغتصاب زوجة المزارع كارايفان وقتلها من قبل بارونات الأراضي القمعية المحلية، فيشعر بالغضب ويحرق المنزل ويخفي ابنته ماريا في صورة صبي ويدربها في فن اغتيال العثمانيين اينما حلوا بدون اي رحمة او شفقة.
وليس هناك جماليات مفرطة او جماليات بصرية، او جماليات متكلفة كما هو معتاد في الافلام السينمائية العظيمة والصورة الجمالية المميزة والنادرة، فالتشكيل الصوري، هو تشكيل الطبيعة، وهناك حالة كرنفالية للغابات والشجر، وحيوانات الماعز، وبعض الاحتفالات البلغارية، والتقاليد والثقافة البلغارية وقت هذه الفترة من التاريخ الانساني، بالاضافة إلي ان المونتاج كان مريحا وليس متكلفا او سريعا لتتبع الحدث، او طويلا لافراز اللقطة الطويلة الجمالية، فكانت الصورة متوازنة للغاية، ومريحة الي ابعد حد، فالمشاهدة ليست متعبة، وايضا ليست محفزة او جاذبة للجمهور.
يلاحظ ان سمة التناثر حاضرة في الفيلم، فالقطع في اللقطة قد يوحي بأنه هناك حدث منفصل ولكنه متتبع، فالاحداث متواصلة ولكن هناك تناثر ما في روح الصورة لدي الفيلم، وهي سمة مميزة لدي المخرج ميتودي، وقد اجاد توظيفها طوال الفيلم، وهي التي زادت من تقشف واقتصاد الصورة، كما ان الحوار بين المزاع كارايفان وبنته ماريا يتسم ايضا بالتناثر والبرود والاوامر والعنف، فهناك دموية لا حدود لها لدي بطلي الفيلم، فالاشتياق لدماء العثمانيين لا ينقطع لديهم، فهم دائما يخططون لمزيد من جثث الاقطاعيين.
صورة متفردة
وقد قارن الكثيرون فيلم "قرن الماعز " بالواقعية الايطالية الجديدة في ذلك الوقت من حيث اعتماد المخرج ميتودي علي الصور المقتصدة والجيدة والتأثيرات الطبيعية لتحقيق التأثير، ولكن الحال عند المخرج البلغاري مختلف، فلديه الروح الواقعية، ولكنها مختصة بفكره السينمائي، وايضا بالثقافة والفن البلغاري، والثقافة الشرقية السوفيتية الاشتراكية، ويمكن مقارنته بفيلم سارق الدراجة، التي جاء به اقتصادا للصورة ولكن اقل من فيلم ميتودي، حيث هناك جماليات للصورة تثير مخيال المشاهد، بجانب ان القصة بها اثارة وحدث شيق الي حدا بجانب واقعيته، فالمشاهد منتظر ما يحدث دائما، بخلاف فيلم "قرن الماعز" حيث هناك حدث، ولكنه حدث بارد مقتصد به تطورات للحكاية، وتغييرات في مجري القصة، ولكن ليست الاساس، فالسؤال هل يمكن اعتبار فيلم ميتودي اعلي في المستوي من حيث النواحي الفنية الجمالية والسردية والواقعية من فيلم دي سيكا؟.

نسوية كلاسيكية
تميزت شخصية ماريا ابنة المزراع البائس المقاوم للعثمانيين، بالروح النسوية الكلاسيكية، فهي رغم انها تعامل كفتي خفي يقاتل الاقطاعيين، إلان انها فتاة لديها روحها الامومية، وروح الانثي المعتادة، فهي تبحث عن عالم مستقر وامان بخلاف عالم والدها الشرس العنيف، ولكنها تعتاد علي عالم العنف والقتل واثارة الدم، والانتقام للأم البريئة المهدر دمها، وهي فتاة نسوية لديها طموح ماركسي، فقد ساعدت رجل اغتصب منه حصانه وقاتلت العثماني السارق وردت له حصانه بابتسامة هادئة اثنوية، كما انها تراجعت عن القتل اكثر من مرة نظرا لظروف انسانية بحتة، فالقتل لديها كان له حسابات انسانية بخلاف والدها المزارع. بجانب انها بحثت عن ملابس واحتفالات النساء، وقد سرقت ملابس رائعة الجمال انثوية لكي تتزيين بها لحبيبها، فهي ايضا ارادت ان يكون لها حبيبا تحبه فهي تشعر بداخلها بعوالم الانثي، ولكنها ايضا انثي محاربة شديد البأس، فقد قامت بمزيد من قتل العثمانيين نيابة عن والدها المزارع.
ماركسية تاريخية
روح الفيلم تتسم بروح المقاومة والانتقام للحق، دون الاعلان عن مقاومة الاستعماري العثماني صارحة او بشكل مباشر، فكان دافع المزارع كارايفان لقتل العثمانيين هو الانتقام لما حدث لزوجته، من اغتصاب وقتل، فتعددت مشاهد القتل، وكثرت الجثث، الا ان الصورة تعلن عن ثورة من فردين لقتال المحتل العثماني والدفاع عن الوطن البلغاري الام بكل جسارة وشجاعة لا مثيل لها، وهو امر مكلف جدا ويحتاج الي ادوات قتالية وروح ثورية وافرد كثيرون، ولكن فرديين فقط استطاعوا ان يحملوا مشروع ماركسي للمقاومة ضد العثماني الغاصب لارضه بكل غشومية وسيطرة لا رحمة لها. واستمر منحي المقاومة لحد اخر احداث الفيلم، فعمليات القتل لم تتوقف، وكانت تزداد تطورا، والفيلم يمثل احد الاعمال الوجودية التي عبرت عن الفن خلال فترة السبعينيات من الحكم الشيوعي للوطن البلغاري.
ايروتيك بدائي
في احدي لحظات الفيلم تحولت روح الاب المزراع الي قاتل حبيب بنته ماريا فهو يري انها فتي وليست فتاة فهو لا يري نساء في الحياة، فهو اصبح قاتل وروح البدائية حلت بدمه، ولا مكان في عالمه للحب. وماريا خالفت رغبة الاب واستسلمت بشكل رائع تحت الماء للحظات الحب مع حبييها بضحكات وابتسامات بدائية، وفي مشاهد متتالية قامت ماريا بارتداء ملابس نسائية، وقد احتفلت مع حبيبها بالزواج بينهم بشكل شخصي بينهم، في لقطات تعبر عن حب ابدي مع حبيبها، قام الاب بقتله، لتقوم بحرق المنزل وحرق نفسه، وينتهي الفيلم نهاية دموية عنيفة بدائية. فالوحشية تمكنت من الاب المزارع في كل شئ وليس فقط ضد العثمانيين، وانما تجا كل شئ حوله حتي بنته اعز ما يملك في عالمه البائس.



#محمد_احمد_الغريب_عبدربه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جاك دريدا يقابل السيد نمش واشرف يوسف ويمنحهما قبلة - رؤية مت ...
- الوجودية
- إمكانات النقد في فلسفة ميشيل فوكو الكاتب: محمد الغريب
- مهاب ناجي ينتظر موتاه عند الترزي الاخير
- ثلاثة إضاءات فلسفية في سينما لوك جودار الفرنسي
- في فلسفة جماليات السينما: دلالات وملامح
- ملاحظات تشكيلية وجمالية حول لوحات عصام معروف
- اعترافات الجسد وكوابيس الكلمة عند -أن سكستون-
- جماليات الصورة التشكيلية والنقد الاقتحامي في نصوص الزعيم احم ...
- شربل داغر يقابل شارلي شابلن المريوطية ويفرض عليه طفولته وحبا ...
- الديناصوري يحاور عاملون الليل الظالم ويمنحهم رسائله المشفرة ...
- ماركس وفوكو في جدليات الذات المتفردة ودورها في الصراع
- رمزية السلطة والخوف.. -في غرفة العنكبوت-
- الوعي والاستعمالية بين فوكو وكانط وماركس ومدرسة فرانكفورت
- مقهي ماركس : شاعرية حكي أنثي الخفة الباحثة عن عزلة البهجة ال ...
- عوالم نفسية وثقافية تخيلية تحلق في روح الكاتبة اريج جمال
- في كنائس لا تسقط في الحرب بحث دائم عن أطياف الموت والحياة بأ ...
- علامات سردية وجمالية في فيلم الاب الروحي
- ايديولوجيا الخطاب الثقافي والسينمائي والادبي المعاصر
- ابعاد متعددة في خطاب جماليات السينما


المزيد.....




- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد احمد الغريب عبدربه - -قرن الماعز- البلغاري بين الصورة الواقعية الاشتراكية والروح النسوية الكلاسيكية